أحداثٌ متسارعةٌ تلكَ التي عاش على وقعها مجلسُ المستشارين أمس. في قلبِ هذهِ الأحداث انقِسامات حادة حولَ موضوعٍ واحد تطور إلى جدلٍ وضجة، ويتعلقُ بالتصويتِ على مقترحيْ القانون المتعلقين بتصفيةِ وإلغاءِ معاشاتِ أعضاء مجلسِ النواب وأعضاءِ مجلسِ المستشارين. مقترحان من شأنهما تمكين الأعضاء كافة من استرجاعِ اشتراكاتِهم في صندوق التقاعد (2900 درهم شهرياً) والاستفادة كذلكَ من مساهماتِ الدولة التي تعتبرُ مالاً عاماً. جدلٌ انتهى بإيقاف التصويت منذُ بدءِ الجلسةِ العامة بمجلسِ المستشارين أمسِ والتي خُصصت بالأساسِ لمناقشةِ والتصويتِ على مقترحيْ القانون، تعالت أصوات عددٍ من نشطاءِ مواقع التواصل الاجتماعي الرافضة لاستفادةِ البرلمانيين من أموالِ الشعب، تزامناً والظرفية الاقتصادية الصعبة التي تعرفُها البلاد جراءَ جائحة كورونا. استنكارُ ورفضُ المغاربة لما اعتبروهُ "فَضيحة سياسية وأخلاقية"، انتهى بتراجعِ مجلسِ المستشارين في الدقائقِ الأخيرة من جلستهِ، عن التصويتِ على مقترحيْ القانون، وقررَ إعادته إلى لجنةِ المالية والتخطيطِ والتنميةِ الاقتصادية، من أجلِ إدخال تعديلاتٍ عليه. مصادرُ من داخلِ حزبِ الأصالةِ والمعاصرة، أكدت لموقعِ "قناة كاب 24 تيفي" بأنَّ أعضاءً من نفسِ الحزب كانوا وراء إيقاف التصويتِ على مقترحيْ القانون، في خطوةٍ عتبرونها بمثابةِ "تفاعل مع الرأيِ العام ومبادئ القيادةِ الجديدة للحزب". في هذا الإطار، يرى عبد الرحيم بوعزة، عضوُ المجلسِ الوطني لحزبِ الأصالة والمعاصرة في تصريحٍ لموقعِ "قناة كاب 24" أن حزبه:"سجلَ موقفاً تاريخياً برفضهِ مقترح القانون بل واقتراح في المقابل، أن تُحولَ المبالغ المقدرة بثمانية ملايير سنتيم لفائدةِ صندوق كوفيد-19 عوضَ تحويلها لفائدةِ المستشارين بالغرفةِ الثانية". واعتبر بوعزة في تصريحهِ لموقعنا بأن هذا الموقف، فضحَ أصحاب المواقفِ المزدوجة التي تنادي بالشفافيةِ والحكامة من خلال الشعارات ولكن في الواقع تبحثُ عن مكاسبَ مالية تدخلُ في إطارِ الريع". برلمانيون ضد التصويت تعليقاً على هذه التطورات الأخيرة، تفاعلَ عدد من البرلمانيين مع جلسة التصويت على مقترح تصفية معاشات البرلمانيين، والتي كانت مقررة أمس بمجلس المستشارين. نجد من بينهم البرلمانية ابتسام عزاوي عن حزب "البام"، التي وصفت مقترح القانون بأنه : "لا يشرف.. وفضيحة سياسية وأخلاقية بامتياز". وأضافت البرلمانية في تدوينةٍ نشرتها على حسابها فيسبوك: "كنت أتمنى أن يلغى تقاعد المستشارين البرلمانيين في الغرفة الثانية بنفس الصيغة التي توافقنا عليها في الغرفة الأولى لإلغاء تقاعد النواب البرلمانيين.. ومن أهم مميزات هذه الصيغة أن المال العام خط أحمر". واسترسلت: "لا يعقل أن يتم ضخ الملايين من مساهمات الدولة في حسابات البرلمانيين... ويحدث هذا الأمر الفظيع وبلادنا تعيش أزمة اقتصادية حقيقية وشبابنا لا يجد فرص الشغل وقطاعات مهنية لا زالت متوقفة... أتمنى أن يتدارك عقلاء المجلس هذا الخطأ ويصوتوا بالرفض على هذه الفضيحة". وفي نفس السياق، انتقدت البرلمانية حنان رحاب، عن حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، في تدوينة على صفحتها فايسبوك، انتقدت بشدة ما وصفته "بالمهزلة". وكتبت: "مقترح القانون الخاص بتصفية معاشات أعضاء مجلس المستشارين الذي قد يصوت عليه مجلس المستشارين هو انتكاسة أخلاقية بامتياز .. ومقترح القانون الذي يقضي بإلغاء وتصفية صندوق معاشات أعضاء مجلس المستشارين هو مقترح برتبة " الفضيحة الأخلاقية". وأضافت رحاب :"هل ستوزعون فلوس المغاربة والمغربيات .. إنها أموال دافعي الضرائب .. مساهمة الدولة في صناديق تقاعد البرلمانيين يجب أن تعود إلى الدولة وليس إلى جيوبكم .. باختصار.. أنتم قد تشرعون إلى فضيحة مالية وأخلاقية ". وبالمقابل أكدَ عددٌ من المستشارينَ أن الاتهاماتِ التي وُجهت إليهم باطلة ولا أساسَ لها، معتبرين أن الصيغةَ المتوافق عليها بين الفرق لا تمس أبداً بالمالِ العام.