نشر موقع «هيسبريس» مقالا للسيد أحمد عصيد كلها هجوم وسب في حزب الإستقلال بمناسبة تقديمه مذكرته حول الإصلاحات الدستورية وخاصة في النقطة المتعلقة بالهوية المغربية، وكعادة السيد عصيد الذي فقد الكثير من الرزانة الفكرية منذ سنوات وخاصة منذ ولوجه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث دار 180 درجة في عدد من القضايا ليس أقلها الحرف الذي تكتب به الأمازيغية، حيث سبق لعصيد في إحدى الجامعات الصيفية التي نظمتها الشبيبة الإستقلالية أن عبر عن رغبته في أن تكتب الأمازيغية بالحرف العربي، بإعتبار التراكم الذي تحقق خاصة في المدارس الدينية بسوس والتي تعتبر رائدة في هذا المجال، كما أن من شأن إعتماد الحرف العربي أن يساهم في تسريع تدريسها وإنتشارها، قول عصيد هذا جاء كونه معربا في مواجهة من كانوا يسعون إلى كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني نظرا لأن تكوينهم فرونكوفوني، والبقية يعرفها الجميع حيث تم إعتماد حرف تيفيناغ الحرف الأصلي للأمازيغية كحل وسط بين وجهتي نظر كانا في الطريق لكي يتحولا إلى معسكرين على شاكلة ما وقع بالنسبة لمدونة الأسرة .. اليوم السيد عصيد يتنكر لما طرحه سابقا لكن لابأس .. بالعودة إلى مقال عصيد في هيسبريس، نتوقف عند نقطتين مركزيتين حاول من خلال التكرار والإلحاح أن يرسخهما في ذهن القارئ، الأولى بناء التقابل ما بين الدفاع عن الأمازيغية كما يتصورها عصيد والوطنية ، فكل من لا يساير السيد عصيد وعشيرته في رؤيتهم للأمازيغية فهو خارج الوطنية، النقطة الثانية هي تصوير حزب الاستقلال كحزب قومي عروبي وبالنتيجة فهو غريب عن هذه البلاد ويجب على أعضائه أن يحزموا حقائبهم والعودة إلى نجد ومكة ..هذه هي العقلية التي لا تمل من الحديث عن الحداثة والعقلانية والنسبية ، بل تسعى في سبيل ذلك إلى الكذب ولي عنق المواقف وممارسة البتر وعزل الجمل عن سياقها وتقويل مذكرة حزب الإستقلال ما لم تقله.. بداية كاتب هذه السطور قيادي في حزب الإستقلال من زمور الأطلس المتوسط، ولا حاجة لي بعصيد أو غيره كيذكرني بأمازيغيتي التي تقرن وجوبا بمغربيتي، وأن عمق حزب الإستقلال الأمازيغي هو أكبر من أن يدركه أمثال عصيد ممن يعيشون في صالونات الفنادق المكيفة في الرباط أو الدارالبيضاء أو أكادير ..يكفي أن منطقة زمور قدمت ثلاثة من أبنائها كقادة للحركة الوطنية من بين الموقعين على وثيقة المطالبة بالإستقلال وهم : عمرو بناصر بن زكري، علال الرحامني وعبد الحميد الزموري الذي هو بالمناسبة خريج ثانوية أزرو التي كان الهدف منها هو عزل أبناء الأمازيغ عن الحركة الوطنية، وكان عبد الحميد الزموري عنوان عريضا على فشل هذه السياسة، كما لا حاجة لي كي أذكر بأن مدينتي الخميسات حاولت الإدارة الإستعمارية إلى تحويلها إلى مركز للتنصير في شمال إفريقيا في إطار تفعيل ظهير 16 ماي 1930، لولا تصدي الوطنيين بالخميسات وعلى رأسهم السي بوبية رحمه الله، حيث كانت الأسر الزمورية تتوجه سرا نحو سلا لتوثيق عقود الزواج كما تنص عليه الشريعة الإسلامية .. مهم هنا أن نذكر بما جاء في مذكرة الحزب حتى يتبين للقارء تهافت عصيد وإنطلاقه من أحكام / أحقاد مسبقة حول حزب الإستقلال ..جاء في المذكرة التنصيص على الأمازيغية هوية " ولغة لجميع المغاربة شأنها شأن اللغة العربية كلغة وطنية للجميع، يفرض توفير جميع الضمانات القانونية والحماية اللازمة لها في الوثيقة الدستورية وتأهيلها وتمنيعها وتطويرها بما يكفل هذا الطابع التعددي في أفق فرض مكانتها الجديرة بها في وطننا بتضامن وتكامل وتناسق مع اللغة العربية لمواجهة المد اللغوي الأجنبي في حياتنا الإدارية والعامة" مع " وجوب التنصيص دستوريا على أن اللغة الرسمية للبلاد هي وحدها المعتمدة في الإدارة المغربية والمؤسسات والمرافق والمصالح والشركات، والحياة العامة، وكل المعاملات مع المواطنين" السيد عصيد الذي أصيب بالحول، رأى في الفقرتين السابقتين تناقضا صارخا بالنسبة للحزب، فمن جهة يطلب الحماية الدستورية للأمازيغية، ومن جهة أخرى يلح على العربية كلغة رسمية لوحدها، مع العلم أن نص مذكرة الحزب لا تتضمن هذه العبارة بصفة مطلقة وأتحدى السيد عصيد أن يثبت العكس، فعندما تحدثنا عن اللغة الرسمية