تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1500م من السبت إلى الاثنين    المديرية العامة للضرائب تعلن فتح شبابيكها السبت والأحد    "روح الأسرة" بعيدا عن "سلطوية العام" و"شكلانية القانون" و"مصلحية الاقتصاد"    أبناك تفتح الأبواب في نهاية الأسبوع    المحافظة العقارية تحقق نتائج غير مسبوقة وتساهم ب 6 ملايير درهم في ميزانية الدولة    الحكم موقوف التنفيذ لمناهضين ضد التطبيع    "منتدى الزهراء" يطالب باعتماد منهجية تشاركية في إعداد مشروع تعديل مدونة الأسرة    330 مليون درهم لتأهيل ثلاث جماعات بإقليم الدريوش    بيت الشعر ينعى محمد عنيبة الحمري    إياب ساخن في البطولة تبدأ أطواره وسط صراع محتدم على اللقب وتجنب الهبوط    جلالة الملك محمد السادس يحل بدولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة خاصة    المنتخب المغربي يشارك في البطولة العربية للكراطي بالأردن    غياب الطبيب النفسي المختص بمستشفى الجديدة يصل إلى قبة البرلمان    الدحمي خطاري – القلب النابض لفريق مستقبل المرسى    العام الثقافي قطر – المغرب 2024 : عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية    استخدام السلاح الوظيفي لردع شقيقين بأصيلة    إسرائيل تغتال 5 صحفيين فلسطينيين بالنصيرات    اكتشاف جثة امرأة بأحد ملاعب كأس العالم 2030 يثير الجدل    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    تعاونيات جمع وتسويق الحليب بدكالة تدق ناقوس الخطر.. أزيد من 80 ألف لتر من الحليب في اليوم معرضة للإتلاف    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تصعد رفضها لمشروع قانون الإضراب    صناعة الطيران: حوار مع مديرة صناعات الطيران والسكك الحديدية والسفن والطاقات المتجددة    أسعار النفط ترتفع بدعم من تعهد الصين بتكثيف الإنفاق المالي العام المقبل    طنجة تتحضر للتظاهرات الكبرى تحت إشراف الوالي التازي: تصميم هندسي مبتكر لمدخل المدينة لتعزيز الإنسيابية والسلامة المرورية    بلعمري يكشف ما يقع داخل الرجاء: "ما يمكنش تزرع الشوك في الأرض وتسنا العسل"    "ال‬حسنية" تتجنب الانتقالات الشتوية    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حلقة هذا الأسبوع من برنامج "ديرها غا زوينة.." تبث غدا الجمعة على الساعة العاشرة    "التجديد الطلابي" تطالب برفع قيمة المنحة وتعميمها    وكالة بيت مال القدس واصلت عملها الميداني وأنجزت البرامج والمشاريع الملتزم بها رغم الصعوبات الأمنية    مقتل 14 شرطيا في كمين بسوريا نصبته قوات موالية للنظام السابق    تدابير للإقلاع عن التدخين .. فهم السلوك وبدائل النيكوتين    كندا ستصبح ولايتنا ال51.. ترامب يوجه رسالة تهنئة غريبة بمناسبة عيد الميلاد    أسعار الذهب ترتفع وسط ضعف الدولار    سنة 2024 .. مبادرات متجددة للنهوض بالشأن الثقافي وتكريس الإشعاع الدولي للمملكة    الممثل هيو جرانت يصاب بنوبات هلع أثناء تصوير الأفلام    الثورة السورية والحكم العطائية..    كيوسك الخميس | مشاهير العالم يتدفقون على مراكش للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة    الإعلام الروسي: المغرب شريك استراتيجي ومرشح قوي للانضمام لمجموعة بريكس    مباراة ألمانيا وإسبانيا في أمم أوروبا الأكثر مشاهدة في عام 2024    الضرورات ‬القصوى ‬تقتضي ‬تحيين ‬الاستراتيجية ‬الوطنية ‬لتدبير ‬المخاطر    الصين: أعلى هيئة تشريعية بالبلاد تعقد دورتها السنوية في 5 مارس المقبل    "أرني ابتسامتك".. قصة مصورة لمواجهة التنمر بالوسط المدرسي    المسرحي والروائي "أنس العاقل" يحاور "العلم" عن آخر أعماله    اعتقال طالب آخر بتازة على خلفية احتجاجات "النقل الحضري"    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخديعة الكبرى .. تحريم الفن في الإسلام
نشر في كاب 24 تيفي يوم 22 - 09 - 2019


عبد الحي كريط لكاب 24تيفي ...
