اجتمع، أمس الأربعاء بمراكش، مهنيون وخبراء في قطاع الصحة بالعديد من البلدان الإفريقية في إطار المنتدى الأول "للصحة بإفريقيا 2014"، الذي يشكل أرضية للتبادل والتعاون من أجل مواجهة التحديات الكبرى التي يعرفها قطاع الصحة بإفريقيا. ويسعى هذا المنتدى، المنظم بمبادرة من "إي كانفيرانس"، بشراكة مع وزارة الصحة، حول موضوع "الصحة بإفريقيا .. الدعامات الجديدة للتنمية"، إلى أن يشكل فضاء للتفكير وقوة اقتراحية لمواكبة الجهود التي تبذلها الدول لتطوير قطاع الصحة وتحسين الوضع الصحي بالقارة السمراء.
وأكد عدد من المتدخلين، خلال افتتاح أشغال هذا المنتدى، أن قطاع الصحة بإفريقيا يعاني من العديد من الاختلالات كما أظهرت ذلك إحصائيات المنظمة العالمية للصحة ومنظمات دولية أخرى.
وسجلوا أنه على الرغم من التطورات الجيدة التي تحققت، خلال العقود الأخيرة، في هذا المجال، من خلال التحسن الملموس لصحة السكان وارتفاع أمد الحياة، فإنها لا تزال غير كافية.
وحسب معطيات قدمت خلال هذا اللقاء فإن إفريقيا التي لا تمثل سوى 11 في المائة من ساكنة العالم، تسجل نسبة 24 في المائة من الحالات المرضية الإجمالية وأقل من واحد في المائة من النفقات العامة الصحية، ويصل فيها أمد الحياة إلى أقل من 60 سنة، فضلا عن مستشفى واحد لكل 100 ألف نسمة وتشهد خصاصا كبيرا على مستوى البنيات التحتية الصحية والعاملين المؤهلين.
كما تسجل القارة أكبر معدل وفيات الرضع بالعالم (68 لكل 100 رضيع)، و65 في المائة من الأشخاص يحملون فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة، فيما يصل معدل خصوبة إلى 8ر4 في المائة (المتوسط العالمي يصل إلى 5ر2 في المائة).
وينضاف إلى الأرقام المتعلقة بالحالة الوبائية النقص في الاستثمارات بإفريقيا والتي تقدر ب169 مليار دولار، إلى جانب الحاجة إلى إحداث ما بين 550 ألف و650 ألف سرير بعد 10 سنوات من الآن.
ولمواجهة هذه التحديات، أبرز المتدخلون أن هناك وعيا بالرهانات الإستراتيجية والمضاعفات الاقتصادية لهذا القطاع الرئيسي والحيوي، مشيرين إلى أن إرساء دينامية حقيقية لتحسين تدبير هذا القطاع ينطلق من انخراط الفاعلين الرئيسيين من أفارقة ودوليين.
كما دعا المشاركون إلى إرساء تعاون جنوب - جنوب في ميدان الصحة، من أجل رفع التحديات الكثيرة التي تواجه القطاع وتحقيق رهاناته السوسيو-اقتصادية.
وقال الكاتب العام لوزارة الصحة السيد عبد العالي بلغيتي علوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا المنتدى يندرج في إطار الدينامية التي أحدثتها الزيارات الأخيرة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لعدد من الدول الإفريقية، والتي ساهمت في إضفاء الطابع القطاعي على التعاون جنوب - جنوب والشراكات مع البلدان الإفريقية والتي يكتسي فيها قطاع الصحة أهمية خاصة.
وأضاف أنه لدى الدول الإفريقية تحديات مشتركة في ميدان الصحة، حيث تبرز أهمية خلق فضاء للتبادل وتقاسم التجارب، مشيرا إلى أن النقاشات خلال هذا المنتدى تظهر جليا الإرادة المشتركة في تقاسم وإرساء تعاون ثنائي أو متعدد الأطراف على مستوى القارة.
وأشار إلى أن هذا المنتدى يشكل مناسبة لاستعراض مسلسل الإصلاحات المنجزة وتلك المبرمجة في ميدان الصحة بالمغرب، مبرزا أن المملكة تجاوزت التعاون التقليدي في مجال التكوين ونقل الخبرات إلى منهج جديد في التعاون يقوم على مواكبة المستثمرين في ميدان الصحة في العديد من البلدان الإفريقية.
من جانبه، أشاد كاتب الدولة في الصحة بالتشاد، السيد ماماد أدي، بهذه المبادرة التي تضم مهنيين وأصحاب القرار في قطاع الصحة بإفريقيا، والهادفة إلى توحيد الجهود من أجل تعاون جنوب - جنوب مثمر ومفيد لكافة الشركاء.
وقال، في هذا السياق، "إذا أخذنا بعين الاعتبار التكلفة والنجاعة، فإن التعاون جنوب - جنوب يعد جد مفيد بالنسبة للبلدان الإفريقية، وعلينا أن نتكفل بأمورنا ونرفع التحديات التي تواجه قطاع الصحة".
من جهته، أبرز وزير الصحة البينيني، السيد دوروتي أكوكو كيند-غازار، أن التعاون التقليدي مع بلدان الشمال أفرز في الغالب استراتيجيات تتلاءم بشكل محدود مع الوقائع السوسيو-اقتصادية والثقافية بإفريقيا.
وأضاف أن على الدول الإفريقية التوجه نحو التعاون جنوب - جنوب على اعتبار أن هذه الدول لها نفس التحديات والإكراهات وواقع سوسيو-ثقافي متشابه، داعيا إلى جعل هذا التعاون يتيح الاستفادة من التجارب الإفريقية الناجحة وإبرام تعاون حقيقي وفعال.
ويتضمن برنامج هذا المنتدى، المنظم على مدى يومين، على الخصوص، لقاءات للمناقشة والتبادل حول مواضيع ذات صلة بالسياسات والاستراتيجيات الحكومية في قطاع الصحة، والآليات المتجددة لتمويل قطاع الصحة، وانخراط القطاع الخاص ومساهمة الابتكارات التكنولوجية في تحسين قطاع الصحة.