أصدرت وزارة العدل دليلا تطبيقيا لقوانين انتخاب أعضاء مجالس الجماعات الحضرية والقروية وأعضاء مجالس العمالات والأقاليم وأعضاء المجالس الجهوية، وأعضاء الغرف المهنية، وأعضاء مجلس المستشارين ودور القضاء في مواكبة العمليات الانتخابية، لأهميته ولتعميم الفائدة ننشر المحور الخاص بالطعون المتعلقة بالعملية الانتخابية. إن مخالفة الإطار القانوني لممارسة ا لحملة الانتخابية لا تؤدي إلى بطلان العملية الانتخابية إلا إذا كان لها تأثير علي نتيجة الاقتراع. وهذا الموقف تبنته الغرفة الإدارية بمناسبة الطعن الذي قدم في مواجهة المنافس الفائز بالعملية الانتخابية بدعوى أن الدعاية النتخابية استمرت الى صبيحة يوم الاقتراع. وفي هذا الإطار ذهب المجلس الأعلى، في قراره عدد 1498 بتاريخ 1997/10/30، وهو يرد على وسيلة الطعن بما يلي: «لكن حيث إن الطاعن لم يوضح ما إذا كانت واقعة الدعاية الانتخابية يوم الاقتراع قد أثرت على عملية الاقتراع وإن كانت مخالفة للقانون فإنها ما دامت لم تؤثر في نتيجة التصويت الذي يبقى سريا وأن الناخب عند تواجده بالمعزل يكون حرا في اختياره، كما أن شهادة الشاهدين لم تقتنع بها المحكمة لكونها مجملة ولم تبين من هم الأشخاص الذين سلمت لهم المبالغ المالية على أن فارق الأصوات الذي يتعدى المائة بين الطرفين يجعل من هذه الواقعة حتى في حالة حصولها لا يمكن الارتكاز عليها للقول ببطلان عملية الانتخاب». 2- حول المخالفات المتعلقة بتشكيل مكتب التصويت وأثرها على الانتخاب: تنص مقتضيات المادة 56 من مدونة الانتخابات كما تم تغييرها وتتميمها على أنه: «يحدث بقرار للعامل في كل دائرة انتخابية مكتب أو عدة مكاتب للتصويت يعلن عن مقارها بواسطة تعليق إعلانات بذلك أو النشر في الصحف أو في الإذاعة أو التلفزيون أو بأية وسيلة أخرى مألوفة الاستعمال، وذلك قبل التاريخ المحدد للاقتراع بعشرين يوما على الأقل، ويشار في القرار المذكور إلى المكتب المركزي إذا كانت دائرة انتخابية تحتوي على عدة مكاتب للتصويت. تقام هذه المكاتب في أماكن قريبة من الناخبين بالبنيات العمومية. ويمكن عند الضرورة إقامة المكاتب المذكورة في غيرها من الأماكن أو البنايات. تقوم السلطة الإدارية المحلية خلال الأجل المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة بتعليق لائحة الناخبين بالمكاتب الإدارية، مبوبة بحسب مكاتب التصويت التابعين لها». وتنص مقتضيات المادة 57 من نفس المدونة على أنه: «يعين العامل 48 ساعة على الأقل قبل تاريخ الاقتراع من بين الموظفين والعاملين بالإدارة العمومية أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العامة أو الناخبين الذين يعرفون القراءة والكتابة وتتوفر فيهم شروط النزاهة والحياد والأشخاص الذين يعرفون القراءة والكتابة وتتوفر فيه شروط النزاهة والحياد والأشخاص الذين يعهد إليهم برئاسة مكاتب التصويت، ويسلمهم لوائح الناخبين التابعين للمكتب المعهود إليهم برئاسته ولائحة الترشيحات المسجلة في الدائرة الانتخابية والمطبوع الخاص بتحرير محضر العمليات الانتخابية وأوراق إحصاء الأصوات، ويعين أيضا الموظفين أو الناخبين الذين يقومون مقام رؤساء مكاتب التصويت إذا تغيبوا أو عاقهم عائق. يساعد رئيس مكتب التصويت ثلاثة أعضاء يعينهم العامل خلال الأجل المشار