_بلغة لا تكاد تفهم من وراءها سوى عبارات الإستغاثة ، الصادرة عن طفل في سن الزهور ، وذلك بإحدى المناطق الأمازيغية العازلة المهمشة المنتمية شكلا لبلدنا الحبيب . -طبعا هو مشهد رهيب لطفل بريئ ، هز كيان كل من له ذرة إحساس ورحمة ، تناولت تفاصيلها إحدى الفيديوهات المنتشرة بقوة بمواقع التواصل الإجتماعي ، وتشاركت في ثناياها آراء متعددة ، طبيعة الخطاب المهذب ، وطريقة إسترسال الطفل البريئة، الخالية من الخلفيات ، والمتجردة من أساليب التصنع ، لا يرجوا الأخير من وراءها مال قارون أو ملك كسرى ، وإنما بحقه البسيط في البقاء ، على أرض تنكرت له ، وهو بكل أمل وبين سويعات الزمن، يسارع البقاء بين أحضان الثلوج، التي غطت المنطقة ، في مشهد أقل ما يمكن وصفه بالعار ، وعبر كلماته الوضاءة وبكل أمل عساها أن تجد آذاناً صاغية يطالب فيها فقط، بلباس يقيه وساكنة المنطقة ، آفة البرد القارس ، الذي إجتاحهم وأخرج ما في واقعهم ،حقيقة تدمي القلوب، على لسان طفل في سن الزهور . _هنا وإذا عدنا من منظور تدبيري ، بل وإذا وضعنا مفهوم الحق وقسناه بهذا المشهد ، ألا يحق لنا طرح سؤال عريض عن ما الغاية من تواجد بيننا ما تسمى بمسمى السياسة والساسيين والإستراتيجيات ، وكذا مسميات الدينامية والمخططات الأفقية ووووو ما جاور ذلك من العنوانين الشكلية الباهضة ، ما الغاية إن لم ترسم الشعارات بصمتها على قضايا الطبقة المسحوقة في بلد لم يبقى فيه عدا سياسة الشعارات الرنانة ، التي تشكل اليوم عنوان بارز ، مفارقة شاسعة وجلية بين المفهوم العمقي للممارسة والخطاب الجاف ، البارز على جبين مناطقنا العازلة جبال الأطلس وغيرهما من النقط الهامشية و المهمشة بفعل فاعل بروز هذه الهفوات الخطيرة ممارسة ، ترى ألا يحق لنا جهاراً طرح السؤال …عسانا أن نجد بعده جواباً يشفي غليل الواقع المأسف عليه ، فما ذنب شريحة وجدت نفسها بين أحضان الجبال العاثية لها فقط من حق الإنتماء إلى جغرافية لا تعترف بوجود كيان بشري على ظهرها ،وهو الذي يستغل خلال الإستحقاقات الإنتخابية، ألم يصعد المنتخبون إلى تلك الجبال العاثية يوماً عندما يصبح صوت المستضعفين عملة قوية تضاهي بطونهم المتدلية من خيرات الفقراء وفيلاتهم الفاخرة أمام واقع شريحة ، تعاني في صمت رهيب، وأمام تنكر وتجاهل مريب ، و هي في كل قمة حلمها، لقمة تساق إلى حناجرها الجائعة ، ولباس بسيط يستر و يقي أجسادها النحيلة، من آفة برد قارس . _ألم يخجل المنتخبون هناك ، ألم تخجل السلطات ، ألم تخجل الجهات المعنية بالمجتمع المدني ، ألم تساؤل ، وألم ينخر الضمائر ، كلما نظرنا بإمعان في الحقوق المدنية المدرجة ضمن الإتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان في الشق المدني، أمام مشاهد العار تلقي من أعالي الجبال صوتاً يئن من مرارة التجاهل ،صادر عن براءة وضاءة، قهرها الزمان وباتت تشارك الكبار معاناة يفوق حجمها أجسادهم النحيلة، التي لم يتبقى منها عدا ألسنة تنطق بصدى الواقع ،و تستغيث بألم وأمل أن تحصل بعدها على ما تريد ، وهل بعد هاته السطور ضمائر نسمع أن محكمة الضمير حركتها لتغيث، وهل إمكانية تحقيق العدميات والنقائص رهين بخطوة الشوهة بالصرح الأزرق ، لك الله يا وطني _والله وقفت ووقفت معها جفوني ، بين ثنايا لحظات أتمعن في عمق الكلمة الحرة ، كما توقفت الحركة وجف معها المداد و القلم ، حتى أخدتني مسؤولية القلم وأبيت إلا أن لأزيح جانباً من مسؤوليتي اتجاه القلم وأمام الله ، لأقول جهاراً وصراحة وبصوت عال ، اللهم إن هذا منكراً.