اعتمد تنظيم داعش في انتشاره السريع بعد إعلان نشأته على استراتيجية "الصدمة والترويع"، من خلال ممارسات دفعت بالخصوم إلى الفرار قبل خوض القتال. وتقوم أركان استراتيجيته "الصدمة والترويع" على 3 عناصر رئيسية ومحورية هي الجنس والقتل والدمار، واستفاد من كل واحدة منها في توسيع سيطرته وإخضاع الناس في مناطق نفوذه. شهوة الجنس استغل تنظيم داعش مفهوم الجنس بشكل بشع، مستفيدا في ذلك من طموح مسلحيه أو من يلتحقون به في الزواج من الحور العين في الجنة بعد تنفيذهم العمليات الانتحارية. وبحث التنظيم عن مسوغات تاريخية تتيح لأعضاء التنظيم امتلاك الإناث وممارسة أبشع أنواع الجنس معهن وبمبررات، فكانت فكرة "سبي النساء" والرق وعبودية الجنس، وهي أفكار أتاحت للتنظيم اجتذاب عناصر جديدة من جهة وترهيب المعارضين والمناطق من جهة أخرى. وحول التنظيم "شهوة الجنس" عند أتباعه المحرومين والمهووسين إلى "سلاح رهيب" فانتشرت عمليات الاغتصاب وبيع النساء بالمزاد العلني، بالإضافة إلى عمليات النكاح الجماعي. كذلك استغل التنظيم الحرمان والهوس الجنسي عند بعض النساء ممن التحقن بالتنظيم طوعا أو تم تجنيدهن، واللواتي صار بعضهن يمارسن دورا ضد "السبايا" قد يكون أسوأ من الدور الذي يمارسه عناصر التنظيم الذكور. وتبين قصص وحكايات "أسيرات داعش" اللواتي تمكن من الهرب بشكل أو آخر من التنظيم مدى بشاعة "الاستغلال الجنسي والهوس والشهوة الجنسية لدى أعضاء التنظيم، مثل قصة "أم أسماء" التونسية التي أجبرت على ممارسة الجنس مع 100 عنصر من داعش خلال أقل من شهر، بعد أو وافق زوجها على "ممارسة جهاد النكاح" بعيد وصولهما إلى سوريا. وهناك أيضا قصص الأيزيديات العشر اللواتي تمكن من الهرب من قبضة داعش، واللواتي تحدثن عن ممارسات عناصر داعش، بكل ما فيها من بشاعة وشذوذ. وكذلك قصة الشابة الأيزيدية التي أبكت مجلس الأمن الدولي عندما تحدثت عن المعاناة والانتهاكات الجنسية التي تعرضت لها حين كانت مختطفة لدى تنظيم داعش، مع نساء أخريات وأطفال في مدينة الموصل العراقية. وللإمعان في ترهيب الأسيرات لدى التنظيم، كان الجلد أو البيع أو القتل لمن تعارض ممارسة الجنس مع "المالكين لهن"، مثلما حدث عندما أقدم عناصر من التنظيم على قتل 19 فتاة من الموصل رفضن ممارسة الجنس معهم، وفقا لتقارير إعلامية وغربية. إذا وفقا لما ذكرته صحف بريطانية نقلا عن نساء كن في قبضة داعش "إن المقاتلين الأجانب هم الأسوأ، إنهم مثل الوحوش" وأشارت بعضهن إلى أنهم كانوا يطلبون "أشياء غريبة". وإلى جانب تعدد الزوجات والسبايا، يعمد التنظيم إلى تزويج الأرامل بأعضاء التنظيم، فتجد الواحدة منهن تمارس الجنس مع أكثر من واحد خلال فترات زمنية ليست طويلة نظرا لمقتل أزواجهن. ويشكل الفيديو الأخير الذي نشر على الإنترنت ونقلته القنوات التلفزيونية المختلفة أحد مشاهد الترهيب لكل أنثى بقيت في مناطق سيطرة داعش، حيث أظهر عناصر من التنظيم وهم يفصلون الفتيات عن أسرهن تحت بصر آبائهم دون أن يكونوا قادرين على منع أعضاء التنظيم من ذلك. وكانت تقارير تحدثت عن قيام التنظيم برجم امرأة حتى الموت في الموصل، بعد رفضها ممارسة " جهاد النكاح " مع أحد عناصر التنظيم، بينما ذكر تقرير آخر أن التنظيم أقدم على حرق فتاة في العشرين من العمر لرفضها المشاركة في "واقعة جنسية منحرفة وشاذة". وكان التنظيم قد أصدر قرارات تتعلق بالمرأة في ظل داعش، فحدد سن زواج الفتاة بتسع سنوات، كما نشر أوامر بتحديد "أسعار السبايا"، حيث تشير تقارير إلى أن عدد الأسيرات لدى داعش يصل إلى نحو 1500 امرأة وفتاة قاصر، ناهيك عن بعض "عبيد الجنس" من الذكور. شهوة الدم لجأ التنظيم إلى فرض سيطرته على عدد من المناطق في سورياوالعراق اعتمادا على استراتيجية "الصدمة والترويع"، مستغلا شهوة الدم والقتل لدى أنصاره، التي يتم تسويغها بأكثر من شكل ووسيلة. فقد ارتكاب التنظيم العديد من المجازر بحيث باتت تشكل جزءا لا يتجزأ من استراتيجية داعش في التمدد والسيطرة. وقد عثر على عشرات المقابر الجماعية في المناطق التي تم طرد التنظيم منها، مثل قاعدة سبايكر في تكريت حيث قام التنظيم بقتل وتصفية ما يقرب من 1700 جندي عراقي. كذلك عثر على مقابر جماعية في سنجار بعد تحريرها من التنظيم، ناهيك عن عدد من المقابر الجماعية قرب تكريت والموصل. وكان التنظيم يصور مشاهد لبعض المجازر والقتل الجماعي التي يرتكبها ويبثها على الإنترنت، كما حدث في مجزرة سبايكر، من أجل مزيد من الترويع والترهيب للمناطق غير الخاضعة لسيطرته بحيث تستسلم المناطق التي يهاجمها خوفا ورعبا، كما حدث مع الموصل التي سقطت بيد التنظيم بعد أن فر عناصر القوات العسكرية منها. وبالنسبة للتنظيم يجب القضاء على كل ما هو غير داعشي، إذ يجب قتل أتباع الديانات غير السماوية، وكذلك قتل من يؤمنون بالديمقراطية ومن يرفضون التنظيم أو يتعاملون مع الأنظمة التي تعارض داعش، مثلما حدث لأبناء قبيلة البونمر السنية في محافظة الأنبار، التي أعدم التنظيم العشرات من أبنائها. بالإضافة إلى ذلك، كان التنظيم يقوم بتصوير وبث عمليات القتل والذبح وقطع الرