ستمثل الأسماء الوازنة في ملف المكتب الوطني للمطارات في الرابع عشر من شهر فبراير المقبل، أمام القاضي علي الطرشي، رئيس قسم الجرائم المالية التابع لغرفة الجنايات بالبيضاء، وبمساعدة كل من المستشارين المحجوب براقي والفاطمي ضمان ونائب الوكيل العام للملك الأستاذ الهنداوي. فبعد أن قضى عبد الحنين بنعلو المدير العام السابق للمكتب الوطني للمطارات وأمين برقيل مدير ديوان بنعلو، أزيد من سنة في سجن عكاشة بالدارالبيضاء عملا بمسطرة الاعتقال الاحتياطي في القضايا ذات الصبغة الجنائية، فان تعميق البحث معهما من جديد يفيد أن ملف الاتهام بالغة الأهمية.(انظر الجدول).
وتعود تفاصيل سقوط بنعلو ومن معه إلى العام 2008 ، عندما دشن جلالة الملك محمد السادس المحطة الجوية الجديدة للمطار الدولي محمد الخامس، وصادف الحدث أن بدأت قطرات المطر تنهمر من سقف المحطة الجديدة على رؤوس المسافرين المتواجدين داخلها، لتمتد مياه الأمطار الى الأبواب الخارجية للمحطة، ليتحول المكان برمته إلى برك مائية. ما دفع المسافرين الوافدين إلى التخلص من الوضع عبر المشى حفاة حفاظا على أحذيتهم، فيما هرع التقنيون التابعون للمكتب الوطني للمطارات بحثا عن مصدر قطرات المياه، وتحديد الشرخ الذي أصاب سطح المحطة الجوية، التي أنجزت على مساحة 66 ألف متر مربع، وبغلاف مالي إجمالي بلغ مليار و34 مليونا و723 ألف درهم. ليقفوا مجددا على الأسباب الحقيقية لهذه الأوضاع التي أصبحت عليها المحطة. فمن عيوب قاتلة شابت عملية البناء، وضعوا تقريرا تقنيا، ورفعوه الى المصالح المختصة.
بعد ذلك انطلق المسؤول الأول بالمكتب الوطني للمطارات في تعميم تفاصيل الحدث على وسائل الإعلام، رغم أن المشروع كان يتوفر على أحدث التقنيات في مجال السلامة الجوية، لكن بنعلو رجح بأن تكون الأشغال التقنية الثانوية هي مصدر التسربات المائية، كما أن بنود الصفقات، تتضمن ضمانة تمتد لمدة عشر سنوات بمعنى انه من الممكن تدارك الموقف.
بيد أن الحدث الصادم الذي عرفته المحطة الجوية، سيجعل عبد الحنين بنعلو الذي تولى الإشراف على مكتب المطارات في العام 2004، أمام الأسوأ في المقبل من الأيام، شأنه في ذلك شأن مدير ديوانه، رغم احتكامهما لسياسة محاولة رأب الصدع التي نهجاها، والتقليل من هول الفاجعة.
ليحسم المجلس الأعلى للحسابات في الأمر عبر تقرير له في سنة 2008 حيث أشار إلى "فساد" داخل المكتب الوطني للمطارات.
وقد حدد التقرير الملامح العامة للمكتب الوطني للمطارات، وحدد بالتفصيل مكامن الخطأ، وفي شهر يونيو 2010 سيحيل الوكيل العام لدى المجلس الأعلى للحسابات ملف مطار محمد الخامس على وزير العدل من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة. وفي شهر أبريل من العام 2011 سيوضع الملف بين يدي الوكيل العام للمك بالدارالبيضاء، لتنطلق عملية التحقيق، لتظهر لائحة تضم 17 متهما كانت لهم مسؤوليات بالمكتب الوطني للمطارات، فتوصل كل واحد منهم باستدعاء مصدره المحكمة، فيما أخضع المدير العام عبد الحنين بنعلو ومدير ديوانه أمين برقليل لتدابير المراقبة القضائية ومنعا من السفر خارج أرض الوطن.
لقد استغرقت مسطرة البحث التمهيدي التي تكلفت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية سبعة أشهر، ليحرر صك الاتهام في حق المتابعين في الثامن من فبراير 2012، وهم الذين كانوا في السابق يبحثون عن شهادات الجودة"ايزو 14000 " لمطارات المغرب، ليجدوا أنفسهم متابعين قضائيا بتبديد واختلاس أموال عمومية، والمشاركة واستغلال النفوذ، وصنع وثائق تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها.
