في موقف مثير، فجر الاتحاد الدستوري قنبلة من العيار الثقيل في وجه عزيز أخنوش، مهددا بفك التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا، وكشفت مصادر قيادية من حزب “الحصان”، أن الاستعدادات جارية لعقد اجتماع طارئ للمجلس الوطني للحزب، خلال الأيام المقبلة، ينتظر أن يضم جميع مكونات الحزب، لتقييم التحالف مع التجمعيين على جميع المستويات، وتقييم الولاية السابقة، واتخاذ ما يلزم في المرحلة المقبلة. وعشية الاستعدادات الجارية لتنظيم المؤتمر الوطني للاتحاد الدستوري في الشهور المقبلة، خرجت أصوات مهددة بفك الارتباط مع حزب أخنوش بالبرلمان، واتهامه بالهيمنة على حزب ساجد، معلنين أن البقاء في الحكومة بطريقة لا تليق بوزن وأهمية الحزب، ولا تخدم الحزب مستقبلا. حسن عبيابة، الناطق الرسمي باسم الاتحاد الدستوري، كشف أن “حصول حزب التجمع الوطني للأحرار على 6 مناصب وزارية وازنة اقتصاديا واجتماعيا كان بسبب الفريق المشترك مع حزبه، ولم يكن بسبب احتلال حزب التجمع الوطني للأحرار على الرتبة الرابعة بنسبة 9 في المائة من مجموع المقاعد في البرلمان، لأنه بدون الاتحاد الدستوري ما كان ليحصل الأحرار على 6 مقاعد وزارية وازنة، مثل وزارة المالية والفلاحة والعدل والتجارة والصناعة”. عبيابة، وهو يكشف فصولا من كواليس التحالف البرلماني مع الأحرار، قال في حوار مثير مع موقع “أشكاين”، أن “التحالف مع حزبه في ظروف وصفها بالملتبسة سمح للأحرار من الناحية السياسية، بتصدر المشهد السياسي، لقيادة ما سمي بالاتفاق الرباعي الذي أصبح يمثل ما مجموعه حوالي 43 في المائة من مجموع المقاعد”، لكن ما لبث أن تحول هذا الاتفاق الرباعي، يضيف عبيابة، إلى “اتفاق ثلاثي فقط، دون الاتحاد الدستوري، لأن حزبنا كان يفاوض عنه وبه وبالوكالة من حزب الأحرار، في ظروف اتسمت بالغموض والانتظارية، وعدم استشارة المكتب السياسي”. وشدد القيادي في المكتب السياسي، وهو يهاجم أخنوش أنه “مباشرة بعد تشكيل الحكومة لم يبق من التنسيق بين الاتحاد الدستوري والأحرار، إلا عملية التصويت المشترك، في حين اختفت التفاهمات، والتوازنات، وبقى الكلام فقط، في تفسير الاتفاق سرا وعلانية”، وكأن التحالف، يضيف عبيابة، هو “عبارة عن صفقة بين أفراد من وراء الجميع تمت خارج كل المعايير، وخارج زمن البلوكاج التاريخي”، معترفا بأن “الأحرار ربح الثمن حكوميا، في حين دفع حزب الاتحاد الدستوري الثمن سياسيا مضاعفا”. واستمر عبيابة في الكشف عن مزيد من أسرار التحالف بين حزبه وحزب التجمع الوطني للأحرار، مهاجما أخنوش، بقوله: “إن ظروف وملابسات تكوين الفريق المشترك أثناء مرحلة البلوكاج، وتحليل النتائج الانتخابية أثناء هذه الفترة التي عرفت توترا سياسيا بسبب الخلاف على طبيعة تشكيل الحكومة، نجد أن حزب التجمع الوطني للأحرار حصل على 37 مقعدا، وبالتالي، فهو يمثل نسبة 9 في المائة فقط، من مجموع مقاعد البرلمان البالغة (395) مقعدا، وهي نسبة لا تخوله اتخاذ أي مبادرة