يعتبر موضوع تحريم الفن من المواضيع الشائكة والجدالية في الإسلام , فهي موضع خلاف واتفاق أيضا بين مختلف المدارس الفقهية الإسلامية المعتبرة وقد أفردت فيها كتب ومجلدات حول تأصيل الفن فقهيا وحرمته واقصد هنا الفن بمعناه الأعم والاشمل والذي يتمثل في الرسم والنحت والموسيقى ...الخ ,ولقد ذهب جهور الفقهاء إلى تحريم صناعة وبيع التماثيل لذوات الأرواح ورسمها سواء على صورة إنسان او حيوان وهي اقرب إلى الإجماع بين مختلف المذاهب وقد اختلف حول التماثيل المؤقتة أو الغير الدائمة المصنوعة من الصلصال والطين أو الثلج فذهب الجمهور إلى التحريم باستثناء بعض المالكية الذين أجازوها .
وقد أشار الزعيم الهندوسي الهندي غاندي في إحدى كتبهّ " بالرغم من أن هذا الأخير كان عميلا للاستعمار البريطاني في الهند وان مسالة العصيان المدني ماهي إلا لعبة بينه وبين بريطانيا لكي يكون هو القائد المقبل للهند وهذا موضوع أخر سنفرد له مقالا مستقلا في وقت لاحق" أن السلطات الاستعمارية البريطانية كانت تصدر بطاقات التعريف للمسلمين الهنود بلا صورة نظرا لحساسية الموضوع عند عامة المسلمين آنذاك من التصوير لحديث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في البخاري , وقد شغلت هذه القضية حيزا هاما وكبيرا من الفكر الإسلامي في شقه الفقهي اللاهوتي لعدة عقود من الزمن وهو مادفع العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي المتوفى سنة 1935 إلى تأليف كتاب اسماه الجواب الشافي في إباحة التصوير الفوتوغرافي والذي تطرق فيه الى إباحة التصوير سواء بالرسم او بالكاميرا بطريقة تاصيلة فقهية حديثة معتمدا على فقه المقاصد والواقع وهذا راجع الى خلفيته المالكية قبل أن يتحول إلى المذهب الحنفي , ومن المضحكات المبكيات أن كلمة كاميرا نفسها مشتقة من كلمة "قمرة " التي نحتها أبو علم البصريات الحديث العالم المسلم ابن الهيثم .
إضافة الجدال الفقهي القائم على حرمة الموسيقى رغم أن هذا الجدال هو أقل حدة من الجدالات السابقة لان موضوع الموسيقى حرم فقط من جانب المدرسة السلفية الوهابية التي شددت على النص وسيجته بتفسيرات تضاد النص القرآني لأنه لايوجد نص صريح بالقران بتحريم الموسيقى لأنه من فطرة الإنسان عكس الفريق الأخر الذي لم يحرمه بل وضع عليه ضوابط وقواعد تراعي الذوق العام والذوق الإنساني الذي لايضاد فطرة الإنسان ولم أراد أن يضطلع أكثر على هذا الاختلاف فيمكنه البحث في أراء الفريقين من خلال الكتب أو الانترنت رغم ان التيار السلفي هو المهمين على الشبكة العنكبوتية وأيضا على مستوى انتشار كتبها لاعتبارات بترو سياسية فيما يخص بموضوع الموسيقى والتصوير بشكل عام وهذا يؤثر سلبا على المتلقي الذي لايقرا ولا يبحث والذي لايكلف عناء نفسه بالبحث في هذه المسائل فنحن للآسف نتلقى الآراء دون ان نحرك محركات عقولنا لتي تكلست بفعل تأثير أبواق تحسب نفسها أنها لديها صلاحية إلهية في أن تكون وصية في مسائل لم يحسم فيها القران بل من حكمة الله تعالى ان سكت عنها وهي إشارة إلى المتغيرات الواقعية التي تتبدل مع مرور الزمن , فمرجعية النص كما يرونه كمرجعية لايمكن تجاوزها من خلال الالتزام بحرفية النص بغض النظر عن سياقه وروحه ومقصده الماضوي والحاضر والفريق الأخر لايرى النص بمعزل عن محيطه أو مااصطلح عليه تسميته بالصراع بين العقل والنقل , وكان تيار أهل الحديث والحشوية هو الأكثر هيمنة على المؤسسة الدينية لفترات تاريخية متباعدة حسب المزاج السياسي للسلطة وهذا موضوع أخر .
