لعل ما تغرق فيه مدينة جرسيف من عشوائية وارتجالية في تسيير شؤون البلاد والعباد، كان نتاج سقوط مخلوقات فاشلة او مفسدة على رأس مؤسسات حساسة وهامة ومهمة، كائنات تنعدم فيها مقومات الكفاءة والنزاهة والصدق والعمل الجاد، مخلوقات تربعت على عرش قطاعات تعتبر القلب النابض لرقي الدول، والمحرك الرئيسي لازدهار الاوطان التي تسعى الى اللحاق بركب الامم التي خلقت باجتهادها ونظافة يدها مكانا رائدا لها بين الشعوب المتقدمة ، رغم انها الى حدود الماضي القريب كانت دولا منكوبة تعيش تحت رحمة المثلث المرعب من جهل ومرض وفقر، حين كان المغرب بلدا دائع الصيت منذ ملحمة المسيرة الخضراء. فعندما يتطور الاجرام الصحي من العبث واللهو بصحة المواطن في المستشفيات وتتفشي شتى ألوان الفساد من زبونية ومحسوبية ومعاملات غير لائقة، والاسراع الى تطبيق مقتضيات المادة 19 من قانون الوظيفة العمومية في وجه المرضى وذويهم، ممن يطالبون بحقهم في العلاج مع إقصاء سابقتها المادة 17 عن سبق اصرار وترصد حماية للافساد والفساد، على غرار مجموعة من النصوص القانونية والزجرية التي تحمي حق المواطن في الاستفادة من جودة الخدمات. وصولا إلى استغلال الاشخاص للعمل داخل المصحة الاستشفائية في السوق السوداء دون عقود قانونية ولا ضمان اجتماعي ولا تغطية صحية، زيادة على تماطل الجهة المعنية في صرف مستحقاتهم بعلم العمالة ورئيسها، وتسريحهم بعد مدة عمل ليست بالهينة تراوحت بين سنة و نصف الى مايزيد عن 7 سنوات من الاشتغال المتواصل داخل مرافق المستشفى المسمى "الاقليمي" ظلما وعدوانا. واحتجاجهم في أكثر من مناسبة من أجل صرف اجورهم العالقة في ذمة الادارة او على طردهم بعد اعوام من استغلالهم، وتبقى النقطة التي افاضت كأس المرارة هي منع قافلة طبية ضخمة كان من المفترض ان يستفيد منها البؤساء المنتمون الى اقليمجرسيف المنكوب ممن يعيشون تحت رحمة الفقر والمرض، تحت ذريعة اسباب واهية، مخافة سطوع فشل العمالة وفساد مندوبية الصحة وتألق حزب الاتحاد الاشتراكي الذي وضع اصبعه في هذه المبادرة القيمة. وبسبب تواجد جمعية محلية ذات توجهات سياسية، تنتمي الى حزب البرلماني الاتحادي المشاغب المكروه من طرف السلطة والمنضوون تحت جناحها من سياسيين وأحزاب، تم حرمان ازيد من 4000 آلاف مستفيد من الادوية والفحوصات الطبية وحتى العمليات الجراحية التي جندت لها الجمعيات المنظمة اطقما طبية وطنية واجنبية، وصفعهم بإلغائها في آخر لحظة من الوقت الميت قبل تنظيمها. وطامة اصدار بيان تضليلي من طرف المندوب الاقليمي للصحة يتضمن جملة من المغالطات، وتحريك الفساد لبيادق الصحافة لنشر غسيلهم المتسخ لهدف تغليط الرأي العام، ضدا على الحقيقة التي كشفت عنها الجمعيات المتمرسة في تنظيم القوافل الطبية على مدار السنة وعلى طول وعرض مدن وقرى وبوادي المملكة خاصة جهة فاسمكناس وباقي البقاع النائية. فمن المؤسف جدا ان يطلب القائد الإقليمي لجهاز الوقاية المدنية بجرسيف، من عنصر تابع له الاعتذار من طبيبة تتفنن في اهمال المرضى وتحترف الشجار مع المواطنين على الدوام ، بعدما التمس منها رجل الوقاية المدنية تقديم الاسعافات الضرورية لمريضة تم نقلها من طرفهم عبر سيارة الاسعاف الى قسم المستعجلات. ورغم كل ما يعاني منه المواطن الفقير من مأساة جراء فساد قطاع الصحة بالاقليم، تجد عامل العمالة يتحول الى اطفائي للأزمات التي تتفجرت جراء تغاضيه عن جملة من الخروقات التي تهم الوضع الكارثي واللاأخلاقي للمستشفى المنكوب، والمندوب الذي لا يدخر جهدا في استغلال سيارة المصلحة لأغراض شخصية،ناهيك عن قسم الولادة وما يعيش عليه من معضلات، دون استثناء مسير الامن الخاص وبعض زبانيته ممن يجب محاسبتهم على مايقترفون من ممارسات تجاه المواطنين والمواطنات، فإذا كان رب البيت للدف ضاربا فشيم اهله الرقص. وعلى اعتبار اننا صحافة تمرست في التحقيق وكشف فساد الاشخاص والمؤسسات بما نملكه من مصادر محمية وموثوقة داخل ادارات الاقليم دون استثناء،من داخلية وصحة وتعليم وأمن وعدل وباقي القطاعات،صحافة تدرك جسام المهام الملقاة على عاتقها بكل مسؤولية، وتسعى جاهدة الى ربط جسور التواصل بين الشعب ودوائره العليا بكل صدق وامانة دون محاباة لجهة او معاداة لاخرى، فتفكيك تكثلات الفساد والضرب بيد من حديد على الفاشلين والمفسدين من مرتكبي الخروقات، اصبح ضرورة ملحة لا مفر منها للوصول الى مستوى التطلعات، خصوصا وان أنين معاناة البسطاء وصل اقصاه، ووجع الضعفاء وصل مداه، فهل تستجيب وزارة الصحة لنداء الاستغاثة وتقص رؤوس الفساد؟ وهل تتدخل المفتشية العامة للداخلية لقطع دابر الفشل تفعيلا لتعليمات ملك البلاد.