يبدو أن التعديل الحكومي الأخير لم يكن هو التشكيك في قدرة الوزير عبيابة على تسير القطاعات التي أشرف عليها مع مؤسسة الناطق الرسمي التي غيرها عبيابة من مفهوم الناطق الرسمي للدعاية إلى مؤسسة رسمية لا تتجاوز مهامها الرسمية.فالوزير بشهادة الذين عملوا معه في القطاعات كلها نجح في ظرف وجيز إعادة الاعتبار لوزارة الشباب والرياضة التي وصل فيها الفساد إلى البيع والشراء في كل شىء. بل وصل الأمر إلى البيع والشراء في الترقيات والمباريات بشكل أصبح مؤسسا. وأخذ عبيابة حربا دروس مع اللوبيات النقابية والمقاولاتية استعملت فيها الأسلحة القذرة الإعلامية للنيل من الوزير. والإصلاح الكبير الذي قام به في كل من الثقافة والإعلام هذه القطاعات التي تعيش بولاء الريع ونهب الأموال العامة بطرق استفزازية. ولما علم الرأى العام أن الرجل صاحب قدرة ومبادئ ولديه تصور تحدث عنه بغزارة في المشروع الذي تقدم به أمام اللجنة الإدارية للحزب منذ سنة حول النموذج التنموي الجديد وهو مشروع طرح فيه ضرورة النموذج السياسي الجديد الذي لم يتحدث عليه أحد حتى اللجنة الخاصة التي تكلفت بصياغة النموذج التنموي الجديد. لم يجد اعداء الوزير أي شىء في كفاءته ذهبت بعض الأسلحة المتسخة إلى النيل منه في لباسه وطريقة حديثة. مما يثير السخرية في بعض المقالات التي تعمل بالهواتف المشبوهة. ويبدو أن المعركة بدأت عبر أحداث متعددة نذكر منها اللقاء الذي شارك فيها جميع الوزراء في مدينة أكادير بإحدى المناسبات الرسمية.عندما تحدث أخنوش مع عبيابة عن إلغاء المبارة بوزارة الشباب والرياضة بطريقة غير مقبولة ورد عليه عبيابة بغضب أولاد الشاوية (ماشي شغلك). وتدخل أحد أعضاء المكتب السياسي المقرب من عبيابة وأصلح ذات البين. المحطة الثانية هي إثارة عبيابة مشكلة أسعار المحروقات في مجلس حكومي وكيف يتعامل معها في الندوة الصحفية لأن تأتيه أسئلة كبيرة ومحرجة ويجب الإجابة عنها في إطار تشاوري وبموضوعية وتفاعل مع هذا الموضوع الرميد بطريقة إيجابية. في حين غضب أخنوش من عبيابة واعتبر أن هذه العملية منسقة من طرف عبيابة مع العدالة والتنمية ضد أخنوش. ومن هنا بدأ التفكير لإخراج عبيابة من الحكومة بسبب ودون سبب. ومن هنا بدأ التنسيق مع ساجد بعدما كان الاتصال بينهم منقطعا لإزالة عبيابة وتزامن ذلك مع الموقف القوي لعبيابة ضد ساجد عندما بعث له رسالة تهديد عن طريق عون قضائي واللجوء إلى المحكمة بسبب خرق قوانين الحزب على كافة المستويات. وكان عبيابة يعلم تحركات ساجد وأخنوش ضده. حسب ما أخبر به عبيابة من أحد أصدقائه. وكان عبيابة يدرك أن المعركة ممتدة مع تيار أخنوش داخل الاتحاد الدستوري من الوزارة وخارج الوزارة. وعبر عنها لأحد المقربين منه بأن المعركة طويلة ويجب الاستعداد لها على جميع المستويات. لأن عبيابة عنيد ويؤمن بأن الإساءة لاتتقادم. ويخفى أوراقه . كما أن عبيابة