لكن السؤل الذي يجول في دواخلنا ويطرق أبواب عقولنا لماذا المؤسسة الدينية التقليدية في الإسلام حرمت التصوير والتماثيل وغيرها من الفنون حقيقة لم أجد جوابا شافيا يشفي غليل تساؤلاتي الا من خلال "كتاب لعبة الفن الحديث بين الصهيونية الماسونية وأمريكا " للدكتورة المصرية زينب عبدالعزيز استاذة التاريخ والحضارة والمتخصصة في الثقافة الفرنسية , حيث ان كتابها الأنف الذكر تطرق الى أن موضوع تحريم الفن في اليهودية والمسيحية وان في كل ديانة على حدة معركتها في تحريم التصوير, إلا أن الصراعات السياسية قد تداخلت وتدخلت لتغير شكل ومضمون القضية وتحصرها في الإسلام وحده, وقد اشارت الأستاذة زينب عبدالعزيز إلى صعوبة تناول هذا الموضوع في تداخل محاوره المتعددة والمتشعبة من جهة , وفي أن أحدا لم ينتبه من قبل إلى أن هناك صلة أكيدة بين التحريم الملصق بالإسلام , حسب تعبيرها , وبين التحريم القاطع الصريح في اليهودية , فالنص الوحيد والصريح في التحريم هو نص الوصية الثانية من الوصايا العشر" سفر الخروج" الإصحاح العشرون والذي يقول " لاتصنع لك تمثال منحوتا ' ولا صورة ما مما في السماء من فوق ' وما في الأرض من تحت ' ومافي الماء تحت الأرض ".
ويمتد هذا التحريم في المسيحية أيضا , على أساس أنها تعترف بالعهد لقديم , وتعتبر العهد الجديد استمرارا وتصويبا له وذلك وفقا لما قاله السيد المسيح عليه السلام " لاتظنوا أني ما جئت لانقض الناموس أو الأنبياء ماجئت لانقض بل لأكمل " انجبل متى الاصحاح الخامس الاية 17
أي انه مالم ينص عليه بالتعديل او التغيير , فيعتبر مقبولا وساريا من العهد القديم " التوراة " بمختلف أسفاره.
أما في القران الكريم فلم يرد حكم بتحريم رسم ذوات الارواح او تمثيلها او رسمها او تصويرها بل ورد مايفيد تحليل ذلك يقول الله تعالى ممتنا على عيسى بن مريم {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي} (المائدة، 110). فالمسيح عليه السلام كان يصنع من الطين كهيئة الطير، وهو تمثيل بلا ريب، وهذا لا يعني شيئا إلا أن ينفخ فيه فيكون طيرا حقيقيا بإذن الله تعالى، وكان ذلك من الأدلة على كونه رسول الله.
وربما يجادل البعض بالقول إن الآية لا تدلُّ على إباحة رسم وتمثيل ذوات الأرواح لأن ذلك كان على سبيل المعجزة فلا يقاس عليه الحكم العام بتحليل التصوير والتمثيل.
واعتراضهم لا وجه له، لأن النبي لا ينبغي له أن يفعل محرما ليكون بعد ذلك معجزة له. والآية التالية تقطع ما اشتبهوا فيه باليقين:
يقول الله تعالى في سياق الامتنان على سليمان عليه السلام وما سخر له من خدمة الجن {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}
فقد دلت الآية على أن نبي الله سليمان عليه السلام كان يأمر بصناعة التماثيل، ولا يمكن أن يأمر النبي بحرام دون أن يُزجر عليه، بل حدث العكس تماما حيث أخبر الله سبحانه بهذا على سبيل الامتنان عليه.
وقد أشكل على جمهور العلماء الأحاديثُ الواردة في ذم التصوير والتماثيل؛ لأنهم أهملوا الربط بين الآيات السابقة وبين الأحاديث التي وردت عنه صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص، ثم إنهم لم ينظروا إلى الغرض المتخذ من صناعتها، لذلك لم يستطيعوا التوصل إلى الحكم الصحيح في المسألة. فينبغي فهم الأحاديث على ضوء القرآن الكريم. ولا يجوز أن يُعتدَّ بالحديث بمعزل عن الآيات ذات الصلة، وبهذا المنهج يمكننا الاحتراز عن الأحاديث الضعيفة والمدرجة والمزيد فيها.