لقد أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات في سنة 2008 إلى عدد من الاختلات التي عرفها المكتب الوطني للمطارات، منها استفادة المدير العام من إقامة عائلية في فندق بمراكش على حساب المكتب، وشراء مقتنيات فاخرة منها حقائب من ماركات مختلفة وسجائر كوبية، وعطور بقيمة تجاوزت 60 مليون سنتيم، إضافة إلى إفراط بنعلو في اقتناء الهدايا، منها حقائب الغولف، وسلع فضية، وأخرى من البورسولين بقيمة 239 مليون سنتيم.
وفيما يتعلق بالصفقات أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات أنه تم إبرام حوالي 1000 صفقة خلال أربعة سنوات بقيمة 640 مليار سنتيم، وكذا إبرام 8000 سند طلب بقيمة 374 مليون درهم، أما الصفقات المتعلقة بملابس المستخدمين فقد ناهزت مليارين و700 مليون سنتيم، فيما لم تكن تتجاوز من قبل 70 مليون سنتيم. و فيما يتعلق ببناء محطة المسافرين الجديدة، أشارالتقرير إلى أنها بنيت بالاسمنت الرمادي بدل الأبيض، مع استعمال نوع رديء من الحديد. وعلى مستوى التجاوزات الإدارية، فيما يتعلق بطلبات العروض أو انجاز الصفقات فقد تم تغيير تصميم السقف ذي الهيكل المعدني الخاص بالمحطة الجوية، حيث تم استهلاك كميات من الحديد وصلت قيمتها إلى 6 ملايين و350 ألف درهم دون إخضاعها لأية دراسة، كما استفاد عدد من الشركات من مبالغ مالية دون انجاز الأشغال المنصوص عليها في دفتر التحملات.
والى ذلك تمكن التقرير من الوقوف على خروقات أخرى منها تفويت عقار بايفران، الذي كان مخصصا لفائدة مستخدمي المطار، لمدير المكتب عبد الحنين بنعلو وامتياز تفضيلي، وكذا إقدام المكتب على توظيف عدد من الأشخاص دون احترام المساطر الإدارية، والتوظيف عبر شهادات مزورة، وقد حصر التقرير 9 حالات تتعلق بدبلومات مهنية في عدد من التخصصات.
أما فيما يتعلق بالتعويضات أكد التقرير أن هناك الملايين من الدراهم صرفت على مهام وهمية، استفاد منها بعض الأطر العاملة في المكتب، ذكر منهم التقرير أمين برقليل، مدير ديوان بعلو، ولم يفت تقرير المجلس الوقوف على العديد من الخروقات التي عاشها المكتب الوطني للمطارات والتي كانت تقع في عهد بنعلو ومن معه.
ممتلكات بنعلو ومدير ديوانه وأقاربهما
خضعت ممتلكات بنعلو ومدير ديوانه وأقاربهما لأبحاث معمقة بأمر من قاضي التحقيق المكلف بالغرفة الرابعة باستئنافية الدارالبيضاء.
ففيما يتعلق بممتلكات بنعلو المدونة في اسمه أو في اسم زوجته، أو أبنائه، فإنها تشمل أوعية عقارية، منها بقعة أرضية بمنطقة عكراش مساحتها تزيد عن الهكتار الواحد، وبقعة أرضية بشاطئ تمارة تقدر مساحتها ب 331 هكتار، كما يملك بقعة بايفران مساحتها 780 مترا مربعا، وفي سلا توجد بقعة مسجلة في اسمه تناهز مساحتها الهكتارين. إضافة إلى أصول أخرى بنفس المدينة. و فيما يتعلق بممتلكاته خارج المغرب فقد نفى عبد الحنين بنعلو ذلك جملة وتفصيلا أمام قاضي التحقيق.
وفيما يتعلق بمدير ديوانه أحمد أمين برقليل، الذي كان يعمل إطارا بوزارة المالية، فقد أشار التحقيق القضائي أنه يملك شركات عقارية بفرنسا، وخمس شركات بالمغرب متخصصة في الإشهار والإعلام، وأخرى متخصصة في التصدير والاستيراد، وواحدة متخصصة في التدليك الطبي والجمال، ومساهم في رأسمال شركة مغربية تسمى"ديناميك هاوس" لها اختصاصات في الاستيراد والتصدير، وهي شركة استفادت من سندي طلب يحملان رقم04. 858و04. 41451 سنة 2004.