بعد التجاهل التام لشباب 20 فبراير لهم، حاول مئات من نشطاء جماعة العدل والإحسان المغربية صباح الأحد الماضي بمدينة الدارالبيضاء، تنظيم مسيرة بكامل ما تحمل الكلمة من معنى أمني، لكن قوات الأمن تصدت للوضع مفرقة جموع العدليين يمنة وشمالا
وبعد فشل مسيرة الصباح العدلية غير المرخص لها حاول العدليون مجددا، بداية عشية نفس اليوم، التجمهر والتظاهر أمام مقر الحزب الاشتراكي الموحد، فسارت الأمور بشكل سيئ بعد تحرش واستفزاز بعض العدليين تحديدا لقوات الأمن هذه الأخيرة التي لم تؤل جهدا لوقف التجمهر غير المرخص به. فنتج عن الفر والكر ما بين المتظاهرين المحتجين وقوات الأمن عشرات من الجرحي بين الفريقيين معا : محتجين ورجال أمن. كما اعتقل محتجون كثر وأطلق سراحهم بعد ذلك.
وتأتي هذه الأحداث أربعة أيام فقط بعد اعلان الملك محمد السادس عن تعديلات دستورية كبرى، تعديلات وصفها الكثير من الشخصيات والمؤسسات داخل وخارج المغرب ب"التاريخية"، بل وصفها البعض ب"الثورية" أيضا.
وقد استطاع الملك محمد السادس فعلا مفاجأة الكثيرين بمن فيهم قدماء ساسة اليسار التقليدي بالمملكة، وذلك بالتنازل عن جزء من سيادته لصالح رئيس الحكومة والمنتخبين.
ومنذ انطلاقة الثورات الشعبية بالعالم العربي سعت جماعة العدل والاحسان، وهي جماعة محضورة قانونا لكن مسموح لها بالحركة، وفق متخصص في شؤون الجماعة، أن تجد لها موقعا ما داخل خارطة الاحتجاج العربية والمغربية تحديدا، فحاولت جاهدة موقعة نفسها ضمن السياق الجيوسياسي الجديد الذي بدأت ترتسم بعض ملامحه بالمنطقة.
فصارت جماعة العدل والاحسان تحت إمرة الشيخ عبد السلام ياسين، 83 عاما، مفتش تعليم سابق، وهي التي كانت دائما تفضل العمل السري على العلني من تلقاء نفسها، تبحث بكل السبل للتماهي مع حركة الشباب الاحتجاجية والتي أعلنت وأسست لخطاباتها عبر الموقع الاجتماعي فيسبوك. ولاتزال جماعة العدل والاحسان تبذل قصارى الجهد للركوب على موجة حركة شباب "20 فبراير" هؤلاء الذين أعلنوا عن مسيرة أخرى في 20 مارس الحالي.
ووفق مختص في شؤون جماعة العدل والاحسان، فان هذه الاخيرة قد "جن جنونها بعد خطاب الملك الأخير الذي لم يكونوا قد توقعوا إطلاقا حرفيته السياسية العالية وتماهيه مع نبض الشارع المغربي"، وتأكدوا أن رهان صناعة موطن قدم لهم ضمن الخريطة السياسية الجديدة التي بصد التهيكل في الساحة قاب قوسين أو أدنى من الضياع. مما أدى، وفق المصدر نفسه، بفريق من العدل والاحسان يصل تعدادهم ما بين 30 الى 40 ألف عضو (من أصل 200 ألف جموع منخرطي العدل والاحسان) الى ممارسة الضغوط بأي طريقة كانت ل"فرض الحضور الحاشد على الخريطة السياسية للمملكة".
ويتابع مختص الجماعة، أن هذه الأخيرة صارت تعي بان كل السبل متاحة و"محللة" للوصول لغاياتها وان الظرفية المحلية والدولية "مثالية للانقضاض على الشأن العام المغربي ولو أدى الأمر الى التحالف مع الشيطان نفسه للاجهاز على الشارع المغربي ومنعه من الفرح مع ملكه بما اعلنه فتوحات مستقبلية تحقق الاجماع الوطني حولها".
ان "خطة" العدل والاحسان تعبت قبل الأوان حيث لم تستطع الصمود أكثر مثلما قامت به جماعات اسلامية أخرى خصوصا في تونس ومصر حيث استمروا في الظل للتأكيد على ان الحركة التي تعرفها بلدانهم هي حركة شعب بأكمله، لكن اختلاف الوضع بالمغرب والاجماع الشعبي بخصوص شرعية النظام السياسي بالمملكة واعلان فصائل من اقصى اليمين الى اقصى اليسار بمدى جدية المقترح الملكي وجانبه السلمي في معالجة الاختلاف في تناول موضوع الشأن العام، كلها أمور تدفع المغربي البسيط الى طرح مجموعة أسئلة : ما اجندة العدل والاحسان الحقيقية؟ ماذا نسمي التوافق المغربي حول مضمون الخطاب الملكي الاخير ان لم يكن اجماعا؟ كيف استطاع شباب 20 فبراير الوصول الى قناعة انه لايمكن العمل مع العدل والاحسان جنبا الى جنب؟ كم هي كمية العنف التي يحتاج اليها "العدليون" لتبرير وجودهم خارج الاجماع الوطني؟ ....