أكّد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن التمويل الأخضر والشمولي أصبح أمراً بديهياً ووجودياً اليوم لمواجهة التغيرات المناخية التي يعرفها العالم. وأضاف الجواهري، في المؤتمر الدولي حول التمويل الأخضر الشمولي المنظم أمس الأربعاء في الرباط بشراكة مع التحالف من أجل الشمول المالي، إن "الاحتباس الحراري بات ظاهرة حاسمة وغير مسبوقة". وأكد والي البنك المركزي أنه "بات من المسلم به اليوم أن كوكبنا وأنظمته البيئية ستتعرض لعواقب وخيمة، إذا لم يتم اتخاذ تدابير سريعة؛ لاحتواء هذه الظاهرة في مستوى أدنى من الحد المتفق عليه في إطار اتفاق باريس". وحسب الجواهري، فإن هذا التهديد يتخذ "أبعاداً كبرى على مستوى القارة الإفريقية كونها الأكثر عُرضة لتداعيات تغير المناخ، وكون نسب الشمولي المالي بها من بين الأدنى على مستوى العالم بمعدل يصل إلى حوالي 40 في المائة". وشدد المسؤول على أن "استيعاب وقياس المخاطر المرتبطة بتغير المناخ، سواء كانت مادية، ناجمة عن ظواهر مناخية شديدة، أو انتقالية، ناتجة عن التحول نحو نماذج اقتصادية تعتمد خفض انبعاثات الكربون، لأمر شديد التعقيد". ويؤكد والي بنك المغرب أن "الإحاطة بمسألة تغير المناخ تتطلب فهم التغيرات البنيوية التي قد تؤثر على النظام المالي وعلى الاقتصاد بشكل عام والتي من شأنها أن تسائل أداءنا لمهامنا الرئيسية، سواء في مجال استقرار الأسعار أو الاستقرار المالي أو الشمولي المالي". وكشف الجواهري في هذا الصدد عن قُرب إطلاق دراسة وطنية حول المخاطر المناخية بالمغرب بمساعدة خبراء دوليين. وأكد المتحدث أنه على الرغم من مبادرات تخضير المنظومة المالية في المغرب فإنها تبقى "فردية ومبعثرة في البداية"، وأشار إلى أن "الطريق لا تزال طويلاً قبل تحقيق تقدم ملموس في مجال الانتقال نحو اقتصاد أكثر متانة ومنخفض الكربون". وأورد الوالي أن المغرب اعتمد هذه السنة المخطط الوطني للمناخ في أفق 2030 لتكييف القطاعات الأكثر عرضة للتغير المناخي، وهي الماء والفلاحة والصيد البحري؛ لكنه شدد على أن هذا الأمر "يتطلب استثمارات ضخمة تستوجب تقاسم التمويلات والمخاطر بين القطاعين العام والخاص والجهات المانحة الوطنية والدولية". كما يستدعي الأمر، حسب المتحدث، إضافة إلى اللجوء إلى ميزانية الدولة، إرساء منظومة ضريبية مناسبة ومنتجات الضمان وأدوات تمويلية مبتكرة مثل الصناديق الخضراء والشراكات بين القطاعين العام والخاص. ويرى الجواهري أن "انطلاق كل من البنوك التشاركية المطابقة للشريعة والأداء عبر الهاتف النقال في إغناء العروض الخاصة بالمنتجات مما من شأنه أن يساهم في إدماج فئة سكانية محرومة من هذه الخدمات أو غير مستفيدة منها بالشكل الكافي". كما أشار والي بنك المغرب إلى أن الإستراتيجية الوطنية للشمول المالي المعتمدة السنة الجارية تنص على تنفيذ عدد من الإصلاحات المتعلقة بالخدمات المالية الرقمية والمالية الصغرى والتأمين الشمولي والتعاوني باستهداف الشباب والنساء وسكان القرى. وأوضح الجواهري أن "هذه الإستراتيجية تسعى إلى تطوير حلول مالية ذات بعد أخضر لفائدة الفلاحين الصغار والمقاولات الصغيرة والصغيرة جداً والمتوسطة؛ منها عرض تمويلي بدعم من الدولة لفائدة هذه الفئة غير المستفيدين من القروض البنكية بسبب هشاشتهم الاقتصادية". وتهدف الإستراتيجية، عبر هذا العرض، إلى تمكين هذه الشريحة الاجتماعية التي تمثل 70 في المائة من النسيج الفلاحي المغربي من اعتماد ممارسات زراعية قادرة على الصمود أمام التغير المناخي؛ لكنه قال إن هذه "المبادرات لا تزال محدودة النطاق، ويستدعي الأمر دعمها واستكمالها بآليات أخرى من تلبية الاحتياجات المتزايدة".