قررت محكمة العدل الدولية منح البيرو منطقة بحرية خاضعة لسيادة تشيلي واعطت الحق جزئيا لليما في هذا النزاع البحري الموروث من حرب المحيط الهادىء في القرن التاسع عشر. وبعد ست سنوات من الاجراءات القضائية, اكدت محكمة العدل الدولية التي يوجد مقرها في لاهاي, سيادة تشيلي على منطقة بحرية قريبة من سواحلها لكنها اعادت ترسيم الحدود البحرية لصالح البيرو في القسم الواقع ما بين 80 و200 ميل بحري قبالة جنوب اميركا. ووصف رئيس البيرو اويانتا هومالا القرار بانه "يثير الارتياح". وقال في خطاب الى الامة بعيد صدور قرار محكمة العدل الدولية "اقد استعدنا اكثر من 70 بالمئة مما كنا نطالب به. وهذا القرار ستقبله البيرو وتحترمه ونحن نثق بان تشيلي ستمتثل له ايضا". وفي بلازا دي ارماس في وسط العاصمة البيروفية ليما نزل مئات الاشخاص الى الشارع تعبيرا عن فرحهم ورددوا "فلتحيا البيرو" و"لقد تحققت العدالة" بعد صدور قرار محكمة العدل الدولية. واستمع الحاضرون في الساحة بانتباه الى الحكم وحين ظهرت على الشاشات الكبرى التي نصبت, خارطة تظهر الحدود البحرية الجديدة والتي تصب في مصلحتهم, بدأ البيروفيون بالاحتفال والتلويح بالاعلام. وكانت ليما لجأت الى محكمة العدل الدولية في يناير ,2008 للمطالبة بالسيادة على منطقة بحرية تبلغ مساحتها 38 الف كلم مربع وغنية بالثروة السمكية التي تسيطر عليها تشيلي, وعلى منطقة تبلغ مساحتها 27 الف كلم مربع تعتبرها سانتياغو اعالي البحار. من جهتها لم توافق تشيلي الا مرغمة على الذهاب الى لاهاي, مؤكدة ان الحدود بين البلدين رسمتها معاهدتا 1952 و1954 اللتان تتمحوران حول مناطق الصيد, الا ان البيرو تحتج على ذلك. واعربت تشيلي عن "اسفها لخسارة" جزء من حقوقها البحرية في هذه المنطقة البحرية. واعلن الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا في رسالة تليت من القصر الرئاسي "اذا كان صحيحا ان تشيلي تحافظ في هذه المنطقة على حرية الملاحة البحرية والملاحة الجوية, فان منحها السيادة عليها يشكل ولا شك خسارة مؤسفة لبلدنا". ويمكن ان يشكل هذا القرار في الواقع خاتمة حرب المحيط الهادىء وان يتيح على الارجح للبلدين الجارين التعالي على احقادهما التاريخية. وقد خرجت تشيلي منتصرة من هذا النزاع الذي اعاد رسم حدود البيرو وبوليفيا رغما عنهما. وخسرت البيرو 25% من اراضيها وبوليفيا منفذها الى البحر. واحتلت القوات التشيلية ليما اربع سنوات. وقد تعهد الرئيسان البيروفي والتشيلي قبل تلاوة الحكم باحترام قرار المحكمة. وتطالب البيرو ايضا تشيلي بمنطقة برية صغيرة تبلغ مساحتها اربعة هكتارات تنطوي على اهمية رمزية نظرا الى الماضي العسكري للبلدين. وتعتبر البيرو من جهتها ان من الضروري رسم الحدود بصورة نهائية على ضوء معاهدة الاممالمتحدة حول البحار واتباع خط الجنوب الغربي المتساوي البعد من الحدود البرية وليس من خط ينطلق من الغرب والموازي لخط الاستواء. وسيؤثر صدور قرار لمصلحة البيرو على المصالح الاقتصادية لتشيلي في منطقة صيد تؤمن كميات سمك كبيرة. لكن بعض الخبراء يقولون ان العلاقات التجارية بين البيرو وتشيلي بالغة الاهمية وتبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويا, لذلك لا يمكن ان تتعرض العلاقة بين البلدين للخطر. وستواكب بوليفيا القرار عن كثب, لانها التجأت الى محكمة العدل الدولية لمطالبة تشيلي بامكانية اجراء مفاوضات للحصول على منفذ الى البحر خسرته خلال حرب المحيط الهادىء.