توقعت منظمة الصحة العالمية الجمعة أن يسجل العام الثاني عددًا أكبر من الوفيات جراء كوفيد-19 مقارنة بالعام الماضي، وفي حين بدأت بعض البلدان تتجه نحو حياة شبه طبيعية، ما زالت دول أخرى مثل الهند تواجه موجة كاسحة من الوباء. تسببت الجائحة بما لا يقل عن 3,3 ملايين وفاة في جميع أنحاء العالم منذ نهاية 2019 فيما يشكل ظهور المتحورات والتقدم غير المتكافئ في حملات التطعيم مصدر قلق. وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس في مؤتمر صحافي إن دولا عديدة ما تزال تشهد تفشيا قياسيا للعدوى، من مثل الهند ونيبال وسريلانكا وبعض بلدان القارة الاميركية، مؤكدًا أن "وفق المسار الذي تسلكه الامور، فإن العام الثاني من انتشار الوباء سيكون أكثر فتكا بكثير من العام الاول". وأضاف "أفهم سبب رغبة بعض الدول في تلقيح أطفالها وفتيانها، ولكنني اطلب منكم التفكير في التخلي عن ذلك وإعطاء اللقاحات لكوفاكس"، وهي المنصة الدولية التي انشئت لضمان وصول اللقاحات الى الدول في شكل عادل. في هذه الأثناء، بدأت البلدان التي تسجل نتائج مشجعة، لا سيما في أوروبا، بإعادة تحريك عجلة اقتصاداتها. ففي اليونان، انتهى الجمعة الحظر على حرية التنقل من منطقة لأخرى او الذهاب إلى الجزر ولم يعد مطلوبا إرسال رسائل نصية للخروج ولن تحرر الشرطة بعد الآن مخالفات. ومع رفع الأغلاق الذي فرض في 7 تشرين الثاني/نوفمبر أعادت المتاحف فتح أبوابها. وبات الشرط الوحيد لزيارة اليونان الذي يرتهن اقتصادها بالسياحة إلى حد كبير، هو الحصول على اللقاح أو اختبار لتشخيص الإصابة بكوفيد-19 سلبي النتيجة. وقالت السائحة الألمانية كارولين فالك البالغة 28 عاما "المطاعم مفتوحة ويمكننا الذهاب إلى الشاطئ والاستمتاع بالطقس الجميل والتسوق. الخروج مجددا أمر رائع". باشرت الحكومة اليونانية حملة تلقيح تحضيرا للموسم السياحي ولا سيما في الجزر. وقال وزير السياحة "ستكون كل الجزر محمية بحلول نهاية حزيران/يونيو". وتلقى أكثر من 3,8 ملايين شخص جرعة على الأقل من اللقاح في بلد يعد 11 مليون نسمة. واستعدادًا للموسم السياحي، أعلنت إيطاليا من جهتها أنها سترفع ابتداء من الأحد الحجر الصحي المصغر لمدة خمسة أيام المفروض على السياح الأوروبيين. أدى الوباء إلى أسوأ ركود ما بعد الحرب في شبه الجزيرة التي يعتمد ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 13% على قطاع السياحة. وتستعد إنكلترا لتتجاوز بعد أيام قليلة مرحلة أساسية في رفع إجراءات الاغلاق مع إعادة فتح المتاحف والفنادق والملاعب الرياضية اعتبارا من الاثنين المقبل بفضل تراجع واضح في انتشار فيروس كورونا بعد حجر طويل وحملة تلقيح مكثفة. لكن انتشار المتحورة الهندية على نحو مثير للقلق في شمال غرب إنكلترا وفي لندن دفع السلطات إلى إطلاق حملة متسارعة لاختبارات الكشف. من جانبها أضافت فرنسا أربع دول جديدة هي كولومبيا والبحرين وكوستاريكا وأوروغواي إلى قائمة تضم 12 دولة سيخضع المسافرين القادمين منها للحجر الصحي لمدة عشرة أيام اعتبارًا من الأحد. أما في الولاياتالمتحدة، فستسمح حملة التلقيح بالتخلي عن لزوم وضع الكمامة للأشخاص الذين أخذوا الذين حصلوا على التطعيم الكامل، أي حوالى 35% من السكان. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن "إذا تلقيتم اللقاح بالكامل لن تحتاجوا إلى وضع الكمامة بعد الآن!" واتى كلامه فيما ثبتت إصابة ثمانية لاعبين من نادي نيويورك يانكيز للبيسبول رغم تلقيهم اللقاح. إلا أن السلطات الصحية ما زالت توصي الأشخاص الملقحين بالاستمرار في وضع كمامة في وسائل النقل من طائرات وحافلات وقطارات فضلا عن المطارات والمحطات. والولاياتالمتحدة مع أكثر من 584 ألف وفاة هي أكثر بلدان العام تسجيلا للوفيات جراء الجائحة تليها البرازيل مع أكثر من 430 ألفا ثم الهند مع أكثر من 258 ألفا فالمكسيك (219,590 ) والمملكة المتحدة (127,640). في الهند، يعاني كثير من الولايات نقصا في اللقاحات ما يحد من إمكان تلقيح نحو 600 مليون بالغ بين سن الثامنة عشرة والرابعة والأربعين الذين بات بإمكانهم أن يتلقوا اللقاح. ولكن السلطات بدأت باستخدام لقاح سبوتنيك-في الروسي الجمعة في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1,3 مليار نسمة. وأعطيت أولى الجرعات في حيدر أباد في الوسط بعد صدور موافقة عاجلة على استخدام هذا اللقاح من قبل سلطات نيودلهي في 12 نيسان/أبريل. بعد أن اجتاح كبرى المدن الهندية وأثار حالة من الفوضى في ظل نقص الأدوية والأكسجين وأسرّة المرضى، يواصل الفيروس اكتساح المناطق الريفية المحرومة من البنى التحتية. أما الموتى فيدفنون على عجل أو يُلقى بهم في في الأنهار، بينما يحاول المرضى التداوي بغلي النباتات. في الأيام الأخيرة جرفت المياه أكثر من 100 جثة على ضفاف نهر الغانج، في مشاهد تنذر بحدوث الأمر نفسه في أماكن أخرى. وقال كيدواي أحمد الذي اتصلت به وكالة فرانس برس من قريته ساداللابور في ولاية اوتار براديش الشمالية "يُترك الناس يموتون. هذه هي الهند التي يخفونها عن الأعين". ويطالب هذا البلد النامي بالتخلي عن براءات اللقاحات لزيادة توافرها، فيما تتباين مواقف الدول من هذه المسألة، ففيما أيدتها الصينوالولاياتالمتحدة، أبدت ألمانيا معارضتها لها. من جانبها، مددت اليابان حالة الطوارئ الجمعة المفروضة في ست إدارات بما في ذلك طوكيو لتشمل ثلاث إدارات إضافية في مواجهة تسارع انتشار الوباء، قبل عشرة أسابيع فقط من افتتاح الألعاب الأولمبية في العاصمة. وفي سنغافورة، أعلنت سلسلة من القيود تهدف إلى الحد من الارتفاع الأخير في حالات الإصابة بكوفيد، فاعتبارًا من الأحد، لن تتمكن المطاعم من استقبال العملاء وستُحظر التجمعات لأكثر من شخصين في الخارج وستقتصر الزيارات المنزلية على ضيفين.