والصحابة الكرام رضوان الله عليهم وهم الجيل الأول لصدر الإسلام ,عندما فتحوا الأمصار والبلدان فاءنهم لم يهدموا أي تماثيل أو مسحوا صور وهذا دليل على أنهم فهموا مقصد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالرغم من أن الفقهاء فسروا هذه الأحاديث بناءا على خلفيتهم الكهنوتية التي تشبه نوعا ما التفسيرات التوراتية والإنجيلية .
وقد أشار الراحل محمد زكي حسن عالم الآثار المصري وله العديد من الدراسات والمقالات التاريخية القيمة أن كراهية التصوير نشأت بين الفقهاء في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري وان الأحاديث المنسوبة إلى الرسول صلى لله عليه وسلم موضوعة ومدسوسة, ولا تعبر إلا عن الرأي السائد بين الفقهاء في العصر الذي دون فيه الحديث وجمع .
ويقول الأستاذ الدكتور احمدالباشا تيمور في كتابه " التصوير عند العرب" بان المسلمين منذ صدر الإسلام قد عرفوا التصوير البعيد عن الوثنية , واستخدموه كما يشهد بذلك لنبي صلى الله عليه وسلم ,بنقود عليها صور وإباحة استخدام الأستار والوسائد , والثياب المزوقة بالصور المشكلة على هيئة كائنات حية."
ولابد من الإشارة إلى ان ظهور الإسلام وسرعة انتشاره كالنار في الهشيم هي من العوامل الأساسية التي لعبت دورها في معركة تحريم التصوير بين الديانة ليهودية والمسيحية وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وماهي الا بضع سنوات حتى كان الإسلام امتد الى العراق وسوريا وفلسطين ومصر... وبذلك تحول جزء من الإمبراطورية الفارسية الساسانية والإمبراطورية البيزنطية الرومانية الى الديانة الجديدة , اضافة الى فتوحات المسلمين في شمال افريقيا والأناضول وبداية حصار القسطنطينية حتى وصلت الفتوحات الى اسبانيا وجنوب فرنسا, أفلا يوجد في هذا المد السريع والانتشار القياسي لفتوحات المسلمين , مايقلق القوى السياسية والدينية الأخرى ؟
كما أن أول ترجمة عربية للتوراة, جرت في العصر العباسي الأول أي بعد انتشار الإسلام بجميع الأمصار والبلدان في العهد الراشدي والأموي , ولاتوجد دلائل او قرائن عن وجود ترجمة عربية للتوراة سابقة للإسلام,كما ن هنك توافق مافي تواريخ ومواكبة نشر الأفكار الخاصة بتحريم التصوير في البلاد البيزنطية والبلاد العربية.فالتحريم نقل من العقيدة اليهودية وغرس في الفكر الإسلامي لاغراض سياسية بحتة وايضا دينية غرضها تشويه الاسلام الذي قام على الجمال وهنا اتذكر الرواية العالمية المسيح المصلوب للاديب والفيلسوف اليوناني نيكوس كازانتاكيس التي ترجمت الى العديد للمخرج ميل جيبسون والذي خلف العديد من . the passion of the Christ من الافلام السينمائية اشهرها فيلم الردود والرفض من جانب الفاتيكان، ومن جانب اليهود بسبب إلقاء الفيلم اللوم على اليهود في تعذيب المسيح وصلبه، علمًا بأن الفيلم اعتمد على الإنجيل الذي نص صراحة على خيانة اليهود، وتآمرهم على المسيح -عليه السلام- رغم قرار المجمع الفاتيكاني في سنة 1964 والذي صوت بأغلبية كبيرة على تبرئة اليهود من جريمة صلب المسيح، ولقد اعتبره العديد من رجال الدين المسيحيين بمختلف طوائفهم أنه قرار يهدم ركنًا أساسيًّا من أركان العقيدة المسيحية والتاريخ المسيحي، وبمعنى أوضح أن التبرئة هي حكم قاسٍ يكذب الأناجيل الأساسية التي قام عليها الدين المسيحي؛ وبالتالي فهو قرار سياسي يحابي الدور الصهيوني المتغلغل في أوساط المسيحية العالمية، وهذا معروف بين مختلف اوساط الباحثين والأكاديميين والمثقفين.
