ظلت قضية مكافحة التطرف والإرهاب تتصدر قضايا الرأي العام الوطني و الدولي، لما لها من تأثير سلبي على عقول الشباب بصفة خاصة، وشهد المغرب خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في مجال مكافحة التطرف والإرهاب، ووضع استراتيجية في هذا الشأن شرعت في تنفيذها مختلف الأجهزة الأمنية، و حققت نتائج ملموسة سعت إلى محاربة الأفكار المتطرفة والجريمة الإرهابية، خصوصا وأن هناك تصاعدا للتنظيمات الإسلامية التي تتبنى العنف والجهاد الأعمى، والتي عرفت انتشارا في شمال إفريقيا و دول منطقة الساحل. وقد أثبت الواقع، أن الشباب هم أكثر شريحة مستهدفة من قبل التيارات الإرهابية والمتطرفة، حيث يستقطبون الشباب عن طريق الدين، ويزرعون أفكارا متطرفة داخل عقولهم، مثل كراهية الآخر وتكفيره، وإقناعهم بأن العنف والقتل جهاد فى سبيل الله، وهو الطريق لدخول الجنة. فبعض الشباب، في هذه المرحلة العمرية الحرجة، يعيشون نوعا منالفراغ و الاضطراب النفسي والتوتر لظروف اجتماعية، قد يصبحون لقمة سائغة لشيوخ التطرف، عن طريق بعض المساجد التي ينتشر بها هؤلاء الدعاة المتشددون، خاصة فى القرى والأحياء المهمشة، أو يتم استقطابهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي عرفت انتشارا واسعا عبر العالم. وبعد أن يسيطر على عقولهم الفكر الضال، يبدأ الشباب نقمهم وسخطهم على المجتمع، ويكرهون الدولة و مؤسساتها، ويتهمون الجميع بالكفر، بعد أن برر لهم شيوخ التطرف أن هذه الأفعال من صميم الدين، بتحفيظهم بعض الأحاديث الموضوعة (الكاذبة) والمنسوبة زورًا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، بقتل الآخر جهادا في سبيل الله، ويأتون بآيات قرآنية ويفسرونها لهم حسب أهوائهم. إن المسؤولية فى حماية الشباب من الفكر الضال و تنشئتهم تنشئة صحيحة و سوية تقع على الأسرة أولا قبل المدرسة و المجتمع، كونها البيئة الأولى في رعاية الأبناء، وأن تغرس بداخلهم روح الوطنية والإنسانية، والعمل على نزع التطرف والانحراف الفكري من عقولهم، وتعريفهم لهم بالدين الصحيح، مع غرس القيم والمعتقدات التى تدعم التسامح ومحبة الآخر وقبوله، بمعتقداته وأفكاره. وينبغي كذلك تعليم الأطفال والشباب، الفنون المختلفة، سواء الموسيقى والمسرح والرسم وغيرها، حيث يرتفع الحس الجمالي لديهم، وتكون طاقة الحب لديهم كبيرة، و ينشؤون على حب الخير و الجمال و الحياة، فمثل هؤلاء يستحيل أن يصدر منهم تطرف أو تعصب أو عمل إرهابي يزهق أرواح الناس. و أيضًا تبقى على عاتق مؤسسات الدولة مسؤولية كبيرة ومهمة فيحماية الشباب من الأفكار الضالة الهدامة، عن طريق التربية والتوعية والتعليم، وتعزيز روح المسؤولية والمبادرة لديهم لزيادة حسهم الوطني، و توضيح خطر التطرف في المدارس والجامعات و جميع المؤسسات التعليمية و التربوية ولدى مختلف شرائح المجتمع، وإشراك مختلف مكونات المجتمع من مؤسسات حكومية و جمعوية لمحاربة التطرف، واستثمار المساجد والأئمة ومساهمتهم من خلال الوعظ ، وتفعيل الخطاب الديني المعتدل. كما لا ننسى أن تكريس قيم التسامح والتعددية وثقافة احترام حقوق الإنسان في المجتمع وترسيخها وقبول الآخر من خلال المؤسسات المعنية بالتوجيه والتربية، من الأمور التي قد تعالج المجتمع من سرطان التطرف والإرهاب، الذى انتشر بين الشباب بسبب بعض رجال الدين المتشددين، فبالحب والتسامح والرحمة، يعيش الناس فى سلام، وهذه هي مقاصد الشريعة الإسلامية السمحاء.