اجتاحت موجة من السخرية موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك” بعد ظهور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، المرشّح لولاية رابعة، على كرسٍ متحرّك، وهو يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع بالعاصمة الجزائرية. ونشر رواد ال”فيسبوك” صورة لبوتفليقة وهو على كرسيه المتحرك لحظة إدلائه بصوته وكتبوا عليها “انتخبوا المُقعَد”، ولاقت الصورة ترويجًا كبيرا على الشبكة وآلاف التعليقات. واستلهم أصحاب الصورة الفكرة من “الهاشتاج” المصري الشهير على “تويتر” المناهض للمرشح للانتخابات الرئاسية المصرية، عبد الفتاح السيسي، وهو “انتخبوا ..”. وعلّق من سمى نفسه سليم قائلا: “مع كيري (وزير الخارجية الأمريكي جون كيري) واقف ومع شعبه مشلول”. أما شخص يسمي نفسه “علي الجزائري” فقال ساخرا: “بوتفليقة من شدة حبه للكرسي وخوفه الشديد على فقدانه خده معاه إلى مكتب التصويت”. وعلّق رئيس تحرير موقع “الشروق أونلاين”، نصر الدين قاسم، على ظهور بوتفليقة قائلاً: “أخيرا ظهر بوتفليقة على كرسي متحرك ليؤكد للجزائريين أنه لا يمكنه أن يمشي أكثر من خطوة أو بالكاد يقف، عكس الصورة التي أراد زبانية الحكم أن يسوّقوها أيام الحملة الانتخابية واستقبالاته لضيوفه ومصافحتهم واقفًا”. وأضاف: “هكذا سيتعوّد الجزائريون على رؤية رئيسهم مقعدًا ويتقبلون الأمر الواقع.. طبعًا سيفوز بوتفليقة بكرسي المرادية، لكنه لن يجلس عليه؛ لأنه غير متحرك وغير معد لرئيس مُقعد… العاقبة لبقية القابعين على الكراسي في مناصب حساسة رغم أنف الشعب.. يُمهِل ولا يُهْمل”. أما الصحفي السابق في التلفزيون العمومي، سليمان بخليلي، وهو مناصر للمرشح علي بن فليس، فكتب على صفحته “ساخرا” من بوتفليقة: “الشيخ (أحمد) ياسين (مؤسس حركة حماس) قاد المقاومة الفلسطينية وهو مُقعَد، فلماذا لايقود بوتفليقة الجزائر من كرسي متحرك؟”، لكن أنصار بوتفليقة على الشبكة ردّوا عليه: “الشيخ ياسين عاش نصف حياته على كرسي متحرك فمن منكم أحسن منه رحمة الله عليه”. وقال بخليلي في تدوينة أخرى: “تمنيتُ من كل قلبي لو رأيتُ الرئيس بوتفليقة مُتجهًا على كرسيه المتحرك لأداء واجبه الانتخابي ويصرح بعدها قائلاً: “لقد قدمتُ كل ما كان بوسعي أن أقدمه للجزائر، أما الآن فأنا سأسلم المشعل لمن سيكمل المسيرة ويقود الجزائر إلى مستقبل أفضل”. وأضاف: “ثقوا أنه لو فعلها لاصطف الجزائريون جميعًا أمام مدرسة البشير الإبراهيمي لأداء تحية التقدير والإجلال والإكبار وسأكون في طليعتهم”. وتساءل مستنكرا: “هل وصل الأمر بالرئيس بوتفليقة إلى أنه لا يطيق أن يكمل بقية عمره تحت رئاسة مواطن جزائري آخر يتساوى معه في المواطنة؟”. وأضاف: “كانت الجزائر ستخلده وتوشح جبهته بأكاليل الغار (يتوج به المنتصرون) لو أنه تنحى عن السلطة ولم يترشح، ليخرج منها مرفوع الرأس عالي الجبين.. أم أنني مازلت في نظر الأبواق مخطئا؟”