إليه أعلاه من بين الناخبين غير المرشحين الذين يعرفون القراءة والكتابة، ويعين العامل أيضا ضمن نفس الشروط نوابا لهم يقومون مقامهم إذا تغيبوا أو عاقهم عائق. وإذا تعذر حضور الأشخاص المعينين لمساعدة رئيس مكتب التصويت ساعة افتتاح الاقتراع ،يختار رئيس المكتب المذكور لمساعدته الناخبين الأكبر سنا والناخب الأصغر سنا من بين الناخبين غير المرشحين الحاضرين بمكان التصويت الذين يعرفون القراءة والكتابة. إذا كان عدد الناخبين التابعين لمكتب التصويت أو عدد الناخبين غير المرشحين لا يسمح بتكوين المكتب المذكور، يعين طبق الكيفيات المنصوص عليها أعلاه أعضاء مكتب التصويت ونوابهم من بين الناخبين المقيدين في اللوائح الانتخابية العامة. يتولى أصغر الأعضاء سنا مهام كاتب مكتب التصويت. 3- حول المخالفات الانتخابية المتعلقة بمكان التصويت: بخصوص موقف الغرفة الإدارية حول المخالفة الانتخابية المتعلقة بتغيير مكان التصويت بشكل مخالف للقانون، ذهبت في قرارها رقم 1319 بتاريخ 1997/10/01 وهي تلغي نتيجة الاقتراع للعلة المذكورة إلى القول: «لكن حيث إنه بالرجوع إلى مقتضيات المادتين 56 و206 من القانون رقم 9-97 يتبين أن تحديد مقر مكتب التصويت يجب أن يعين قبل 20 يوما على الأقل من تاريخ الاقتراع بقرار تتخذه السلطة المحلية، وبناء على ذلك، فإن تغيير المقر يجب أن يتم بقرار من نفس الجهة... فكان الاقتراع قد أجري في مقر لم يصدر أساسا أي قرار قانوني بتعيينه مقرا للاقتراع. وهذا يعتبر كافيا لإبطال الاقتراع المذكور بصرف النظر عن التأثير على المشاركة في الانتخابات، فضلا عن ان تغيير مقر التصويت يوم الاقتراع الى آخر يبعد بمائة كيلو متر يجب ان يبين سببه. وهذا الموقف كرسته الغرفة الادارية في قرارها عدد 1278 بتاريخ 1997/09/24 عندما اوضحت ان: قيام رئيس مكتب التصويت يوم الاقتراع بتغيير مكان التصويت يعتبر في حد ذاته مخالفا للقانون وبالضبط للمادة 56 من القانون رقم 97 - 9 الذي يوجب احداث مكاتب التصويت بعشرين يوما على الاقل قبل الاقتراع، الامر الذي يجعل العملية الانتخابية لم تجر طبقا لما هو مقرر قانونا، وبذلك سن المجلس الاعلى قاعدة جوهرية مفادها ان ثبوت تغيير مكان الاقتراع يوم اجراء الانتخابات بشكل مخالف لاحكام الفصل 56 من مدونة الانتخابات يرتب جزاء بطلان الانتخابات وإعادتها من جديد طبقا للقانون. 4 - حول المخالفات المتعلقة بتوقيت الاقتراع تنص المادة 59 من مدونة الانتخابات 97 - 9 على أنه يفتح الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا ويختتم في الساعة السابعة مساء. واذا تعذر افتتاح الاقتراع في الساعة المقررة في هذا القانون لسبب قاهر، وجبت الاشارة الى ذلك في محضر العمليات الانتخابية. وهو ما سارت عليه الغرفة الادارية في قرارها عدد 1317 بتاريخ 97/10/01 القاضي بالغاء نتيجة الاقتراع على اعتبار ان اغلاق مكتب التصويت قبل الوقت المحدد قانونا يشكل خرقا جوهريا للقانون يترتب عنه بطلان الانتخاب بقطع النظر عن عدد الناخبين الذين لم يتمكنوا من التصويت وتأثيره او عدم تأثيره على نتيجة الاقتراع. 