في زمكاننا هذا أصبح الواحد منا يحسب للزواج ألف حساب قبل الدخول في أقفاصه، في البداية كنت أعتقد أن سبب عزوف الشباب عن الزواج هو تكاليفه المادية التي ترهق الكاهل و كذا متطلبات الطرف الثاني المتجلي في العروسة و أهلها ببيت مستقل و عمل قار و سيارة و بعض الكماليات، فكنت كل مرة أحلل فيها الأمر مع نفسي أجده سببا غير مقنع حتى تيقنت أن هناك أسباب أخرى ربما أعمق من إشكالية الماديات تعيق عملية الزواج أو بالأحرى "التزاوج"... قبل أيام جالست صديقا لي بإحدى مقاهي البيضاء و تبادلنا أطراف الحديث، صديقي هذا واحد من بين العديدين الذين فضلوا حياة العزوبية على الزواج رغم أنه بلغ من الكبر عتيا و بدأ الرأس يشتعل شيبا، أثناء جلوسي معه بالمقهى ظل هاتفه يرن بين الفينة و الأخرى فيما هو يجيب بكل زهو و اختيال، لم أستوعب الأمر جيدا فبادرته بالاستفسار ليجيبني أنهن صديقاته، هنا طلبت منه أن يوضح لي أسباب تفضيله "تازوفريت" على الزواج رغم أنه موظف من الطبقة المتوسطة له كل مقومات الزواج "المادية" فقاطعني قائلا: كون كنت مزوج ماغاديش نبقى معاك هاد الوقت كامل فالقهوة، ماباغيش نتزوج لأنني باغي نبقى ديال راسي، ندخل و نخرج وقتما بغيت و معامن بغيت، ندير لي بغيت و كيف بغيت، ما باغي مسؤولية ماباغي صداع الراس، ماباغي حبيب ماباغي جيب جيب... قاطعته : و الوليدات؟ هنا رمقني بنظرة خاطفة قبل أن يردف : شرب قهوتك و هنينا. في كلامه وجدت ألف تحليل ، صحيح أن الماديات لها دور اساسي في عملية "التفكير"أو "التكفير" في تكملة الدين كما يقال ، لكن حتى و إن توفر الشرط المادي يغيب التقكير في هذا الركن الدنيوي المهم لاسباب تتعدد من شخص لأخر ، منها ما يتعلق بالرغبة في الحرية و غياب المسؤولية و انعدام الثقة في عفة و شرف الطرف الأخر و غيرها من الأمور التي جعلت في المغرب أكثر من 8 ملايين مغربية مازالت تنتظر "الدون جوان" الذي سيطرق باباها لينتشلها من مرارة "كلام الناس" و ليخرجها من قفص العنوسة إلى قفص الزوجية و لو على مضض. المشكلة في نظري أعمق من كل هذا و الدليل أن العديد من فقراء هذا الوطن تزوجوا في غياب أبسط أساسيات الزواج و مع ذلك يعيشون حياة هنيئة ربما أفضل من أولئك الذين ولدوا بملاعق من ذهب في أفواههم ، هي أزمة ثقة في الطرف الأخر و في أنفسنا كذلك حتى و إن حاولنا إخفاء العيوب من أجل ذر الرماد في العيون ، أتذكر جيدا حين كنت عضوا فاعلا في مؤسسة تعنى بالمشاكل الأسرية بالبيضاء و ذاك الكم الهائل من الطلبات التي كانت تتلقاه المؤسسة ، أغلب الوافدات كن متزوجات وجدن في المؤسسة فرصة للبوح و إفراغ ما بقلوبهن من مشاكل و هموم ، متزوجات لكنهن يعتبرن أنفسهن مجرد خادمات في منازل أزواجهن ، فضلن الاستمرار في العيش قصرا مع أشخاص استحالت العشرة معهم لسبب بسيط هو "الابناء" ، متزوجات مع وقف التنفيذ ، عديدات هن اللواتي يعشن هذا المشكل رغم أن بعضهن يفضلن الصمت اتقاءا حتى لا تلوكهن ألسن المجامع في وطن لا يرحم لكنهن رغم ذلك يعانين في صمت ، من أجل لم شمل الأولاد يضحين بحياتهن و بسعادتهن و مشاعرهن، يناضلن رياح