يستمر مسلسل الخروقات التي يرتكبها المرشح بوتفليقة خلال الحملة الانتخابية لاختيار رئيس جديد للجزائر، وذلك بعد اقدامه اليوم على "اقتراف" خرق آخر خلال الادلاء بصوته في المكتب المتواجد بمركز التصويت "مدرسة البشير الابراهيمي" بأعالي العاصمة. هذا الخرق الذي ارتكبه الرئيس اليوم يتعلق بدخوله إلى المعزل رفقة احد الاشخاص، وهو ما يعد خرقا لقاعدة سرية الانتخاب التي تنص عليها المادة 31 من قانون الانتخابات الجزائري..
ويتضح من خلال هذا الفصل ان القانون يلزم الناخب بدخول المعزل لدى ادلائه بصوته في العملية الانتخابية تلافيا لخرق قاعدة سرية الانتخاب، حيث نص قانون الانتخابات الجزائري في المادة 31، القسم الثاني الخاص بعمليات التصويت، في الباب الاول الخاص بالأحكام العامة المشتركة لجميع الاستشارات الانتخابية بما فيها الرئاسية ، ان "التصويت شخصي وسري"..
كما ان المادة 42 من نفس القانون، تنص على ان كل مكتب تصويت يزود بمعزل واحد او عدة معازل، ويجب ان تضمن المعازل سرية التصويت لكل ناخب، على انه يلزم الا تخفي عن الجمهور عمليات التصويت والفرز والمراقبة. .
ويظهر ان ما قام به الشخص الذي دخل مع الرئيس الى المعزل، في مدرسة البشير الابراهيمي بالعاصمة الجزائر، هو عملية تصويت بالوكالة، التي تنص عليها المادة 53 من قانون الانتخابات والتي تشمل الاشخاص المرضى الموجودين في المستشفيات او الذين يعالجون في منازلهم او ذوو العطب الكبير او العجزة، إلا ان الذين يقفون وراء ترشح بوتفليقة لا يريدون إعمال هذه المادة لأنهم سيسقطون في تناقض مع مواد تتعلق بشروط الترشح للرئاسة وهم لا يريدون ان يظهروا عجز سعادة الرئيس عن ذلك وبالتالي فقد قاموا بعملية تمويهية حيث ادخلوا شخصا آخر مع سيادة الرئيس إلى المعزل ليقوم مقامه في اختيار الورقة وتعبئة الظرف الخاص بالعملية ..
دخول الرئيس رفقة احد الاشخاص إلى العازل يخرق ركنا من اركان العملية الانتخابية ، ويدفع ببطلانها في حال تقدم المرشحون الخمسة لرفع طعون بشأنه إلى اللّجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات من اجل تحويلها على اللجنة الوطنية للإشراف القضائي على الانتخابات، لاتخاذ اجراءات في حق الرئيس المنتهية ولايته..
سلسلة الخروقات التي ارتكبها الرئيس المنتهية ولايته وجماعته كثيرة، وقد تم تقديم غالبية الطعون ضد مديرية حملة المترشح عبد العزيز بوتفليقة إلى اللّجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات التي حولتها على اللجنة الوطنية للإشراف القضائي على الانتخابات، والتي رفعها المترشحون الخمسة ضد عبد العزيز بوتفليقة، بسبب خرق مديرية حملته الانتخابية القانون..
إلا ان عملية تعيين اعضاء اللجنة الوطنية للإشراف القضائي على الانتخابات يعد من بين الخروقات الاساسية في العملية الانتخابية، حيث أن هؤلاء القضاة يعينهم رئيس الجمهورية بموجب المادة 168 من القانون..
وهنا وجب التساؤل حول الطابع الحيادي الذي يميز عمل هؤلاء القضاة، إذ ان مجرد تعيينهم من طرف بوتفليقة يرجح احتمال استمالتهم من طرف الرئيس المنتهية ولايته، وهو ما سيجعل طعون المرشحين الخمسة ضد خروقات بوتفليقة، غير ذات جدوى..
يذكر ان اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات تتكون من 362 قاضيا من قضاة المحكمة العليا ومجلس الدولة والجهات القضائية الأخرى، وستكون على موعد لأول مرة للإشراف على الانتخابات الرئاسية بعدما كانت أول تجربة لها في الانتخابات التشريعية لماي 2012.
وتشير المادة 171 من قانون الانتخابات بالجزائر إلى أن لجنة الإشراف على الانتخابات تضطلع بمهام النظر في كل تجاوز يمس مصداقية وشفافية العملية الانتخابية، وكذا النظر في كل خرق لأحكام القانون العضوي. كما تنظر في القضايا التي تحيلها عليها لجنة مراقبة الانتخابات المشكلة من الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات وأمانة دائمة تتشكل من "الكفاءات" الوطنية..
فهل ستقوم اللجنة بالمهمة المنوطة بها وتبطل ترشح بوتفليقة بالنظر إلى الخروقات التي طالت حملته الانتخابية والتي كان آخرها خرق قاعدة سرية الانتخاب..؟