5 - حول المخالفات الانتخابية المتعلقة بصندوق الاقتراع حيث ان صندوق الاقتراع باعتباره محور العملية الانتخابية وفيه تتجسد تلك العملية برمتها، فقد احاطه المشرع بالضمانات المنصوص عيلها بالمادة 61 من مدونة الانتخابات على أنه: يعاين رئيس مكتب التصويت في الساعة المحددة للشروع في الاقتراع امام الناخبين الحاضرين ان الصندوق لا يحتوي على أية ورقة ثم يسده بقفلين او مغلاقين متباينين يحتفظ باحد مفتاحيهما ويسلم الاخر الى عضو مكتب التصويت الاكبر سنا. وبخصوص موقف الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى من طبيعة المخالفة الانتخابية المتعلقة بكسر الصندوق قضت في قرارها عدد 1282 الصادر بتاريخ 97/09/24 بان كسر صندوق الاقتراع بعد انطلاق عملية الانتخابات وتبعثر الاظرفة وإحضار صندوق جديد من طرف السلطة المحلية كل ذلك يدخل في باب المناورات التدليسية التي من شأنها ان تفسد عملية الانتخاب وتجعل اعادته واجبة قانونا. لذلك وباعتبار ان صندوق الاقتراع هو المجسد للعملية الانتخابية وقوامها فكل مساس به قبل فرز الاصوات والاعلان عن النتائج الانتخابية سواء بفتحه او كسره نتيجة عنف او تدليس او بشكل ارادي او حملة خارج مكتب التصويت يعتبر مخالفة انتخابية من شأنها ان تشكك في صدق وسلامة العملية الانتخابية، وبالنظر لجسامة تلك المخالفة فقد اعتبرت من النظام العام، بمعنى ان الامر يتعلق باخلال باجراء جوهري يترتب عنه البطلان بصرف النظر عن مدى تأثير ذلك على نتيجة الاقتراع و أن القول باي تفسير آخر من شأنه المساس بقدسية صندوق الاقتراع تحت اي شكل من الاشكال 6- كيفية التصويت والمخالفات الانتخابية التي من شأنها المساس بسرية التصويت. طبقا لمقتضيات المادة 62 من القانون رقم 97 - 9 من مدونة الانتخابات كما تم تغييره وتتميمه: يقدم الناخب عند دخوله قاعة التصويت الى كاتب مكتب التصويت بطاقة التعريف الوطنية او دفتره العائلي وبطاقته الانتخابية او القرار القضائي القائم مقامها، يعلن الكاتب بصوت مسموع الاسم الكامل والرقم الترتيبي للناخب الذي يأخذ بنفسه ورقة تصويت واحدة من فوق طاولة معدة لهذا الغرض. يمكن لكل ناخب به اعاقة ظاهرة تمنعه من وضع علامة تصويته على ورق التصويت او ادخال هذه الورقة في صندوق الاقتراع ان يستعين بناخب من اختباره يكون متوفرا على بطاقة التعريف الوطنية. ويشار الى هذه الحالة في محضر العملية الانتخابية. غير انه لا يمكن لاي شخص ان يقدم المساعدة لاكثر من ناخب معاق واحد. دور السلطة المحلية عند اجراء الاقتراع في هذا الاطار، اعتبر القضاء أن مجرد حضور السلطة المحلية في شخص احد اعوانها لا يؤدي الى بطلان العملية الانتخابية، وللمحكمة ان تتأكد من خلال ظروف النزاع وملابساته من مدى التزام ممثل السلطة الحاضر بالحياد واقتصاره على حفظ النظام والانضباط مع التأكيد على أن لكل حالة خصوصيتها ولا يمكن وضع معيار موحد. كما اعتبر القضاء قيام السلطة المحلية بأي عمل من الأعمال القانونية التي يختص بها اعضاء المجلس الجماعي لانتخاب مكتبهم يجعل الانتخاب باطلا وبالتالي فإن جلوس اعوان السلطة إلى جانب المشرفين على عملية الانتخاب وقيام أحد الاعوان بفرز اوراق التصويت من شأنه إقامة الدليل على تدخل السلطة المحلية في عملية الانتخاب بإشرافها عليه خارج حدود المساعدة المادية او التقنية . وخلص القضاء الى وضع قاعدة لرسم حدود العلاقة بين ممثلي السلطة الادارية المحلية والجهة المخول لها صلاحية الاشراف على تسيير عملية الاقتراع،مفادها