يرى أن المهمة الحزبية أقوى في المشهد السياسي القادم. هذا كله التقى مع الإخراج المسبق الذي خطط له هو ترشيح عبيابة المطلوب لمنصب وزير والقضاء عليه فورا عن طريق الأذرع الإعلامية المعروفة لأن كلها تابعة لتيار واحد معروف. وقد بدأ هذا التيار الدعائي والعدائي منذ الخروج الاعلامي الأول حيث استنكرت بعض وسائل الاعلام بطريقة تافهة لماذا يقول الوزير ويطلب من الله الشتاء وهي كلمة ذكرت في القران الكريم ويعرفوها الفلاحون. ولماذا يقول الوزير كلمة الممكن. في حين أن اللجنة التي أعدت تقريرا عن 50 سمته المغرب الممكن وقدمته للجميع ولكن الناس لايقرأون ويكتبون عن الذين يتكلمون ويدفعون مايطلبه الكاتبون.علما ان عبيابة شارك في العديد من البرامج المتلفزة وكان الجميع يثني عليه وعلى فكره وتحاليله. وكان الهدف من وراء إسقاط عبيابة هو عودة عثمان الفردوس إلى الوزارة بأي طريقة من جديد بدل عبيابة في أسرع وقت ممكن وليس غيره لأهداف سيأتي الوقت لشرحها سيأتي الوقت للحديث عنها. وقد شارك مع الأسف بعض الأطر من المكتب السياسي في هذه العملية طمعا في المنصب بإيهام من ساجد. وقد بدلت جهود قوية عن طريق الإعلام المتخصص الذي يتخذ من البرلمان والمقاهي مقرات لاصطياد الفرص ولمن يدفع أكثر. لاتهام عبيابة أنه متعاطف مع العدالة والتنمية وتم الترويج لهذا الموضوع إلى أعلى مستوى واتهامه بالوهابية وهو ليبرالي معروف. وفي محاولة فاشلة لمساومة عبيابة وتوريطه .حيث رفض عبيابة ذلك لأنه حذر ويجيد الكوالس والمناورات. كان القرار للتيار المذكور هو الإتفاق على خروج عبيابة من الوزارة وتبنى الفكرة عدد من أعضاء المكتب السياسي صراحة. وكانت الخطة هي عقد مؤتمر خارج القانون والتخلص من عبيابة وإخراجه من المكتب السياسي والاتفاق على أن عبيابة لم يعد يمثل الحزب داخل الحكومة.لكن عبيابة واجه حزبه بلعبة القانون وبعث برسائل عن طريق العون القضائي إلى اللجنة التي تخطط إلى تهريب المؤتمر وعقده بسرعة. وهي الخطة التي يحتفظ بها لمواجهة خصومه في المفاوضات لأن تطبيق القوانين يعني انتظار سنة كاملة وتخصيص أموال ضخمة لهذه العملية.وخصوصا عندما بدأ عبيابة يتحرك في الجهات ويعقد لقاءات لتهيىء أنصاره في المؤتمر. وتم تسريب بأن رئيس الحكومة غير راضي على عبيابة لانفراده بالقرارات. لكن عبيابة يعلم أن رئيس الحكومة بعيد كل البعد عن هذا التجاذب السياسي الحزبي. لكن لما تأكد تيار أخنوش مع ساجد أن معركة المؤتمر خاسرة. بقى الإتفاق الوحيد هو الضغط على الجهات المعنية للحفاظ على التوازنات السياسية وهي الكلمة التي جاءت في جميع التقارير الإعلامية الرسمية وغير الرسمية. هذه قصة قصيرة تم تجسيدها باسم عبيابة وهي جزء من قصص كثيرة في أحزابنا الإدارية التي لاتفيد نفسها ولاتفيد المؤسسات. وهي قصة بعيدة على النموذج التنموي الجديد الذي صرح به الوزير الجديد مكان عبيابة.