سيكون المشاهد المغربي عموما والناطق بالأمازيغية على وجه الخصوص على موعد يومي طيلة شهر رمضان مع مسلسل تلفيزيوني شيّق على القناة الثامنة (ثمازيغث)، اختير له عنوان "صراع الذئاب" "إمنغي ن ووشان"، وهو فيلم جديد للمخرج حميد زيان، صوّره مؤخرا بمنطقة أزمور، محولا سيناريو وحوار مولاي الحسين العمراني ومحمد بوفتاس إلى تحفة تليفزيونية بديعة ستمثل بلا شك علامة فارقة في مسار الدراما التلفزية الأمازيغية. شارك في هذا الفيلم ثلة من الممثلين ونجوم الدراما الأمازيغية أبرزهم سعيد ضريف، حادة شهبوني، سانديا تاج الدين، نبيل أحرير، محمد الصغير وسعيد بونادم. قصة الفيلم عالج المسلسل قصة واقعية حدثت بمنطقة الجنوب الشرقي منتصف القرن التاسع عشر، وتدور أحداثه حول قائد متسلط يدعى "اكناكاي" عاث في المنطقة فسادا وتلذذ بقتل الناس وتعذيبهم وسلبهم ما يمتلكون من خيرات، تزوج بالاكراه من "رقية" الشابة الجميلة التي أصبحت زوجة الطاغية بالاكراه بعد أن قتل أباها ونكّل بأهلها واغتنم كل ممتلكات قبيلتها، هذه الشابة التي ستحوّلها الظروف إلى امرأة قوية وقاسية تبحث بكل السبل الممكنة لتنتقم من قاتل أبيها (زوجها)، بحيث ستُهَرِّبُ خلسة ابنة القائد (زهرة) مع أحد عبيده (سليمان)، ما جعل القائد يشعر بالعار الشديد وبالإهانة ليبدأ بذلك رحلة البحث عن ابنته الهاربة وعشيقها لكي يثأر لنفسه بقتلهما، هكذا سجن "كناكاي" أب سليمان "أكناو" وأخيه "جبور" وأفرط في تعذيبهما حتى مات الأب وجنّ الأخ الذي أصبح (بوهاليا) حكيما . ستزداد الأمور تعقيدا حينما سيدخل "الفقيه" على الخط، إذ ستلجأ إليه "رقية" لتطلب منه أن يجد لها حلا سحريا يمكِّنها من أن تحمِل من القائد لتضمن قوتها في القصر، إلاّ أن "عمل" الفقيه –الذي يحمل هو الآخر رغبة دفينة في الانتقام- سيصيب القائد بمرض جلدي شوّه وجهه وألزمهُ المكوث بعيدا عن الأضواء، لتنفرد "رقية" بذلك بالسلطة وتدبير أمور الحكم والقضاء والبث في شؤون المنازعات. هكذا ستتعاون "رقية" مع "الفقيه" وستتوطد علاقتهما إلى أن دخلا في علاقة نتج عنها الحمل، فظنت رقية بأنها فرصة لتخدع "اكناكاي" بوليّ عهده، غير أن القائد الذي أخفى عن الجميع حقيقة عقمه، لم تنطلي عليه الحيلة، وتأكد من خيانة "رقية" له، فانتقم منها بالتعذيب والسجن، ليظهر بأن "زهرة" الهاربة ليست ابنة له بل كان ينتظر فقط أن تكبر ليتزوج بها، لتظل "رقية" بالسجن إلى أن تمكنت من الهروب بمساعدة "الفقيه"، لتلد ابنها "اسماعيل"، الذي سيكمل بعد سنوات إلى جانب إبن "زهرة" مشوار الانتقام من القائد الطاغية. بطولة حادة شهبوني في دور "رقية" أدت دور "رقية" في المسلسل الممثلة حادة شهبوني (26 سنة)، هذه الأمازيغية القحّة القادمة من أغبالو إسردان (إقليم ميدلت) والمنتمية لأسرة فنية مولعة بالموسيقى والشعر، استطاعت أن تثبت مكانتها في عالمي التمثيل والتنشيط الفني والثقافي، والدليل على ذلك قيمة الأدوار التي أدتها مؤخرا ، خاصة دور "رقية" في هذا المسلسل. وقد صرّحت الممثلة حادة شهبوني بأن لعبها لدور "رقية" في الفيلم قد مثّل تجربة جديدة في مسارها الفني، استلزم منها مجهودا كبيرا، نظرا لما تتميّز به هذه الشخصية من قوةٍ وصرامةٍ وكاريزما، بسبب ماضيها المؤلم الذي ظل حاضرا أمامها، فقاتِل أبيها أمام عينيها هو الآن زوجها الذي تعيش معه، هذا ما جعل شخصية "رقية" كيانا إنسانيا متصدّع العاطفة وهشّ وجدانيا من جهة ومتميزا أيضا بالقسوة التي تغذيها رغبتها الجامحة في الانتقام من جهة ثانية. تضيف حادة الشهبوني بكونها قد تماهت مع تفاصيل الدور المنوط إليها في الفيلم، بفعل تأثرها بقصة الفيلم عموما وبالقصة المأساوية لشخصية "رقية" بالخصوص، ما جعل من هذا الدور نافدة لصراع الوعي واللاوعي، الظلم والعدالة، العقل والعاطفة، الأنوثة والقسوة والخير والشر في شخصية المرأة ويطرح أسئلة معقدة حول طبيعة المكانة التي كانت تحتلها المرأة في القبائل الأمازيغية. مسلسل "صراع الذئاب" عين على مرحلة مهمة من تاريخ المغرب من خلال ما توصلنا به من معلومات فإن الفيلم قد سلّط الضوءَ على مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ المغرب تميّزت بضعف الدولة المركزية وطغيان قياد المخزن وتسلّطهم وتركيزهم على إشباع غرائزهم وميولاتهم العدوانية، كما أن الفيلم يعكس مظاهر الوهن الذي أصاب القبائل الأمازيغية، فلم تعد قادرة على تدبير شؤون الجماعة، هذا الأمر جعل منطق القوة يحل محل القانون والأعراف. حادة شهبوني إطلالة رمضانية أخرى ستطل حادة شهبوني هذا الشهر على متتبعي الدراما الأمازيغية من خلال مسلسل "صراع الذئاب" إلى جانب مسلسل "حب تحت عتبة الفقر" من اخراج محمد اليونسي الذي تلعب فيه دور "نادية"، كما سبق لها أن شاركت في أعمال تلفزية سابقة منها مسلسل :"سيدي موحى" رمضان 2019 من إخراج حميد زيان ، كما شاركت عام 2018 في تشخيص البرنامج الاجتماعي "تامغارت" من إخراج محمد بوسالم وعبد الرحيم مجد.