لا حديث اليوم في أوساط الأسر المغربية إلا عن الهزيمة النكراء التي لحقت بالوزير المثير للجد السيد محمد الوفا الذي بدا في مختلف التصريحات التي قدمها للتلفزيون المغربي " المحايد " عن مجريات امتحانات الباكلوريا في يومها الأول، كديك جردوه من ريشه و " نتفوه " من كل علامة تدل على " ذكوريته "فبات كما تتخيلونه الآن وزيادة . نعم لقد انتصرت جماعة النقالين والغشاشين المغاربة ، وضربت بتهديدات الوفا وقوانين الحكومة عرض الحائط ، وكشفت عورة التعليم المغربي " بزايد " ، حين نجحت في نقل مختلف الأسئلة الخاصة باختبارات اليوم الأول من عالم الواقع إلى العالم الافتراضي وفي زمن قياسي أربك حسابات وزارة " مول السبسي " ، ودوخت خلاياه المنتشرة في كل مكان وما خفي من أمر الوفا حتما أعظم من كل وصف أو شرح . ولا غرابة اليوم إن تعالت أصوات تطالب بإلغاء نتائج امتحانات الباكلوريا لهذه السنة ، ما دام التكافؤ في الفرص غير موجود ، وما دام الفيسبوك هو الذي امتحن مكان العديد من تلامذة المغرب . ولا عجب إن رأينا اليأس يدب في صفوف بعض التلاميذ وهم يرون كيف استحالت خطط الوفا التي خبأها ليصل بمستوى الغش إلى درجة الصفر هذا العام فشلا ذريعا وسخرية سوداء ومفارقات ستجعل من اعتمد على نفسه مهددا بالبقاء في قسمه ، وستزيح من سمتها وزارة الوفا ب" الحالات المعزولة " عن هموم الباكلوريا و" صداعها " . ما شاهدناه اليوم من " تسريبات " حاولت وزارة " مول السبسي " التخفيف من حدتها ، ستشكل لا محالة منهاجا وسنة لأصحاب " الضلع " المشترك وتلامذة الإعدادي الذين ينظرون لتلامذة السنة الثانية من التعليم الثانوي كقدوة يحتذى به ، وحق لهم الاقتداء بهم ما داموا هم العمود الأساس الذي استند عليه الوفا حين أقسم بالله أن أوباما " ماعند باباه بحال المدرسة اللي عندنا " . نعم لا يمكن للغش أن يكون اللبنة التي يعتمد عليها التلميذ في النجاح ، ولا يمكن أن يدافع عن الغش و" النقيل " في الامتحانات إلا نقال غشاش جاهل بأمور الدين أو ضعيف شخصية لا يعتمد على ذاته ، ولا يعرف للنجاح طريقا ، لكن من ينصت ويصغي لحجج بعض الغشاشين في امتحانات الباكلوريا المغربية وهم يبررون دوافع غشهم و" نقيلهم " فلا يسعه إلا التضامن معهم وتأييدهم فيما يقومون به ما دامت موازين التعليم كباقي الموازين عندنا مختلة ومعوجة . و حين يقول الساهرون على عملية تسريبات الباكلوريا بأن هذه العملية ستستمر هذا الموسم لعدة اعتبارات منها تبعية الدولة لفرنسا من الناحية التعليمية ونهجها لسياسة " تكليخية في تعليم أذكى شعب في العالم " ، وامتلاء السنة الدراسية بعطل وإضرابات ، وعدم تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب ، وعدم وجود أي قيمة لشهادة الباكلويا في المغرب ، فلن يكون الرد عليهم بالوعظ والإرشاد كافيا لكبح جماح تسريباتهم ، ولن يكون الردع القانوني والزجر الأمني و" شطحات" وتهديدات الوفا ولا نشر لائحة الغشاشين على مواقع الانترنيت بالوسائل الكافية للحد من سلاحهم الجديد . إن الجواب الذي كان من المفروض على الوفا ومن معه أن يردوا به على أصحاب ومؤيدي " التسريبات " التي بدأت آفتها تنتشر منذ السنة الماضية هو القيام بإصلاح جذري حقيقي وفوري للمنظومة التعليمية المغربية ، تشارك فيه كل أطياف ومكونات النسيج المجتمعي ، أما غير ذلك فلن يكون إلا ضحكا على الذقون ، وهتكا آخر لما تبقى من عرض التربية وشرف التعليم بهذا البلد ، وسياسة سفيهة يغرق فيها ذوو " السبسي " المدرسة المغربية في " تقرقيب " الأنياب و " تقرقيب " الألباب ، تكون نتيجتها تفوق جيبوتي والموزمبيق فما فوقهما علينا تربويا ، وتربعنا على عرش الرتب المتدنية إقليميا ودوليا ، ونجاح الغش حتى وإن حاربه بشتى الطرق والوسائل وزراء فاشلون ومستهترون أكثروا من " المسّوس " فباتوا يفسدون أكثر مما يصلحون .