أنه اذا كانت السلطة المحلية تحضر عمليات الانتخاب حرصا منها على ضمان الضبط والنظام لتلافي أي خلل من شأنه ان يتسبب في فوضى او اضطراب، الشيء الذي يجعل موقفها متسما بالحياد التام وتصرفاتها سلبية فيما يخص جوهر العملية الانتخابية ووجود استنكافها عن اتخاذ أية مواقف من شأنها ان تخل بهذا الحياد، وان تحمل معالم تأثيره على إرادة الناخبين، الا أنه بالمقابل اذا اتضح ان ممثل السلطة المحلية قد تجاوز هذا الدور وشارك في تسيير العملية الانتخابية، فإن ذلك يعد تجاوزا لاختصاصاته وخروجا عن مبدأ الحياد من شأنه ان يجعل عملية الاقتراع باطلة، علما أن هذا البطلان يعد من النظام العام. 8- حول المناورات التدليسية المبطلة لعمليات الانتخاب: اذا كان الاقتراع المشوب بالمناورات التدليسية يقع باطلا بموجب الفصل 74 من القانون رقم 9/97 كما تم تغييره وتعديله، فقد قضت الغرفة الادارية في قرارها عدد 231 بتاريخ 1977/06/10 بأن المناورات التدليسية لاتعتبر سببا من اسباب بطلان الانتخاب كليا او جزئيا،الا اذا ثبت ان هذه المناورات كان لها تأثير على نتائج الاقتراع،وذهبت الى القول وهي تلغي حكم المحكمة الابتدائية الذي قضى بإلغاء الانتخاب ما يلي: «حيث ان المحكمة حينما بررت قضاءها بكون الانتخابات أفسدتها مناورات تدليسية من غير أن يتبين لديها ان تلك المناورات التدليسية كان لها تأثير على نتائج الانتخابات تكون قد خرقت الفصل المذكور. 9- حول المخالفات المتعلقة بشكليات المحاضر وأثرها على نتيجة الاقتراع: ينص الفصل 65 من مدونة الانتخابات على أن رئيس مكتب التصويت يقوم بتحرير محضر العمليات الانتخابية بعد إجراء عملية الفرز وإعلان نتيجة الاقتراع وذلك على ثلاث نظائر يصادق على كل نظير منها ويوقعه وبقية اعضاء المكتب ويعتبر هذا المحضر الوثيقة الرسمية المثبتة لنتائج الاقتراع. وذهبت الغرفة الادارية في قرارها عدد 779 بتاريخ 1977/07/15 الى القول بأنه يمكن اثبات خلاف ما تضمنته محاضر العملية الانتخابية بجميع وسائل الاثبات هذا وقد استقر الاجتهاد القضائي على أن المخالفات يجب ان تدون في محاضر التصويت او على الاقل إثبات ان اعضاء مكتب التصويت رفضوا تسجيلها للمحافظة على مناقشتها بمناسبة النزاع القضائي. وقضت الغرفة الادارية في قرارها 126 بتاريخ 1972/6/16 بأن خلو المحضر من البيانات المنصوص عليها بمدونة الانتخابات لايترتب عنه البطلان الا اذا كان لذلك تأثير على نتيجة الاقتراع. 10- المخالفات المتعلقة بإحصاء فرز الاصوات والاعلان عن نتائج الاقتراع: من المقرر فقها وقضاء أن القضاء الاداري يكون له في ميدان الطعون الانتخابية ولاية القضاء الشامل اذ لا تنحصر مهمته في مراقبة شرعية النتائج التي قررها مكتب التصويت، فتقضي بذلك برفض الطعن او إلغائه بل تتعدى ذلك الى القيام بوظيفة احصاء الاصوات وتقوم بمراقبة مدى احترام مكتب التصويت للقواعد التي وضعها المشرع لإلغاء اوراق التصويت. وقد أوضحت الغرفة الادارية بهذا الخصوص في قرارها عدد 1256 بتاريخ 1997/09/24 أن المحكمة التي تنظر طعنا في إطار القضاء الشامل كما هو الشأن في مادة الانتخاب لاتتوقف عند إلغاء قرار مكتب التصويت ويجوز لها أن تتصدى للبت في إحصاء الاصوات التي لا نزاع في صحتها وتصحح الخطأ الواضح في الحساب وتعلن عن المرشح الفائز.