. وأنشأت صفحة “خوانجي وعليه الكلام” على موقع “فيسبوك”، التابعة لحركة مجتمع السلم (إسلامية) المقاطعة للرئاسيات، وهي من الصفحات ذات المقروئية الواسعة، “هاشتاج” بعنوان “انتخبوا الكرسي المتحرّك”. وكتب أستاذ العلوم السياسية، أحمد عظيمي، معلقا على “الهاشتاج”: “رأيناه الآن على القناة العمومية وعلى المباشر. المترشح عبد العزيز بوتفليقة يصل إلى مكتب الانتخابات جالسا على كرسي وليس واقفا كما وعد مدير حملته عبد المالك سلال”. وواصل يقول: “مجموعة من الخدم تحيط به، واحد يدفع بالكرسي المتحرك والآخر يسحب له الأوراق وثالث يدخل معه إلى الغرفة العازلة ليضع له ورقة الانتخاب في الظرف، ورابع يساعده ليبصم على قائمة الانتخاب. هذا كله ويقولون للشعب إن الرئيس بخير وقادر على تسيير بلد بحجم الجزائر. الله يحفظ هذا البلد من كل سوء ومن أصحاب السوء”. أما الإعلامي قادة بن عمار، صاحب برنامج “هنا الجزائر” على تلفزيون “الشروق” الخاص، فكتب: “كان يبحث عن دخول التاريخ وقد فعلها…لكن بأي طريقة ! وأي ثمن!!” ونالت صورة أخرى إعجابًا وتعليقات كثيرة، ظهر فيها شقيق الرئيس الأصغر ومستودع أسراره وهو السعيد بوتفليقة، وحملت الصورة التعليق التالي “الرئيس القادم.. خو مول الكروسة” وتعني “هذا هو الرئيس المقبل للجزائر، إنه أخو صاحب الكرسي المتحرك”. وعلق على الصورة أحدهم قائلا: “إنهم قراصنة الجزائر” في إشارة إلى “الإخوة بوتفليقة”، حيث يجدر بالذكر أن بوتفليقة تنقل إلى مركز الانتخاب رفقة أخويه السعيد وناصر وبعض أبنائهما. ويُرتقب أن تتصاعد حدة “الحرب الإلكترونية” على “فيسبوك” إلى ما بعد نهاية الاقتراع، بالنظر إلى أن الجزائريين يشهدون لأول مرة انتخابات رئاسية برئيس لم يدير حملته الدعائية بنفسه، فضلا عن إدلائه بصوته على كرسي متحرك، وهي سابقة كبرى في تاريخ البلاد. وظهر بوتفليقة لمرتين وهو واقف خلال استقباله كلا من وزير الخارجية الامريكي جون كيري مطلع الشهر الجاري والمرة الثانية خلال استقباله وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانيول مارغايو، السبت الماضي في خطوة تهدف لإظهار تحسن وضعه الصحي. وتوجه الناخبون الجزائريون، اليوم الخميس، إلى صناديق الاقتراع في خامس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ بلادهم، يتنافس فيها ستة مرشحين يتقدمهم بوتفليقة، الذي تشير التوقعات إلى فوزه بولاية رابعة في اقتراع هو الأكثر جدلا في تاريخ البلاد، بسبب ما يصاحبه من احتجاجات ودعوات للمقاطعة ورحيل النظام الحاكم. وبجانب بوتفليقة، يتنافس على مقعد الرئاسة كل من: علي بن فليس، رئيس الوزراء الأسبق، والذي يعتبره مراقبون المنافس الأول له في السباق، وبلعيد عبد العزيز، رئيس حزب جبهة المستقبل، وتواتي موسى، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، ورباعين علي فوزي، رئيس حزب عهد 54 بالإضافة إلى لويزة حنون، الأمين العام لحزب العمال اليساري.