ففي تاريخ الفنون لم يعرف لليهود أي دور في التصوير والرسم التشكيلي فهي مساهمة جد ضليئة وهذا راجع إلى نص الوصية الثانية من الوصايا العشر التي ذكرناها في بداية المقال ,التي قيدت الإبداع الفني خاصة التصوير ولقد اعتقد الكثيرون ان هذا التحريم هو تحريم قاطع وصارم , إلا ن تفسيره قد أدى إلى كم هائل من النصوص حيث أضحت الفكرة السائدة حتى القرن التاسع عشر , لدى كبار مؤرخي اليهودية , أنهم لايعلمون اي شيء تقريبا عن الفن اليهودي , وإنهم يتحدثون عن الشعب اليهودي انه شعب بدون فن او صور ولم تتغير هذه الصورة النمطية لدى اليهود الا مع بداية لقرن العشرين حيث تم اكتشاف بعض المخطوطات المحفوظة في المكتبات الأوروبية , وأعيد فحصها وأكد الأخصائيون أن التحريم كان مقتصرا فقط على النحت وبناء التماثيل ,وهذا دليل ان اليهود قد اختلفوا في تفسير نص الوصية الثانية الغير القابلة للتعديل أو الاجتهاد , فعدلوا مفهومها على فترات تاريخية متباينة من اجل مصالح سياسية واقتصادية واجتماعية ,وكان فن التصوير مقتصرا فقط على تزيين المعابد,الا ان التنقيبات الاركيولوجية , كشفت عن طمس متعمد للوجوه في الرسومات ' وهذا تأكيد انه كانت هناك صراعات متواصلة بين تيار الحلال والحرام عند اليهود , ففي منتصف القران الثاني عشر منعت السلطات الحاخامية بمنع تمثيل ذوات الأرواح في المعابد , وسمحت فقط بزخرفة النصوص العبرية ,وكانت هذه الزخارف تماثل الأساليب السائدة في التراث القومي للبلدان التي تعيش فيها جماعات اليهود اي نهم لم يكن لهم تراث خاص بهم بل كانوا ينقلون هذه الأساليب والقوالب التعبيرية المنتشرة في المجتمعات التي يعيشون بها .
ومع مجيئ القرن التاسع عشر كانت بداية عصر تحرير اليهود الفكري وهي من نتائج عصر الأنوار الأوروبي الذي تمرد على الكنسية ,حيث لاحظ الباحثون تطور أساليب الفنون لدى اليهود بشكل ملفت للنظر وهذا التطور كان مواكب للتفسيرات الجديدة والجذرية في تفسير النصوص اليهودية المقدسة آنذاك ومع بداية الثورة الصناعية , هاجر العديد من الفنانين اليهود إلى فرنسا التي كانت قبلة الفن الحديث أواصبحوا "والتي تزعمت فيما بعد الحركة الفنيةEcole des paris الأعضاء المؤسسين للجماعة الفنية المعروفة
في فرنسا ونفس هؤلاء المهاجرين الفنانين ساهموا في تأسيس وإرساء القواعد الأساسية للعديد من الحركات الفنية المتطرفة ,والتي أثرت بشكل كبير في تدمير الفن وأهدافه السامية, ولاننسى فلسطين التي كانت محور تزييف الفن وسرقته من قبل الحركة الصهيونية والتي كانت من نتائجها إنشاء وإرساء قواعد فن التصوير اليهودي القومي , بغية الإسراع في اختلاق حضارة قومية لليهود في ارض فلسطين العربية المسلمة .
اما في المسيحية فكانت معركة التحريم قائمة أساسا حول تحرير الإنسان من كهنوت الكنسية , ومعركة الأيقونات كانت أساس معارك تحريم التصويرالا ان هذه الفترة المعروفة بمعركة الأيقونات من الصعوبة بمكان تناول محاورها السياسية والدينية والفنية ' لان اغلب وثائق هذه المرحلة المفصلية في تاريخ الفن المسيحي قد تم حرقها وإتلافها عمدا, ولم يبق منها إلا النزر القليل من مؤيدي تيار التصوير والرسم مثل كتابات القديس يوحنا الدمشقي والقديس تيودور دي ستوديون , والصراعت العقائدية في المسيحية كان لها دور في معركة التحريم إضافة إلى الاضطهاد الروماني للمسيحية في بداية ظهورها وظلت الديانة المسيحية حبيسة الجدران وداخل السراديب والأقبية,حتى اعترف به رسميا في مطلع القرن الرابع الميلادي فاءن جدال تحريم التصوير, قد بدأت بصراعاتها المتعددة قبل القرن الرابع وهذا راجع إلى قرب عهدها باليهودية وخلافاتها العميقة معها , ولقد اشار بعض المؤرخين إلى ان أعداد اليهود المتواجدين بالمسيحية بأعداد غفيرة, كانوا ينظرون إلى صور المسيحيين بكل احتقار وازدراء .