برد جارف قتل روح الانثى في دواخلهن مع أزواج من كثرة حبهم للحياة الدنيا تناسوا أو عجزوا عن تلبية مطالب مشروعة لأشخاص يقتسمون معهم رغيف الحياة بعدما ضاقت بهم سبل الحياة نفسها. بعضهن لم يرضين بالوضع فخرجن ثائرات يبحثن عن ما افتقدنه من دفء في أسرتهن ، بعضهن نالت ما أرادت دون أن ترصدها الأعين و بعضهن لسوء حظهن سقطن في كمين الخيانة و صرن مادة دسمة للجرائد الصفراء و لنميمة الجارات و لحديث العادي و البادي، بعضهن أضحين نزيلات في مواقع التواصل الاجتماعي يبحثن عن مصباح علاء الدين و اخريات إلى حد الساعة يقاومن و يجاهدن في وطن يباح فيه كل شيء. و حتى لا نرمي الحجر على عواهنهن فقط فأدم الذي يلهث وراء متاع الحياة الدنيا من أجل تأدية أقساط شقة تخنقه "طريطاتها" حتى هو يتحمل المسؤولية في ما ألت إليه أوضاع عديد الأسر التي تعيش التفكك في دواخلها حتى و إن حاول البعض إخفاء العيوب بمساحيق التجميل أمام مرأى الاخرين ، و صعب جدا أن يقاوم الرجل في هذا الزمان مغريات و عروض تتوافد عليه تباعا خاصة أن غريزة الرجل دائما تميل إلى التجديد و كما يقول المثل الصيني فكل ممنوع مرغوب. و حتى نختم ، فقط للتذكير ، فقد عاشت مدينة فاس بداية هذا الأسبوع على وقع "فضيحة" جنسية بطلتها سيدة متزوجة و منقبة ، أم لطفلتين تبلغ الكبرى منهما 12 سنة ، ضبطت متلبسة بالخيانة الزوجية مع إسكافي في محل لإصلاح الأحذية ، السيدة في الأربعين من العمر زوجت قصرا حسب إفادتها لرجال الأمن من شخص ملتح، قبل زواجها كانت تعيش حياة عادية غير أن زوجها فرض عليها النقاب و حرمها من الخروج من المنزل ، و بعد أكثر من عشر سنوات من الزواج و الحرمان -كما تروي- خاصة أن زوجها كان يشتغل بقطاع التعليم في منطقة نائية و يزور أسرته فقط مرة أو مرتين في الشهر ، تعبت و ملت من الحياة البئيسة التي جعلتها مقيدة بين أربعة جدران و داخل نقاب ارتدته غصبا لا رغبة ، تعرفت على شاب عشريني عبر صفحات الفايسبوك و توطدت العلاقة بينهما إلى أن قررت اللقاء به لتتوج هاته العلاقة الغير شرعية بخيانة استمرت طيلة سنة و نصف قبل أن تتلقفها أعين جيران الإسكافي ، حيث بمجرد دخولها إلى المحل الذي يستغله الشاب لإصلاح الأحذية و إغلاقه المحل عليهما للاستمتاع بمتعة حرام قام جيرانه بإقفال المحل من الخارج عليهما و استدعاء رجال الشرطة ليتم ضبطهما متلبسين. هي قصة من بين عديد القصص لسيدات متزوجات يعشن نفس الحالة ، قد نلتمس لهن العذر لكن في نفس الوقت هو عذر أقبح من زلة ، لا تتفاجؤوا إذا ما فتحتم جريدة و قرأتم أن سيدة متزوجة ضبطت مع عشيق لها ، لا تتفاجؤوا إذا صادفتم متزوجة متبرجة تبحث في شارع من هذا الوطن عن من يعوضها حرمان سرير الزوجية ، لا تستغربوا إذا سمعتم ذات يوم من فم إحداهن عبارة "مابقاوش الرجال" أو "كلكم بحال بحال"، لا تتعجبوا إذا قالت لكم إحداهن "كنفضل نبقى بايرة على نتزوج" ... ففي الأخير راه عندهم الصح في الكثير من الأشياء التي قلنها بناءا على تجارب شخصية و عائلية ، الحاصول الله يدير شي تاويل ديال الخير و صافي !!!!!!! للتواصل : [email protected]