يبدو أن الأنباء المتعلقة بطلب الاستماع للمدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني بخصوص تورط مزعوم في ممارسة التعذيب بالمغرب، الذي تقدمت به جمعية تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان بفرنسا، وحظي بمعالجة إعلامية خاصة في نشرة وكالة الأنباء الفرنسية، تخفي أهدافا غير معلنة لبعض الأوساط التي تسعى للمس، وبأي ثمن، بالعلاقة المتميزة التي تجمع الرباط وباريس. فمن الواضح، أن عبثية هذه القضية، سواء على مستوى المسطرة المعتمدة أو على مستوى الحالات القضائية التي تم التطرق إليها، لا يمكن إلا أن تثير تساؤلات بخصوص هوية من يحركونها من خلف الستار، ويسعون، من دون جدوى، إلى المس بصورة المغرب بفرنسا وبالجهود التي ما فتئت المملكة تبذلها من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان والنهوض بالحريات الجماعية والفردية. غير أن رد فعل المغرب بشأن هذه القضية جاء حاسما وفوريا. وكان بلاغ لسفارة المغرب بباريس قد أكد أمس الجمعة أن "السرعة الفائقة التي تمت بها معالجة هذه القضية، وطريقة تعميمها إعلاميا، وانتهاك القواعد والممارسات الدبلوماسية المتعارف عليها دوليا وعدم احترام الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، تثير العديد من التساؤلات حول الدوافع الحقيقية لهذه القضية ومحركيها الحقيقيين" . ومما يضفي المزيد من الغرابة على هذه الواقعة أيضا كون التمثيلية الدبلوماسية للمغرب، وكذا مديرية مراقبة التراب الوطني لم تعلما بوجود هذه الشكاية إلا عبر الصحافة، قبل أن تحضر عناصر من الشرطة إلى مقر إقامة سفير المملكة المغربية، حيث كان وزير الداخلية السيد محمد حصاد يعقد ندوة صحفية حول مشاركته في اجتماع بباريس إلى جانب نظرائه الفرنسي والإسباني والبرتغالي. وقد أعربت سفارة المغرب بفرنسا في بلاغها عن أسفها لكون "هذه الخطوة تعد سابقة، وذلك بالنظر إلى مساطر التعاون القضائي الجاري بها العمل بين المغرب وفرنسا، والتي يجري تطبيقها بشكل سلس"، ولكون اللجوء إلى القنوات الدبلوماسية "تم تجاهله عمدا". وفي هذا الصدد، سجل مراقبون بالعاصمة الفرنسية تزامن هذه القضية مع عدد من الوقائع والأحداث المناوئة للمغرب ولقضيته الوطنية المقدسة، وحاولوا إيجاد تفسير لاستهداف المملكة، حيث أشاروا إلى ترويج وسائل الإعلام الفرنسية، مؤخرا، لوثائقي رديء أنجزه منتج إسباني يدافع عن أطروحة الانفصاليين وتحركات النشطاء الموالين للبوليساريو بالعاصمة الفرنسية. وكانت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون امبركة بوعيدة، قد استدعت ليلة الجمعة السبت إلى مقر الوزارة، سفير فرنسابالرباط شارل فري "لإبلاغه الاحتجاج الشديد للمملكة المغربية" على إثر هذه القضية، معبرة عن "رفض المملكة بشكل بات للمسطرة الفجة التي تم اتباعها والمنافية لقواعد الدبلوماسية المعمول بها، وكذا للحالات القضائية التي تم التطرق إليها والتي لا أساس لها". ووصف بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، بهذا الخصوص، هذا الحادث ب"الخطير وغير المسبوق في العلاقات بين البلدين"، مضيفا أن "من شأنه المساس بجو الثقة والاحترام المتبادل الذي ساد دائما بين المغرب وفرنسا". وفي انتظار أن تتضح الأمور من الجانب الفرنسي بشأن هذا الحادث، اعتبر المراقبون أن الخطوة التي قامت بها بعض الأوساط المعروفة بعدائها للمغرب لن تكون سوى نفخة في رماد ولن تؤثر بأي حال من الأحوال على العلاقات المتميزة بين المغرب وفرنسا على المستوى السياسي والاقتصادي والثقافي، فبالأحرى على موقف فرنسا من قضية الوحدة الترابية للمملكة، وهو الموقف الذي "يرتكز على مبادئ ورؤية تدعم الاستقرار وحماية حقوق الإنسان بالمنطقة، وكذا إيجاد حل سياسي لهذا النزاع" كما أكد على ذلك، أول أمس الخميس المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال.