إن قضية إنشاء أحزاب من رحم الحركة الثقافية الأمازيغية كانت ولاتزال مثار جدال سياسي وثقافي كبير سواء في ما بين مكونات الحركة الثقافية الأمازيغية أو بين مكونات الحقل السياسي المغربي بصفة عامة، غير أن مشروعية التأسيس أي إنشاء أحزاب سياسية من طرف مناضلي الحركة الثقافية تستمد قوتها من مبادئ الديمقراطية القائمة على الحق في الإختلاف واحترام الرأي الآخر، ومن المبادئ القانونية الدستورية والمتمثلة في مشروعية التنظيم من طرف المواطنين أفراد وجماعات، وهكذا فإن القول بأن إنشاء أحزاب قائمة على الهوية الأمازيغية يتناقض مع نص القانون المنظم للأحزاب السياسية الذي يمنع تأسيس الحزب على أساس عرفي أو ديني أو لغوي قول مردود، وغير مبرر، ذلك أن أساس الإنتقال من الثقافي إلى السياسي المباشر من طرف بعض مناضلي الحركة يجد مشروعيته في البطئ الشديد لمؤسسات الدولة ومؤسسات الأحزاب التقليدية في التعامل مع القضية الأمازيغية.ومن جهة أخرى فإنه ليس هناك ما يمنع من تأسيس أحزاب هدفها الدفاع عن قيم نبيلة ومنها إعادة الإعتبار للثقافة واللغة الأمازيغية شأنها في ذلك شأن حركات المجتمع المدني المدافعة عن البيئة والتي تحولت إلى أحزاب الخضر بهدف حماية البيئة من آثار العولمة الجارفة. إن العمل السياسي المباشر من خلال إنشاء أحزاب للدفاع عن الأمازيغية لدليل قاطع على فشل مقاربة الدولة للقضية الأمازيغية وفشل دريع كذلك للأحزاب التقليدية والتي لم تستطع أن تستوعب بعد المتغيرات الوطنية والدولية محاولة قدر الإمكان الحفاظ على الواقع لما فيه من حفاظ على مصالح النخبة المغلقة، والتي كانت ولازالت السبب الحقيقي في الكوارث التي عاشها ويعيشها المجتمع والدولة المغربيين ومنها كارثة القفز على المعطى الأمازيغي كمكون أصيل في الثقافة المغربية. إن العمل السياسي المباشر من طرف مكونات الحركة الثقافية ما هو إلا خطوة إلى الأمام من أجل إعادة الإعتبار للمغرب العميق، هذه الخطوة التي لاتلغي بأي حال من الأحوال التراكم الثقافي للحركة، والذي كان ولايزال الثروة الحقيقية التي مكنت من الحفاظ على القلب النابض للثقافة المغربية والمتمثلة في الثقافة الأمازيغية. إن العمل السياسي المباشر من خلال إنشاء أحزاب سياسية منبثقة عن الحركة الثقافية الأمازيغية، مجرد جناح ثاني ينضاف للجناح الأول، والمتمثل في الجناح الثقافي و اللذين بهما تسبح الثقافة واللغة الأمازيغية في سماء الحرية الميالة للإنعتاق من إنتهازية النخبة التقليدية المستغلة للأمازيغية ، كشعار للكسب والحفاظ على مصالحها الخاصة، ومن رفض أعداء الأمازيغية رؤيتها تعيد للمجتمع والدولة أمجادهما الغابرة، أي أن إنشاء ومؤسسة الشأن الثقافي ما هو في الحقيقة إلا حاجية مجتمعية، وإفراز لواقع إجتماعي سياسي بهدف الدفع بمكونات المجتمع والدولة إلى التفكير العميق في التنمية الحقيقية القائمة على بناء الدولة بأدوات المجتمع وآلياته، ذلك أن كل تنمية حقيقية لاتقوم إذا لم تأخذ بعين الإعتبار الواقع التاريخي، من خلال إشراك المواطنين في تدبير الشأن العام. والحركة الثقافية في هذا الإطار كانت ولاتزال مرآة وقاطرة الثقافة الأمازيغية، ومارفعها لشعار العمل بجناحين إلا صرخة من اعماق المغرب العميق. ذة/ لطيفة دوش محامية بهيئة الدارالبيضاء