نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء مؤخرا ندوة تشاورية ترافعية تحت عنوان: " مدونة الأسرة وضرورة الملائمة مع الدستور والمواثيق الدولية الحقوق الإنسان"، بمشاركة نخبة من الباحثين في المجال الاجتماعي والسياسي والاجتهاد الفقهي وكذا ممثلي بعض القوى السياسية والجمعيات النسائية. ويأتي تنظيم هذه الندوة في سياق التعبئة والترافع من أجل مراجعة شاملة لمدونة الأسرة وملائمتها مع الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتفاعلا مع الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الذي دعا من خلاله جلالة الملك إلى ضرورة مراجعة مدونة الأسرة وتجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبان عنها تطبيقها، وإلى تحيين مختلف الآليات المؤسساتية والتشريعات المتعلقة بحقوق النساء وبمشاركتهن الفاعلة، في مختلف مجالات التنمية". وخلصت الندوة إلى مجموعة من الملاحظات والتوصيات الهامة من أجل مراجعة شاملة لمدونة الأسرة أهمها، أن هناك سياق جيواستراتيجي يفرض على المغرب بكل مكوناته ولاسيما نخبه السياسية الانخراط والتحلي بالشجاعة والمسؤولية في الدفع بملائمة كل تشريعاته الوطنية مع منظومة حقوق الإنسان بما فيها مدونة الأسرة. كما أن ضمان تحقيق العدل والمساواة بين النساء والرجال في المجتمع وضمان توازن واستقرار الأسرة يقتضي اللجوء للاجتهاد الفقهي الحي المبني على المساواة انطلاقا من قراءة دينية متنورة ومتجددة تأخذ بعين الاعتبار الأخلاقيات الكلية للوحي القرآني وسياقه التاريخي ومقاصده الكبرى وفهم للآيات القرآنية في سياقه التاريخي الاجتماعي والحقوقي، وتأويلها وفقا لمستجدات العصر وإنتاج قراءة إنسانية جديدة لها. بالإضافة إلى أن التحولات التي طرأت على البنية السوسيو اقتصادية للمجتمع المغربي وتواجد النساء في جميع المجلات الاقتصادية وتحملهن مسؤولية تسيير الأسر وإعالتها والمساهمة الفعالة والكبيرة في تنمية موارد وممتلكات الأسر يسأل نظام القوامة التقليدي الذي مازالت مدونة الأسرة تنهل منه وتعتمده في تناقض صارخ مع مبدأ المساواة الذي اعتمده الدستور انطلاقا من المنظومة الكونية لحقوق الإنسان؛ و الانخراط الطوعي للمغرب في منظومة حقوق الإنسان تقتضي تفاعله مع التقارير الصادرة عن مختلف الآليات الدولية والمتعلقة بمدى التزامه بتفعيل المواثيق الدولية ومنها التقرير الأخير للجنة مناهضة التمييز ضد النساء الصادر في دورته الثانية والثمانين والذي حث المغرب من خلال توصياته على مراجعة تشريعاته وملائمتها مع المواثيق الدولية ومنها مدونة الأسرة. وفي الأخير أجمع المشاركون والمشاركات في هذه الندوة على تكثيف الجهود بين مختلف مكونات والفاعلين المجتمعيين، سيما الحركة النسائية من أجل ترافع يهدف إلى مراجعة شاملة لمدونة الأسرة بما يضمن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المصلحة الفضلى للأطفال، مع خلق قنوات وأليات التواصل الكفيلة بتحقيق ذلك بما فيه خلق آلية تنسيقية تضم مختلف الفعاليات الحقوقية والنسائية.