نظم المقهى الأدبي دار الشريفة، يومه الأربعاء 27 فبراير الجاري بشراكة مع مركز محمد المختار السوسي للدراسات والأبحاث ونشر التراث، عرسا ثقافيا بمراكش لتكريم الأستاذ الباحث أحمد متفكر الذي يعتبره جل مثقفي مدينة البهجة ومن عرف قدره بالمغرب وخارجه على أنه "ذاكرة مراكش تمشي على قدمين". فالباحث المحتفى به هو منارة علمية يسطع بريقها في آفاق تراثية وعلمية حين وهب نفسه للتنقيب والتحقيق وسبر أغوار مدينة مراكش واكتشاف أسرارها التي كانت مهددة بالطمس والضياع والنسيان والتشتت. لم يبخل الحاضرون الذين أثثوا فضاء الندوة العلمية بالإدلاء بشهادات مؤثرة في حق الباحث أحمد متفكر، تخللتها كلمات لكل من رئيس مؤسسة مراكش رياض وكلمة رئيس مركز محمد المختار السوسي القائمة على تنظيم حفل التكريم، لتتوالى مباشرة بعدها شهادات لكل من مولاي امحمد الخليفة وعبد الرحمان الملحوني الذي سلط الضوء على عصامية المحتفى به وجهوده في إنارة تاريخ مراكش بمؤلفات أعطت للتراث الشعبي دفعة قوية، وأعادت لفن الملحون رونقه العلمي والفني. كان للمداخلات العلمية الأكاديمية بريق خاص زاد من بهجة الباحث أحمد متفكر ونشوة الحضور المعرفية وطبع الاحتفال بصبغة الجدية، خصوصا أن المداخلات شملت أوراق نقدية لبعض أعمال المؤلف والمحقق المحتفى به. استهلت بمداخلة للدكتور محمد بن عمر الناجي القادم من حاضرة سوس العالمة والأستاذ الجامعي بكلية الآداب بجامعة ابن زهر والذي تطرق فيها إلى أهمية التحقيق معرجا على إيجابيات ما قدمه المحقق المكرم عكست جهوده المبذولة من جمع وتأليف وتحقيق وكل يعلم معاناة الباحث المشتغل على نصوص مخطوطة يطوعها كي تصبح مطبوعة صالحة للنشر، فالتحقيق حسب مداخلة الاستاذ الناجي: صنعة قل من يجيدها، ولكل صانع إبداع وبصمة خاصة ينفرد بها عن من اشتركوا تخصصه. مداخلات متعددة زينت الحفل أدلى أصحابها من خلالها بشهادات قيمة في حق المحتفى به، كذلك كان الشأن عند الاستماع لشهادة الأستاذ فيصل الشرايبي والتي عنونها "المتفكر المحمود" وفيها اعترف بمناهج العلامة أحمد متفكر وعطاءاته في مجالات علمية كثيرة، وعلى نفس المنوال جاءت شهادة الأستاذ محمد الأزهري الذي اعتبر متفكر ذاكرة متجددة استطاعت جمع مواد وأشعار ومحاضرات وتواريخ وأعلام وعلامات وغيرها في مؤلفات كتبت بأسلوب خاص عن الخطباء والأطباء والشعراء وأعلام مراكش المغمورين والمعروفين، معرجا على بعض الحواضر المجاورة بمنطقة الحوز متمددا ببحوثه منقبا عن كنوز المنطقة ومعارفها التراثية المخبأة بين ثنايا الماضي لاستشراف المستقبل. (رجل ترك العولمة وما افتتن به الناس في زمننا، وسخر نفسه لجمع وتحقيق وتنظيم تراث مدينة عريقة كمراكش … فالأستاذ أحمد متفكر يعتبر الضمير الذي وجب أن يظل حيا متوهجا بداخلنا يعكس عشقنا للوطن) بهذه الكلمات عرفه الأستاذ مولاي المامون المريني في مداخلته التي عنونها: "أحمد متفكر ذاكرة زهية لحاضرة البهجة". إلا أن مداخلة الأستاذ مولاي عبد الرحمان الخرشي كانت بحق مسك ختام الأوراق العلمية المنجزة والمهيأة للتكريم والتي حملت قراءة في مؤلف المحتفى به "مقالات ومحاضرات الشيخ الرحالي الفاروقي" موضحا من خلالها جهود المؤلف في انقاذ جزء كبير من التراث العلمي والفكري للشيخ وحفظه من التشتت، وبه انتصر في حيازة تقدير وتبجيل كل عاشقي المعارف التراثية من أبناء حاضرة مراكش الذين وجدوا في الباحث أحمد المتفكر المسعف والمغيث والحافظ لذاكرة مهددة بالضياع والنسيان ثم حفظها وتوثيقها في مؤلفات وضعت تحت إشارة الدارسين والباحثين والمهتمين من داخل الجامعات المغربية وخارجها، وهو الخبير بمجالات (البحث والتنقيب والجمع والتمحيص والفحص والتحقيق والتقديم والتنسيق والتعليق والتبويب والتصنيف والترتيب والتصويب، والارتقاء بطباعة الكتاب المعرض للضياع والنسيان والتشتت تقنيا وفنيا وجماليا، وفي تجويد الخط وغيره كثير). الحفل التكريمي للمحتفى به الذاكرة الحية الباقية والمتجددة لحاضرة مدينة السبعة رجال، تخلله قراءات شعرية للأديب الشاعر اسماعيل زويرق، وعزف بالكلمات منفرد ومتفرد على قيثارة مراكش نسجتها شهادة الأستاذ محمد إكرام السباعي في حق العلامة الفريد والمتفرد في مجاله أحمد متفكر فخر مراكش والمغرب.