أكد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، أمس الخميس بمراكش، أن الهدر المدرسي وزواج القاصر يندرجان في إطار علاقة تفاعلية تسير في كلا الاتجاهين. و أوضح الوزير، في كلمة بمناسبة إعطاء الانطلاقة الرسمية لتفعيل اتفاقية الشراكة الموقعة في فاتح مارس 2021 بين الوزارة ورئاسة النيابة العامة، تنفيذا للالتزامات المتضمنة في إعلان مراكش 2020 الهادف للقضاء على العنف ضد النساء تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم ، أن زواج القاصر يعتبر من جهة سببا من مسببات الهدر المدرسي كما أثبتت ذلك مجموعة من الدراسات المنجزة في الموضوع، ومن جهة ثانية، فإن المغادرة المبكرة للمدرسة والأمية يدفعان إلى الزواج المبكر للقاصر، مبرزا أهمية اتفاقية الشراكة التي ستساهم في معالجة معضلتين في نفس الوقت ، تربوية وأخرى اجتماعية. وقال الوزير إنه من أجل التصدي للهدر المدرسي، فقد بذلت الوزارة مجهودات كبيرة من أجل استقطاب التلاميذ والاحتفاظ بهم، وخاصة من خلال توسيع وتجويد العرض التربوي، والتمييز الإيجابي للوسط القروي، وتوفير الدعم البيداغوجي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وتحسين جاذبية المدرسة المغربية، والحد من الاكتظاظ بالفصول الدراسية، مما أدى إلى تحقيق تقليصٍ مطرِد لنسبة الهدر المدرسي بمختلف الأسلاك التعليمية. وأضاف السيد أمزازي أنه بالرغم من ذلك، فإن النتائج المحققة لا تزال غير مرضية، على الصعيد الوطني ،حيث أن 10 بالمئة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 11 و15 ينقطعون سنويا عن الدراسة، خاصة في السلك الإعدادي ،ويترتب عن كل ذلك، من جهة، الزيادة المستمرة في مخزون الأطفال غير الممدرسين ، وهدر للرأسمال البشري الذي نحن في أمس الحاجة إليه لكسب رهان التنمية الشاملة وتقوية قدراتنا التنافسية في المجال التنموي، مما يتطلب تضافر جهود الجميع والتعبئة الجماعية للقضاء على هذه الظاهرة. و أوضح أنه فيما يخص جهة مراكشآسفي فإن حوالي 26000 تلميذ وتلميذة يغادرون مقاعد الدراسة بالسلكين الابتدائي والإعدادي منهم72 بالمئة بالوسط القروي، حيث يصل عدد الفتيات المنقطعات إلى 12357 فتاة منهن 73 بالمئة بالوسط القروي. وقال أمزازي إنه تم اختيار جهة مراكشآسفي بناء على هذه المؤشرات وكذا المؤشرات المرتبطة بزواج القاصر والتشغيل المبكر للفتيات للشروع في أجرأة الاتفاقية الإطار، مبرزا أن الوزارة ستعمل مع كافة الشركاء والمتدخلين في مرحلة أولى على تفعيل الاتفاقية من خلال بلورة وتنفيذ مشروع نموذجي بجهة مراكشآسفي، سيغطي أقاليم مراكش، والحوز، وشيشاوة، والرحامنة، والصويرة، مع تحديد الأحواض المدرسية بشكل تشاركي بكل إقليم مستهدف، تتضمن الثانويات الاعدادية والمدارس الابتدائية المرتبطة بها: أربعة احواض مدرسية بكل إقليم مستهدف (20 إعدادية و60 مدرسة ابتدائية) موضحا أنه سيتم تقاسم نتائج هذه التجربة في جميع محطاتها مع باقي الأكاديميات الجهوية تمهيدا لتعميمها في مرحلة ثانية على جميع جهات المملكة. وأشار الى أن هذا المشروع النموذجي يهدف إلى ضمان متابعة الفتيات خلال تمدرسهن إلى نهاية التعليم الإلزامي من أجل العمل على الحد من زواج القاصر، عبر تنسيق جهود تفعيل قانون إلزامية التعليم، إضافة إلى توسيع دائرة التنسيق المؤسساتي مع مختلف الفاعلين الترابيين والحكوميين والمجتمع المدني، لضمان انخراطهم ومساهمتهم في تفعيل الالتزام الدستوري والقانوني الملقى على عاتق كل القوى الحية بالبلاد للقضاء على هذه الظاهرة؛ وكذا تنظيم عمليات التحسيس وتقوية القدرات، عبر تنفيذ مبادرات مشتركة للوقاية من الهدر المدرسي. ومن أجل بلوغ أهداف المشروع ، يضيف الوزير، سيتم التدخل من خلال أربعة محاور تتعلق بالإجراءات الوقائية، والإجراءات العلاجية، و التحسيس ودعم القدرات، والتتبع والتقويم، مؤكدا أن الوزارة ستظل بمختلف مكوناتها ملتزمة بالمزيد من