احتفاء باليوم العالمي للمرأة وضمن مشروعه ورشات التوعية القانونية حول" مدونة الأسرة بين الكونية والخصوصية" نظم مركز التفكير الاستراتيجي والدفاع عن الديمقراطية بشراكة مع وزارة العدل، يوم الأربعاء 22 مارس 2023، بمقر معهد الصحافة وعلوم الاخبار بالعيون، ورشة في الدعم القانوني والحقوقي حول موضوع التشريعات الوطنية ذات الصلة بمدونة الاسرة ومتطلبات الملائمة مع الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وذلك في اطار انشطه الرامية لتقييم تفعيل مدونة الأسرة بعد تسع عشر سنة من صدورها. وسعت هذه الورشة في الدعم القانوني والحقوقي إلى واستكمالا للنقاش الذي سيق وان فتحه في الموضوع من زاوية مدونة الأسرة على ضوء القانون الدولي لحقوق الانسان، عبر تبادل وجهات نظر والآراء بين متخصصين في وناشطين حقوقيين وممارسين والقضاة بالأخص العاملين في قضاء الاسرة ، والمحامين والعدول ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية المتخصصة في قضايا النساء والاسرة والطلبة الباحثين في الدراسات القانونية والاعلام والنساء والفتيات، وذلك من اجل التداول في أوجه التقدم المحرز عبر تطبيق مدونة والوقوف عند الاختلالات والصعوبات التي عرفتها التجربة العملية والتي أبانت أن مدونة الأسرة واجهت عدة عوائق حالت دون تحقيق أهدافها. ولعل من بين ابرزها عدم التطبيق السليم لمقتضياتها، لأسباب مرتبطة بالعقليات التي مازالت تعتقد أن هذه المدونة مقتصرة على حقوق النساء، والصور النمطية عن أدوار المرأة في المجتمع، وفي هذا الصدد هدفت الورشة الى تحديد الأسباب الرئيسة وراء ذلك وتقديم توصيات عملية لتحقيق مراجعة أنجع لمواد المدونة من خلال المحاور التالية: أولا التجربة المغربية في مجال تعديل قوانين الأحوال الشخصية وثانيا: تنزيل المبادئ الدستورية لحماية الاسرة ومتطلبات الانفتاح على المنظومة الحقوقية الدولية، ثم ثالثا: التطبيق العملي لمدونة الأسرة ومدى احترام المواثيق الدولية في إطار حماية الأسرة. و قد اعتبرت مختلف المداخلات أن الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وغيرها من الاتفاقيات الدولية أفردت العديد من الحقوق الخاصة بحماية الأسرة والأمومة والطفولة كما أن الدستور المغربي لسنة 2011 باعتباره أسمى تشريع للدولة تبنى معظم هذه الحقوق على حد سواء ولكن بصيغ راعت الخصوصية المغربية، حيث اشتمل على العديد من المواد الخاصة بالأسرة والأمومة والطفولة، كما أحال على الإجراءات الخاصة لضمان هده الحقوق ،ووضع من الآليات التي تكفل حمايتها، وخلصت المتدخلين الى أن أية قراءة لحقوق الأسرة في التشريع المغربي تتطلب اعتماد مرجعية حقوق الإنسان في عالميتها وشموليتها. وضرورة استحضار اية تعديلات مرتقبة للمدونة على مقاربة تحترم الخصوصيات ألمجالية والترابية والتعبيرات الثقافية والأعراف المجتمعية واعتبارات سوسيولوجية متعددة، كما ان العديد من القضايا ما تزال تطرح تباينا في النقاش المجتمعي معها ومنها بعض المسائل الخلافية المرتبطة ببعض النصوص بمدونة الأسرة التي تحتاج الى مواصلة النقاش العمومي من قبيل المرجعيات التي يفترض الاحتكام اليها في التعاطي مع هذه النصوص هل بالاستناد الى مبدأ الكونية وبالتالي إعمال مقتضيات الاتفاقيات والمواثيق الدولية او الارتكاز على المرجعية الخصوصية الوطنية او الملائمة بين المبدأين الكونية والخصوصية. وفي نفس السياق نوه معظم المشاركين بمضامين الخطاب الموجه للأمة بتاريخ 30 يوليو 2022 بمناسبة الذكرى الثالثة والعشرين لعيد العرش والذي اعتبر "أن مدونة الأسرة، ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها. وبكونها جاءت لتوازن بين حقوق المرأة والرجل على حد السواء، مع مراعاة مصلحة الأطفال. وبضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل، لمقتضياتها القانونية وفتح ورش جديد لتجاوز اختلالاتها وسلبياتها، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض موادها، التي انحرفت عن مقاصدها في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي وقد خلص اللقاء إلى مجموعة من التوصيات لتجاوز الصعوبات التي تمت مناقشتها بشأن الملائمة بين مبدأي الكونية والخصوصية في اية مراجعة مستقبلية لبنود مدونة الاسرة واستحضار البعد المجالي عند هذه المراجعة، ومن أبرز التوصيات: – مراعاة الخصوصيات ألمجالية والترابية والتعبيرات الثقافية والأعراف المجتمعية والمكونات الهوياتية الأمازيغية الحسانية بمناسبة اجراء اية تعديلات مستقبلية للمدونة. – التكوين المستمر للموارد البشرية العاملة في قضاء الاسرة في مجال مدونة الأسرة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة – التحسيس بمهام صندوق التكافل العائلي وسبل الاستفادة منه. – مراجعة السلطة التقديرية للقضاء في بما يحكم به من احكام للمتعة والنفقة والتي أحيانا تكون مبالغة في الارتفاع واحيانا أخرى مغالية في الاجحاف. – الدعوة الى توحيد العمل القضائي في المادة الأسرية والذي يشوبه التضارب أحيانا في نفس الدائرة الاستئنافية؛ – تقوية مؤسسة المساعدة الاجتماعية وتزويدها بالكفاءات البشرية المتخصصة في علم الاجتماع وعلم النفس وتعزيزها للقيام بمهامها في الصلح وكذلك في مهام تحديد الوضعية الاجتماعية للأبناء والمطلقات؛ – ضرورة انخراط جميع المتدخلين من سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية ومكونات المجتمع المدني للتحسيس بمقتضيات المدونة و تعزيز دور وسائل الإعلام في ذلك.