النيابة العامة تأمر بافتحاص مجمل التقارير المتعلقة بخروقات في إبرام الصفقات والتلاعب وتبدير المال العام والاستيلاء على 10 بقع أرضية أكدت مصادر مطلعة لبيان اليوم أن دفاع عبد الحنين بنعلو والأربع وعشرين مسؤولا المتابعين معه بتهمة استغلال النفوذ واختلاس وتبديد أموال عمومية والتزوير، طلب صباح أمس الاستماع للمتهمين في إطار الحق الذي يخوله لهم القانون. وهو طلب، يقول مصدرنا، تم تأجيله إلى غاية يومه الجمعة من طرف قاضي التحقيق الذي واصل أمس الاستماع إلى بنعلو ومدير ديوانه برقليل وأصدر أمرا بالتدقيق في كل الملفات المتعلقة بالمهام والمسؤوليات التي أوكلت للمتهمين والمشاريع التي سهروا على تدبيرها طيلة السنوات التي قضوها على رأس مصالح المكتب الوطني للمطارات، بالإضافة إلى إعادة قراءة متأنية لمجمل التقارير التي سبق إعدادها حول موضوع تبديد الأموال العمومية وعلى رأسها التقرير الصادر سنة 2008 عن قضاة المجلس الأعلى للحسابات، والذي أسفر عن ضبط عدد من الخروقات شملت إبرام الصفقات والتلاعب أو صرف مبالغ ضخمة لإنجاز أشغال مرتين أو تبذير المال العام. ومن الصفقات التي وقف عندها تقرير المجلس، صفقة بناء المحطة الثانية بالدارالبيضاء، وصفقة اقتناء الملابس للمستخدمين، والمبالغة في المصاريف الخاصة بالمدير. وهذا التقرير الذي اطلع عليه مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، كانت خلاصاته التي تتحدث عن اختلالات شابت صفقات عمومية أبرمها المكتب،وصلت قيمتها 640 مليار سنتيم، وراء إعلان الرميد، ليلة الاثنين الماضي، في لقاء صحفي بالبيضاء، أن ملف المكتب الوطني للمطارات سيكون أول ملف يحال على القضاء، موضحا أن هناك «شخصيات مرشحة للاعتقال». كما أمر قاضي التحقيق بالتدقيق في الشكايات الموجهة من طرف مسؤولين سابقين وعلى رأسهم شكاية رئيس قسم الشؤون القانونية والممتلكات سابقا بالمكتب الوطني للمطارات. هذا الأخير كشف للرأي العام، قبل أسبوعين فقط، أن المدير العام السابق، عبد الحنين بنعلو، استولى على 10 بقع أرضية بإفران كانت مخصصة لبناء منتجعات يستفيد منها أطر ومستخدمو المكتب في إطار الأعمال الاجتماعية. ولم يكتف رئيس قسم الشؤون القانونية والممتلكات، في شكايته المذكورة، بإعلان الفضيحة، بل مضى يروي تفاصيل عملية الاستيلاء، معلنا أنه في ثمانينات القرن الماضي تم إبرام معاهدة بين المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء والتعمير بمكناس، ومدير مكتب مطارات الدارالبيضاء، ومراقب المالية، تنص على اقتناء عشر بقع أرضية من صنف فيلات ذات مساحة تتراوح بين 300 و700 متر مربع مخصصة للأطر والمستخدمين. وفي دجنبر 2002 باشر المدير العام للمكتب الوطني للمطارات آنذاك عملية التوقيع على عقد البيع النهائي، وسجلها لدى المحافظة العقارية بإفران. وفي غشت 2007، انتهزت المديرية العامة، يقول رئيس قسم الشؤون القانونية والممتلكات سابقا بالمكتب الوطني للمطارات، فرصة حصوله على عطلته السنوية، وحررت عقد بيع بتاريخ 13/08/2007، ينص على أن المكتب الوطني للمطارات يبيع لعبد الحنين بنعلو، المدير العام، تلك البقع، فوقع الأخير وصادق على توقيعه مديرا عاما بوصفه بائعا ثم مشتريا في الوقت نفسه. هذا الأخير، كان قد أوضح لوسائل الإعلام أن «الأراضي اقتناها المكتب الوطني للمطارات بالفعل من أجل تفويتها لأطره في إطار الأعمال الاجتماعية، وفعلا فوتت لعشرة أشخاص، أنا من بينهم. أما إن كان السؤال هو: هل جرى ذلك التفويت بدون موافقة المجلس، فأحيلكم على جواب وزارة التجهيز (أنظر الصفحة 66 من تقرير المجلس الأعلى للحسابات: (إنه مشروع اجتماعي سهرت عليه جمعية أطر المكتب الوطني للمطارات، وحصل هذا التفويت بترخيص من المجلس الإداري المنعقد في 5 مارس 2008، عبر توصية رقم 5، التي فوضت للمدير العام صلاحية القيام بهذه التفويتات)» . وكان بنعلو قد صرح للصحافة الوطنية بعد إعلان المجلس الأعلى للحسابات عن وجود اختلالات داخل المكتب الوطني للمطارات أن تصفح هذا التقرير يفرض «الأخذ بعين الاعتبار أنه يتكون من ثلاثة فصول، الفصل الأول هو ملاحظات المجلس الأعلى للحسابات، والفصل الثاني هو أجوبة المكتب الوطني للمطارات، والفصل الثالث هو أجوبة وزارة التجهيز كوزارة وصية. إذ لا يمكن البتة أن نستجمع الصورة لملاحظات المجلس الأعلى للحسابات ما لم نتصفح كل الأجوبة وجميع التفسيرات المندرجة في إطار الملاحظات»، مضيفا أنه «من اللازم التوضيح أن 640 مليار سنتيم هو مجموع الاستثمار الذي قام به المكتب الوطني للمطارات خلال هذه الفترة عبر صفقات عمومية، وأن المجلس الأعلى أتى بملاحظات تهم بعض الصفقات.. ولا يمكن الحديث عن اختلال إلا إذا ثبتت حجته». وهي الحجة التي يسارع قاضي التحقيق إلى إثباتها من خلال جمع ركام التقارير خلال الأيام القليلة القادمة والتي سيواجه بها المتهمين القابعين في ردهات محكمة الاستئناف والممنوعين، حسب مصادرنا، من هواتفهم النقالة ومن أية زيارة خارجية طيلة الأيام الأربع الأولى من التحقيق الأولي.