المبادرات لتمكين نصف المجتمع من تحقيق ذاته والمساهمة في التنمية المستدامة لبلادنا. وأعرب عن أمله في أن يشكل هذا المشروع مناسبة لانخراط الجميع، وفق مقاربة نسقية وتكاملية تشمل جميع الفاعلين، من أجل تفعيل إلزامية التعليم، ومحاربة كل أشكال العنف ضد النساء في الوسط المدرسي وزواج القاصر. ونوه الوزير برئاسة النيابة العامة، على كل الجهود التي تبذلها، من أجل التفعيل الناجع لمقتضيات اتفاقية الشراكة التي تجمع بيننا، والتي ستقدم لا محالة إضافة نوعية لضمان الحق الأساسي في التمدرس، والوقاية من زواج القاصر. من جانبه اشار الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة السيد محمد عبد النباوي، الى أن انطلاق هذه المبادرة الجديدة يشكل استمرارا لتنزيل مقتضيات إعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء الذي أطلقته صاحبة السمو الملكي الأميرة للامريم يوم 8 مارس 2020، وتندرج في سياق جهود المغرب الحثيثة لكسب رهان التنمية المستدامة التي يشكل العنصر البشري قوامها، وأساسها المتين. وأكد أن أهم المسالك لتحقيق ذلك يتم عبر توفير الحق في الحصول على تعليم عصري ملائم ومتاح للجميع، وعبر توفير الحماية القانونية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية، بغض النظر عن وضعيتهم العائلية أو الاجتماعية، مشيرا الى أن الهدر المدرسي يشكل أهم المثبطات التي تحول دون تحقيق النظام التعليمي لأهدافه الكبرى، ويكون سببا في هدر الموارد المالية للدولة، كما قد يؤدي إلى انتشار البطالة والانحراف والتهميش والإقصاء واستغلال الأطفال في سوق العمل وارتفاع نسب زواج القاصر. وأعتبر السيد عبد النباوي أن زواج القاصر من الأوراش الكبرى التي تؤمن رئاسة النيابة العامة بضرورة الاشتغال عليها نظرا لمساسه بصورة مباشرة بالمصلحة الفضلى للطفل وحقوقه الأساسية المتمثلة في التعليم والصحة والنمو السليم في كنف الأسرة لاعتباره مظهرا من مظاهر حرمان الأطفال من هذه الحقوق ، موضحا آنه من لأهداف التي وضعتها هذه الرئاسة من بين أولوياتها منذ إحداثها كجزء من السلطة القضائية المستقلة، تفعيل الدور الإيجابي للنيابة العامة كطرف أصيل في قضايا الأسرة عموما وعلى الخصوص قضايا زواج القاصر، وكذا اضطلاع قضاتها بالأدوار المخولة لهم قانونا في هذا النوع من القضايا. وقال السيد عبد النباوي، أن هذه المبادرة التي نطلقها اليوم بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي تستجيب لهذه الانشغالات كما أنها تنزيل للالتزامات المشتركة المضمنة في إعلان مراكش 2020، من أجل تحقيق الالتقائية الفعلية للمجهودات القطاعية في موضوع الوقاية من زواج القاصر. وتتأسس الفكرة الجوهرية لهذه المبادرة ، يضيف رئيس النيابة العامة ، على ضمان متابعة الأطفال على وجه العموم، والفتيات منهم على وجه الخصوص تمدرسهن إلى نهاية التعليم الإلزامي على الأقل، وقاية لهن من الزواج المبكر. وخلص السيد عبد النباوي ،إلى إن حضورنا اليوم للإعلان عن انطلاق تنفيذ اتفاقية الشراكة بين رئاسة النيابة العامة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، يشكل لحظة تاريخية مفصلية تتطلب من كافة المتدخلين المعنيين ،رفع التحديات لإنجاح هذه المبادرة النبيلة في عمقها، البليغة في مراميها، موضحا أن اختيار جهة مراكشآسفي كمنطقة نموذجية أولى في أفق تعميم التجربة على كافة التراب الوطني، جاء نتيجة لارتفاع أرقام الهدر المدرسي، وزواج القاصر بها. وخلال هذا اللقاء، الذي حضره على الخصوص والي ولاية جهة مراكشآسفي عامل عمالة مراكش كريم قسي لحلو و رئيس مجلس جهة مراكشآسفي أحمد خشيشن ،ووكلاء الملك بالجهة ،و وكلاء النيابة العامة، تم تسليم الاتفاقية من طرف المنسقة العامة لإعلان مراكش 2020 للقضاء على العنف ضد النساء ،السيدة أمينة أفروخي الى مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين مراكشآسفي مولاي أحمد الكريمي.