تحدثنا عنها في مواجهة اللغة الأجنبية المهيمنة فعليا على الحياة العمة والإدارية للدولة منذ الإستقلال ولم تنفع العربية التي كانت لوحدها لغة رسمية منذ دستور 1962 الحماية الدستورية كل هذه السنوات ، وعصيد لا يجرئ على إزعاج ماما فرنسا مع أنه لا تربطه بالفرنسية غير الخير والإحسان ... حزب الإستقلال كان دائما حزبا مغربيا وكان الزعيم علال الفاسي أول من نحت مصطلح الإنسية المغربية، فالإستقلالي لا يعرف نفسه أبدا بوصفه عربيا أو أمازيغيا بل بوصفه مغربيا، إن " تمغربيت " هي هويتنا الأصيلة ببعدها الإسلامي العربي الأمازيغي وما تركته فينا كأمة كل الديانات والمعتقدات السابقة، ما لم تناقض ما ارتضاه المغاربة كهوية دينية موحدة، هكذا يجد الإستقلالي إنتمائه للأمة العربية أصيل في شخصيته وإنتمائه إلى تمازغا والمغرب الكبير على نفس القدر من الأصالة والعمق، ولا أعرف إذا كان السيد عصيد يتوفر على عنوان مختبر، يحلل دماء المغاربة ليصنفهم عربا وأمازيغ وبيزانطيين وفينقيين وكنعانيين وإبيريين وماليين وسنغاليين ...إن الأسر المغربية تعيش هويتها المتعددة دون أن يحصل لها كابوس قراءة ما يرتكبه عصيد وأمثاله حول هوية ميتافيزيقة متعالية على التاريخ وعلى العقل .. السيد عصيد يسره الحديث عن البنية التقليدية لحزب الإستقلال ويعتقد وهو الذي يمتع ويتمتع برقصة أحواش الرائعة ، أن إخلاص حزب الإستقلال لتقاليد المغاربة مدعاة للسخرية والغمز واللمز، هو الذي يقبل بتعيينه بظهير وهو صاحب الحداثة في معهد يخضع تنظيمه لظهير أيضا ، الأمر لا يدعوا للغرابة فالسيد عصيد أدمن النكران منذ أن حاول قيادة إنقلاب فاشل في الجمعية المغربية للبحث والتواصل الثقافي بقيادة الأستاذ إبراهيم أخياط ، وإتضح له أنه لا يمثل سوى نفسه فما كان له سوى أن يبحث عن طريق اخرى توصله للمعهد الذي كان في تلك الفترة في مرحلة مخاض . كان من الممكن أن يكون ما كتبه السيد عصيد قابلا للنقاش لو أنه أثار مواقف الأحزاب السياسية من رسيمة اللغة الأمازيغية ، لكن أن يمارس الإنتقائية ويختار الهجوم على حزب الإستقلال ، فمعنى ذلك أن السيد مكلف بمهمة ولو " طارت ..معزة " ، فماالذي يمنع عصيد من مناقشة تصور الإتحاد الاشتراكي أو العدالة والتنمية أو حزب الطليعة ... نحن المغاربة فرطنا كثيرا عندما تركنا أمثال عصيد يتحدثون بإسم الأمازيغية وهي منهم براء، وللحقيقة والتاريخ أن ما تتعرض له الأمازيغية اليوم من جريمة على يد المعهد الملكي والمسيطرين عليه، لم يحدث في تاريخها من قبل ..أنا شخصيا لا أجد نفسي في الأمازيغية المعيارية التي تصنع في مختبرات المعهد ويتم تدريسها بشكل مشوه يقضي على التعدد اللسني والمعجمي والتركيبي للأمازيغية التي رضعناها من أثداء أمهاتنا، فأنا لا أستطيع مطلقا أن أفرط في تراث حمو أو اليزيد ومغني وتمازيغت وأشعار أحواش الرائعة بتشلحيت ونظيراتها الصامدة بتريفيت ، من أجل لغة المختبر التي بلا روح وستجعل أجيالا كاملة معزولة عن تراثها الغني ..ما الذي يجعلنا نضحي بهذا الكنز الكبير من أجل لغة هجينة ليست في النهاية لغة الأمة التي طالبنا بها دائما ... إن الأمازيغية كاللاتينية يمكنها أن تحافظ على تعبيراتها الثلاثة دون أي إشكال، اللهم إذا كانت جهات لها مخططات أخرى نجهلها ..فالأمازيغية ليست هي العبرية التي تم إعادة تصنيعها لخدمة مشروع صهيوني مفارق للتاريخ وموغل في أبش الجرائم ضد الإنسانية ...ربما قد تكون لنا فرصة أخرى كي نناقش الموضوع بجدية أكبر وبصراحة أكبر حول ما يحدث في المعهد الملكي وقناة تمازيغت، وفي هذا السياق نستحضر إستقالة سبعة أعضاء من المجلس الإداري للمعهد والأسباب الكامنة وراء ذلك، ولكي نفهم لماذا حورب عدد من الباحثين اللسانيين المرموقين في مقابل فتح المجال واسعا لأمثال عصيد. بقي أن نذكر السيد عصيد بأنه يمثل نفسه وما يعتقد وهذا حقه الخالص، لكن الحديث بإسم الأمازيغية والأمازيغ لا يمكن أن يكون سوى في مؤسسة منتخبة، وهنا أضم صوتي للحركة الثقافية الأمازيغية التي طالبة بمجلس وطني للأمازيغية منتخب، وساعتها سيعرف الشوفينيون والمتطرفون حقيقة تمثيليتهم للأمازيغ حتى ينتهي هذا العبث. الأمازيغية أكبر من الأحزاب والأفراد والدستور نفسه ... [email protected]