وأدت هذه الصراعات آنذاك الى انعقاد المجمع الكنسي بمدينة الفيرا الاسبانية بالقرن الرابع, الذي خرج بقرار منع التصوير وتحريمه واعتباره من الوثنية إلى ان جاء ليون الايصوري وامر بتدمير كافة الرسومات والتماثيل الدينية الموجودة بالكنائس وبالاماكن العامة , وقد اشارت العديد من المصادر والمراجع التاريخية ' ان موقف ليون الايصوري المتشدد ضد الايقونات وتمسكه بالتحريم ناجم عن تاثير احد الاشخاص المقربين اليه واسمه " بيسر" ويقال انه كان مسيحيا واسلم وارتد عن الاسلام بعد ذلك, وانه كان صديقا حميما لزعيم الطائفة اليهودية , ومن الغريب ن بعض المراجع تشير الى نفس هذا الشخص هو الذي أشار على الخليفة الاموي يزيد بن عبد الملك بإصدار قرار بهدم كافة التماثيل والصور خاصة بالكنائس وهذا فعله يزيد قبل وفاته.
وفي خضم هذه المعارك بين الفرق المسيحية حول حرمة التصوير واباحته, انعقد مجمع نيقية الثاني في اواخر القرن السابع وبداية القرن الثامن بالسماح لعودة الأيقونات والتصوير لنشر المسيحية , ورغم هذا القرار فاءن تحريم الأيقونات والصور استمر في فترات تاريخية متباعدة , فمعركة الأيقونات استمرت قرابة عشر قرون من الشد والجذب, بين تيار التحريم وتيار المؤيد للتصوير , ومن الملفت للنظر ان اغلب كتب تاريخ الفن تؤرخ مع بداية عصر النهضة او عصر الأنوار , وكأن هذه الكتب تتحاشى بشكل متعمد ذكر فترة معركة الأيقونات التي تعتبر من أهم الأحداث التاريخية العالمية وليس تاريخ الفن وحد وبكل ماتخللته من صراعات مختلفة ومتشبعة بين محور صراع اليهودية والمسيحية ومحور الصراع المسيحي المسيحي وانقساماتها المتعددة المتمثلة في كنائسها الثلاثة المستمرة إلى يومنا هذا, وصراع السلطة بين الأباطرة ورجال الكهنوت, فليس من الغريب بمكان ان نلحظ استبعاد المراجع والكتب التاريخية تهميش وتبخيس دور المسلمين سواءا في الفن او في حفظ مختلف المعارف والفنون الإنسانية ونقلها إلى الغرب وهنا استشهد بكلام الباحثة الفرنسية مارت برنوس تايلور التي كانت تشغل سابقا محافظة ورئيسة قسم التراث الإسلامي بمتحف اللوفر بفرنسا ' اذ تقول " كثيرا ماتغفل المراجع أن الحضارة الاسلامية تمثل حلقة الوصل بين العالم القديم والعالم الغربي , وان علوم فلسفة اليونان انتقلت إلينا بفضل علماء العرب وان عددا من المباني لايستهان به في أوروبا لازال يحمل بلا ادنى شك تأثير الفن الإسلامي الذي لايمكن إغفاله".
============
المصادر*
القران الكريم
العهد القديم سفر الخروج
انجيل متى الاصحاح الخامس
تفسير الطبري
تفسير الصابوني
لعبة الفن الحديث بين الصهيونية الماسونية وامريكا _ د زينب عبدالعزيز
التصوير عند العرب_ احمد باشا تيمور
التصوير لفني في القران الكريم _ سيد قطب
موسوعة التصوير الاسلامي_ ثروت عكاشة
التوارة بين الوثنية والتوحيد _ سهيل ديب
دراسة في علم الجمال _مجاهد عبدالمنعم مجاهد
التصوير الفوتوغرافي علم وفن _ قاسم محمد الطائي
حكم التصوير من منظور اسلامي _ الشيخ علي عبد العال الطهطاوي
الجواب الشافي في اباحة التصوير الفوتوغرفي _ العلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي
الفن كابداع للقيم الجمالية من خلال ابعادها الوظيفية وتمثلاتها الدينية _ عبدالحي كريط ساسة بوست


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.