أعلن بسام الزرقا عضو حزب النور ومستشار الرئيس المصري محمد مرسي للشؤون السياسية الإثنين، استقالته من مؤسسة الرئاسة، في مؤشر إضافي على عمق الصراع بين اكبر تيارين إسلاميين ممثلين في البرلمان المصري. وأعلن الزرقا عضو حزب النور استقالته في مؤتمر صحفي عقده الحزب يوم الاثنين على خلفية إقالة خالد علم الدين مستشار الرئيس لشؤون البيئة من منصبه الأحد.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط إن الزرقا "رفض الإدلاء بأي تصريحات أو أي تفاصيل بشأن أسباب استقالته".
وأكدت مصادر في الرئاسة أن إقالة علم الدين جاءت على خلفية تقارير رقابية أوضحت محاولاته استغلال منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية، وفقا لما تناقلته وسائل إعلام مصرية.
وأضافت نفس المصادر أن الرئاسة بصدد إجراء تحقيق مع علم الدين فيما نسب إليه من اتهامات.
وقال عبد الله بدران، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور إن علم الدين تقدم باستقالته قبيل إعلان الرئاسة عن الإقالة المزعومة، لكنها استبقت الحدث، ونسبت إليه بعض التهم دون أي وجه حق.
واتهم عبد الله بدران بشكل غير مباشر جماعة الإخوان بالسعي ل'معاقبة' حزبه بسبب توجهه للابتعاد عن التحالف مع حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الإخوان المسلمين والاقتراب أكثر من جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة من خلال تكثيف الاجتماعات مع قياداتها لرغبة من الجميع في الاتفاق على آلية مشتركة وموحدة للخروج من الأزمة الراهنة للبلاد.
وأضاف أن حزبه يشعر بأن "هناك اتجاها ونشاطا (يمارسه الإخوان) مضادا للوضع الذي اتخذه الحزب خلال الفترة الماضية".
وأوضح بدران أن حزب النور سيظل يدافع عن الحق وسيواجه أي شخص أيا كان موقعه أو منصبه، في سبيل إظهار الحق وخدمة المواطن والخروج من الأزمة التي تضرب بأركان البلد بكل ناحية.
وأكد أن "إقالة مؤسسة الرئاسة للدكتور خالد علم الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون البيئة، لا تهمنا ولا تؤثر علينا، باعتبار أن قيادات حزب النور يتمتعون بكفاءات وخبرات عالية، ومثل هذه الأمور لا تنقص منا شيئا".
وتشهد الساحة السياسية المصرية حالة من الاحتقان الشديد بين حزب النور السلفي والإخوان، انتقلت إلى الصعيد البرلماني والسياسي بشكل عام. وبعد أن كانت معركة صراع خفي تحولت إلى صراع علني مكشوف.
وكان حزب النور السلفي قد أشعل معركة شرسة مع حزب الحرية والعدالة بعد ان انضم إلى مطالب الأغلبية المعارضة لحكم الإخوان بإقالة الحكومة بالرجوع إلى فشلها في تأمين الفترة الانتقالية التي تعيشها مصر وتأمين الحد الأدنى من السلم الاجتماعي وكذلك بعد فشلها الاقتصادي الذريع.
وظهر الصراع بين الحزبين الإسلاميين مع بداية أول اجتماع بين النور السلفي وجبهة الإنقاذ التي وحدت المعارضة مع ثاني أكبر حزب من حيث التمثيل البرلماني والتي رد عليها حزب الحرية والعدالة بتحالف غير مباشر مع الأحزاب الوسطية والجماعة الاسلامية وغيرها من القوى المتعاطفة مع الإخوان فيما يسمى بجبهة الضمير التي وصفها البعض بمعارضة في وجه المعارضة والتي تضم أحزاب غد الثورة والبناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية والأصالة والحضارة وغيرها.
وظهرت بوادر الصراع بتحركات من حزب النور السلفي للمطالبة بإقالة الحكومة، حيث أكد عبدالله بدران زعيم الأغلبية البرلمانية لحزب النور أن الحكومة لا تعمل على تحقيق مصلحة المواطن وطالب بضرورة أن يراجع الشورى أجندته بما يحد من أزمات المواطن البسيط.
وكان بدران قد تزعم انسحاب القوى المدنية وممثلي حزب النور السلفي من الجلسة البرلمانية التي ناقشت قانون الانتخابات بسبب رفض نواب الحرية والعدالة مناقشة الضمانات اللازمة لنزاهة العملية الانتخابية والتي حولت وقتها الأغلبية إلى أكثرية وقت أن تحالف عدد كبير من المعينين مع النور والقوى المدنية.
وظهرت آخر المواجهات الإخوانية السلفية بوضوح بعد أن أعلن حزب النور لجوءه إلى المحكمة الإدارية وهيئة كبار العلماء في مواجهة توقيع مصر على عدد من الاتفاقيات التي يراها الحزب ربا يضر بالاقتصاد المصري.
وتبع هذا القرار هجوم من حزب النور على حكومة هشام قنديل رئيس الوزراء المصري حيث اتهمها عبدالله بدران بإرهاق الوضع الاقتصادى لمصر قبل رحيلها.
كما يتهم حزب النور، جماعة الإخوان المسلمين، باستخدام مفاصل الدولة في الدعاية الانتخابية لصالح حزبها الحرية والعدالة، والسعي للهيمنة واحتكار السلطة.
وتقول قيادات في حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان إن الخلاف الدائر بين حزبهم وحزب النور راجع لاختلاف العقليات في العمل السياسي.
ويضيف هؤلاء أن ''السبب الرئيسي لخلاف قيادات النور مع توجه الحزب هو ان المرجعية العقائدية لدى قيادات ''النور'' لاتؤمن بعمل المرأة في مجال السياسة ولا تقبل ولاية المرأة على الرجل وللأسف يرجع ذلك لأن تجربة حزب ''النور'' في العمل السياسي مازالت حديثة ولم يتأقلموا على متطلبات العمل السياسي''.
ويقول مراقبون إن هذه التطورات الأخيرة في العلاقة بين حزبين يدعيان الدفاع عن الشريعة الإسلامية تكشف بوضوح عن الأخطار المحدقة بمصر من إسلام سياسي يسعى وراء هدف السيطرة على المجتمع وإخضاع كل قواه الحية لسطوته قبل توجيهه نحو آفاق تهدد بإعادته قرونا إلى الوراء.
ويرى هؤلاء أن المعارضة الليبرالية لم تكن تبالغ عندما أطلقت صيحة الفزع من المشروع الإخواني لإقصاء جميع من يخالفونه الرأي حتى ولو كانوا طرفا إسلاميا آخر يحمل تفسيرا مخالفا له لتطبيقات الإسلام في الحياة اليومية بقطع النظر عن كون هذا الفهم المخالف مرنا أو متشددا في هذه التفسيرات.