تعطى اليوم الانطلاقة الرسمية للقطار الفائق السرعة الأول من نوعه في إفريقيا الأشغال الخاصة بالمشروع، وقد استغرقت أشغال المشروع ما يقارب 8 سنوات من العمل، واستثمار مالي يناهز 23 مليار درهم، بغرض الربط بين مدينة طنجة و العاصمة الاقتصادية، ما سيساهم في تقليص مدة السفر بين القطبين الاقتصاديين، من 5 ساعات تقريبا إلى ساعتين و 10 دقائق. ومن المقرر، أن يمر القطار فائق السرعة المغربي "البراق"، الذي انطلقت الأشغال عليه منذ سنة 2011، عبر 7 محطات وهي محطات طنجة، أصيلة، العرائش، القنيطرة، سلا، الرباط و الدارالبيضاء، على طول 400 كلم منها 200 كلم من السكك الحديدية المخصصة له، والتي ستمكنه من الوصول لسرعة تقارب 320 كلم/س. ولتأسيس المسار المخصص لهذا القطار تم استخدام ما يناهز من 48 ألف طن من القضبان السككية، و 700 ألف من العوارض الحديدية، زيادة على 340 كلم من أسلاك التوتر العالي لنقل الكهرباء، و 67 مليون قدم مكعب من مكعبات الاسمنت الصغيرة. وأثارت كلفة المشروع عند البدء به احتجاجات ولا سيما من قبل مجموعة عرفت باسم "ستوب تي جي في" باعتبار أنه ليس من "الأولويات" في المملكة. وأثير الجدل من جديد في منتصف أكتوبر عند خروج قطار عن سكته متسببا بحادث أوقع سبعة قتلى و125 جريحا في القنيطرة أثناء رحلة بين طنجةوالدارالبيضاء. ومولت فرنسا 51 بالمئة من المشروع بواسطة قروض مختلفة، فيما مول المغرب 28 بالمئة منه، وتوزعت 21 بالمئة المتبقية بين صناديق عربية (السعودية، والكويت والإمارات..). ويرتقب أن تطرح أولى التذاكر للبيع بعد الافتتاح التدشين الرسمي للخط على أن يفتح أمام عموم المسافرين نهاية تشرين نونبر، بحسب معلومات استقتها وكالة فرانس برس في طنجة. ويراهن مكتب السكك الحديدية على بلوغ سقف 6 ملايين مسافر في أفق ثلاث سنوات من بدء تشغيل الخط. وباشر المكتب أيضا أشغالا لتطويل شبكة السكك التقليدية بين الدارالبيضاء ومراكش (جنوب) لتقليص مدة الرحلة بين المدينتين، فضلا عن تطوير نقل البضائع الذي يعتبر موردا أساسيا للمكتب. ويقول مهدي فقير، اقتصادي مختص في تقييم السياسات العمومية : "ليس القطار الفائق السرعة من الكماليات، فعند التفكير في كون النقل يعتبر من دعائم الاقتصاد بين قطبين اقتصاديين، فلا يمكن إلا أن يكون شيئا يستحق العناء من أجله. إن المغرب يبحث في جعل طنجة قطبا اقتصاديا وصناعيا قويا، عبر تسهيل تنقل الأطر المغربية الصناعية والاقتصادية على حد سواء، ما بين مدينتي الدارالبيضاءوطنجة، ما سيساهم في تعزيز وتطوير الجانب الاقتصادي للجهتين، والذي يؤدي إلى تنمية إيجابية تستمر على المديين المتوسط و الطويل". أما بخصوص الجانب المتعلق بالمحافظة على البيئة، فإن انبعاثات القطار الفائق السرعة من غاز ثنائي أكسيد الكربون ستعادل 0,47 في المئة، من الانبعاث الوطنية و 2,6 في المئة من تلك الخاصة بقطاع النقل، والتي تمثل 8,5 في المئة من حصة السوق. وبالنظر إلى هذه المعطيات، فإن هذا المستوى من الغازات الملوثة للبيئة، أقل بنسبة 7 في المئة مقارنة بالسيارات، و 6 في المئة مقارنة بالحافلات، و 2 في المئة للترامواي و 25 في المئة مقارنة بالطائرة، كما سيمكن قطار البراق الفائق السرعة، من نقل ما يقرب من 133 مليون راكب، مقارنة ب52 مليون مسافر المقررين في أفق 2035، ما سيساهم في النقص من عدد المتوفين بسبب حوادث النقل ل550 وفاة و 6 آلاف مصاب في السنة. ويسعى المكتب الوطني للسكك الحديدية، إلى الوصول لنسبة ملء تقارب 70 في المئة عند المرور، وإلى عتبة 6 ملايين مسافر في السنة، كما ستتم برمجة مواعيد انطلاق القطارات، لتقارب الساعة بين كل قطارين متوازيين، ما سيمكن من نقل 532 راكبا في كل قطار، وسيتضاعف هذا الرقم في فترة الأعياد و العطل. أما فيما يتعلق بالتذاكر، فإن المكتب الوطني للسكك الحديدية، قرر تعديلها لتتوافق مع وسائل النقل الأخرى، ما سيسمح بتوفير تخفيضات على التذاكر تشبه التخفيضات الحالية، بشرط الحجز المسبق قبل السفر. وفيما يخص محطات قطارTGV الممتدة على طول مساره، فقد تمت إعادة تحضيرها وتجديدها، لتكون جاهزة لاستقبال الركاب والمسافرين والقطارات أيضا. فعلى سبيل المثال، ناهزت تكلفة تجديد محطة القطار "طنجة" 360 مليون درهم، والتي تمتد على مساحة 10 آلاف و 500 متر مربع، مع قاعة مخصصة لخدمة "البراق التجارية" تمتد على مساحة 77 ألف متر مربع. وقد تمت عملية تجديد المحطة، عبر توفير محطة توقف للقطارات يمكنها استيعاب 30 قطارا فائق السرعة، على مساحة 14 هكتارا منها 20 ألف متر مربع للبنايات المغطاة، والتي كلفت استثمارا بلغ 640 مليون درهم. و عرفت محطة "الرباط-اغدال" أيضا نفس الأشغال، التي ستتمكن من استقطاب 30 مليون مسافرا في السنة مقارنة ب7 ملايين حاليا، على مساحة تقارب 23 ألف متر مربع، وباستثمار مالي ناهز 600 مليون درهم. ويعمل المكتب الوطني للسكك الحديدية، على تجهيز كل من محطتي "الرباطالمدينة" و "القنيطرة"، واللتين يمكنهما معا استيعاب 45 مليون مسافر في السنة، وباستثمار قارب 450 مليون درهم لمحطة "الرباطالمدينة".