سياسية، أو شعبية تمكن الحزب من أن يتزعم المفاوضات لتشكيل الحكومة، لكن من خلال تشكيل التحالف وتوحيد الفريق البرلماني المشترك، أصبح فريق التجمع الدستوري يحتل المرتبة الثالثة وتحول إلى آلية وقوة ضاربة في عملية التفاوض مع رئيس الحكومة المعين السابق والحالي لتشكيل الحكومة”. وأكد الناطق الرسمي باسم الاتحاد الدستوري، أن “التحالف مكّن الأحرار من فريق برلماني مشترك يمثل 14 في المائة من مجموع المقاعد، متقدما على حزب الاستقلال في البرلمان الذي يمثل 11 في المائة من مجموع مقاعد البرلمان”. وأضاف عبيابة أنه “بفضل التحالف مع حزبه تغيرت موازين القوى لصالح أخنوش، بحيث تغير ترتيب الأحزاب من ترتيب حسب النتائج المباشرة، إلى ترتيب آخر وفق الفرق البرلمانية المتحالفة على مستوى البرلمان، وبذلك احتل الفريق المشترك ومعه حزب الأحرار المرتبة الثالثة. وهي العملية التي مكنت من سحب الرتبة الثالثة من حزب الاستقلال”. وكشف عبيابة بنبرة غاضبة أن هذه “المرتبة مكنت حزب الأحرار من القدرة على قيادة التفاوض مع رئيس الحكومة السابق والحالي لتشكيل الحكومة الحالية”، مشددا أن “المكاسب السياسية التي حصدها أخنوش، والتي تعتبر ذات أهمية قصوى، تحققت بفعل الفريق المشترك في المشهد السياسي، متهما أخنوش بتحويلها إلى ملك خاص للأحرار دون غيره”. وتعليقا على خرجته المثيرة، أكد حسن عبيابة في اتصال مع “أخبار اليوم”، أن” حزبه يستعد لتقييم تحالفه مع الأحرار وفك الارتباط السياسي معه، كاشفا وجود خلافات داخل الفريق البرلماني المشترك منذ مدة طويلة، لكن حرص قياديي الاتحاد الدستوري، وفي مقدمتهم الأمين العام محمد ساجد، الذي حرص على عدم التشويش على المؤسسات كان هو الدافع لتأجيل الخلافات إلى الوقت لاحق، مؤكدا أن هذا هو الوقت المناسب لفك الارتباط”. هذا، وكشف المتحدث، أيضا، أن “البرلمانيين الدستوريين، على الخصوص، ومعهم مناضلو الحزب وجميع مكونات الحزب طوال منتصف الولاية التشريعية، شعروا بالحكرة والاستعلاء بدون مبرر من طرف الأحرار، وكأن الهدف الذي كان من وراء توحيد الفريق كان رغبة أخنوش في تشكيل الحكومة والحصول على مناصب مهمة فقط، والتخلص من الجميع، وهو الأمر الذي تأكد مع مرور الوقت. وهاجم عبيابة الأحرار، وقال إن “مسار الثقة كان يجب أن يكون بين الحزبين وبين الفريقين قبل أن يكون بين المواطنين، والمواطن المغربي اليوم، يعرف جيدا الأحزاب القوية لذاتها والأحزاب القوية بغيرها، كما أن التحالفات الحزبية داخل البرلمان أو خارجه، هي رسالة مشفرة للمشهد السياسي، قد تساهم في تطويره، وقد تساهم في تشويهه”. وشدد الناطق الرسمي للاتحاد الدستوري، في ختام خرجته المثيرة ضد الأحرار، أنه كان من المفروض على أخنوش أن يستدرك “النواقص والهفوات، وتجويد العمل السياسي المشترك، حتى يبقى التحالف متجددا ومتوازنا خدمة للمصلحة العامة، خصوصا وأن المغرب يبحث عن نموذج تنموي جديد، لذلك فهو محتاج بالضرورة إلى شركاء متحالفين في المستقبل”.