رغم استقدام شركة "نقل المدينة" ل180 حافلة مستعملة من باريس انتظر بفارغ الصبر الحافلة رقم 87، التي ينتقل على متنها يوميا من محل سكناه بالحي المحمدي إلى مقر عمله بشارع عبد المومن. وعندما لاح له "الطوبيس" الأخضر يتهادى بحمولته الثقيلة من الأجساد الآدمية، تأهب كغيره من المتجمهرين في إحدى محطات الوقوف بشارع "علي يعتة"، لكي يكون من بين أول المندسين داخل جوف الصندوق الفولاذي، لعله على الأقل يجد موطئ قدم يقف فيه مادام العثور على مقعد فارغ، أصبح حلما بعيد المنال في ساعات الذروة. هذا "الرحالة" الذي تكيف هيكله العظمي وجهازه العصبي مع "معصرة الطوبيس" لم يلاحظ أي تحسن ملموس في خدمات حافلات "نقل المدينة". فقد سمع من خلال ثرثرة بعض الركاب وأحاديث زملائه في العمل، أن شركة "مدينا بيس" عززت في الشهور الأخيرة أسطولها المتحرك في شوارع وأحياء العاصمة الاقتصادية بما مجموعه 180 حافلة مستعملة. التساؤلات المطروحة لدى العديد من البيضاويين من أمثال "رحالة" الحالفة 87 هي في أكثر الأحوال على صيغة "ما بان لينا حتى طوبيسات مختالفين على لي كاينين". أما الأجوبة التي أتيحت لكل من استفسر عددا من سائقي الحافلات والجباة أن هاذ الطوبيسات بونكازيون جاو من فرنسا، وهما بحال الطوبيسات لولين في الشكل واللون ولكراسي، ولكن باقين نقيين..". وبعيدا عن "هضرة" عامة الناي، أكدت مصادر عمالية أنه بالفعل "دخلت خلال الشهرين الأخيرين من السنة الجارية 90 حافلة مستعملة في مرحلة أولى، استقدمتها شركة نقل المدينة من وكالة باريس للنقل الحضري العمومي، حيث تم توزيعها على مراكز الشركة الأربعة تبعا للخصاص المسجل بها. وتلتها بعد ذلك دفعة ثانية عددها أيضا 90 حافلة مستعملة، وزعت هي الأخرى على شبكة الخطوط كما يرتقب في الأيام القادمة استقدام دفعة ثالثة من الحافلات يقدر عددها ب120 حافلة، وذلك في انتظار إعمال اتفاق النقل الحضري القاضي باقتناء 200 حافلة جديدة. كانت الشركة قد تلقت بشأنها إعانة مالية من الدارالبيضاء تصل إلى 20 مليار سنتيم، حيث ستدخل إلى الخدمة بداية السنة الجديدة". ما تناهى إلى العديد من العمال والمستخدمين بخصوص 200 حافلة جديدة، شكك مصدر نقابي في التزام إدارة "نقل المدينة" بتاريخ محدد لإدخال هذا الأسطول الجديد حيز الخدمة. فحسب مقتضيات اتفاق النقل الحضري، الذي تمت المصادقة عليه من قبل مجلس المدينة في دورة فبراير الماضي، كان المفترض أن يدخل أسطول الحافلات الممول قبل الدارالبيضاء مجال الخدمة هذه السنة، "إلا أن المؤشرات تقول بأن وحداته لن ترى النور هذه السنة الموشكة على نهايتها،أو بداية السنة المقبلة". ما يعني أن معاناة البيضاويين مع النقل لن تنتهي مع حافلات باريس المستعملة، وإن كانت ستخفف نوعا ما من حدتها، في انتظار إعمال المفوض له للبرنامج الاستثماري التعاقدي، الذي ينص على أن عدد الحافلات الجائلة بشوارع الدارالبيضاء مع نهاية السنة الجارية هو في حدود 972 حافلة. وسواء كان عدد "طوبيسات" شركة نقل المدينة، المتقادمة منها و"البونكازيون" المستوردة من باريس أو الحافلات الجديدة المنتظرة، غير كاف لمدينة الستة ملايين نسمة. فسوف يظل "رحالة" الحافلة رقم 87 وغيره من آلاف البيضاويين المنحشرين يوميا في هذه الصناديق المتحركة، يكابدون الأمرين في تنقلاتهم إلى أن يتحقق حلم "الترومواي".