أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، اليوم الأربعاء بالرباط، أن المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، سواء كانت مادية ناتجة عن الظواهر المناخية الشديدة أو انتقالية ناجمة عن التحول إلى نماذج اقتصادية منخفضة الكربون، من الصعب مواجهتها وقياسها. وأوضح الجواهري، خلال المؤتمر الدولي حول التمويل الأخضر، الذي نظمه بنك المغرب والتحالف من أجل الشمول المالي، أن "هذه الصعوبة تزداد تعقيدا بسبب غياب لغة ونظام تصنيف مشترك يتيح التمييز بين الأصول الخضراء والبنية، وافتقار للبيانات الدقيقة وأدوات تقييم المخاطر، التي تبدو واضحة على الطبيعة، ولكن حجمها وتأثيرها على القطاع المالي يبقى غير واضح". وفي هذا الصدد، أشار والي بنك المغرب إلى أن مواجهة إشكالية تغير المناخ تقضي بفهم التغيرات الهيكلية التي ستؤثر لا محالة على النظام المالي وكذا الاقتصاد على نطاق أوسع، ما يستدعي تدخل بنك المغرب على مستوى تنفيذ مهامه الأساسية سواء في مجال استقرار الأسعار والاستقرار المالي أو الاندماج المالي. وشدد، في هذا الإطار، على "ضرورة تعزيز قدرتنا في هذا المجال والتعاون وتبادل المعرفة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية". وأضاف أن المبادرات التي تهدف إلى وضع نظام التمويل الأخضر في المغرب كانت فردية ومتفرقة في البداية قبل أن يتم توحيدها من خلال اعتماد خارطة طريق وطنية تلزم الجهات الفاعلة العامة والخاصة المعنية، وذلك منذ ثلاث سنوات بمناسبة تنظيم مؤتمر (كوب 22) في مراكش. وفي هذا الصدد، أشار الجواهري إلى أن بنك المغرب يعمل حاليا على بلورة توجيه تنظيمي يحدد توقعاته في هذا المجال كمنظم، وذلك لتسريع مراعاة القطاع البنكي لقضايا المناخ، مضيفا قوله "نحن نستعد أيضا لإطلاق، مع شركائنا المعنيين، دراسة وطنية حول مخاطر المناخ في المغرب بمواكبة خبراء دوليين". من جهته، أكد ألفريد هانيغ، المدير التنفيذي للتحالف من أجل الشمول المالي، أن هذا المؤتمر الدولي حول التمويل الأخضر الشمولي يروم إحداث فضاء للحوار والتعاون حول السبل التي من شأن أصحاب السياسات المالية والسلطات التنظيمية نهجها بغية دعم استعمال التمويل الأخضر الشمولي لإيجاد حلول لتأثيرات حالات الطوارئ المناخية. وشدد هانيغ على ضرورة تجاوز الحدود الدولية والمؤسساتية في الالتزام بالقضايا المرتبطة بالطوارئ المناخية، مضيفا أنه "وعيا منا أن مسألة الطوارئ المناخية تستدعي تحقيق إجماع عام وتظافر جهود كافة الفاعلين، فإننا نعمل بتعاون بين المنظمات والشبكات، ونتطلع إلى كسر الحواجز من أجل العمل سويا على الصعيد الوطني، إلى جانبالتعاون القائمبين الدول النامية والمتقدمة". بالإضافة إلى ذلك، سجل أن الطوارئ المناخية تؤدي إلى تكريس الفقر، موضحا أن الشمول المالي يعزز قدرة الأفراد على الصمود سواء أمام حادث مناخي مفاجئ أو شديد القوة أو أمام التأثيرات التدريجية للتغيرات التي تحدث على مستوى التساقطات المطرية، أو المرتبطة بارتفاع مستوى البحار أو المياه المالحة. وقال هانيغ "إن التحالف من أجل الشمول المالي، بصفته تحالفا رائدا في سياسات الشمول المالي، يقود مجال التمويل الأخضر الشمولي، حيث يتقاطع الشمول المالي بالعمل على محاربة التغيرات المناخية. وتعتبر هذه المقاربة فريدة من نوعها، تركز على الأفراد الأكثر تأثرا بالطوارئ المناخية وعلى سبل تمكينهم من الصمود أمام التغيرات المناخية". ويشهد هذا المؤتمر، الذي ينظم تحت عنوان "التمويل الأخضر الشمولي"، حضور أزيد من 100 مشارك من الهيئات المنظمة للقطاع المالي ومن صانعي السياسات، يمثلون أكثر من 40 دولة. كما يشك ل فرصة لاكتشاف سياسات التمويل الأخضر، والاستراتيجيات الناشئة، والتطورات الجديدة في القطاع المالي وكيفية مساهمة هذه السياسات في خطة العمل المتعلقة بالمناخ.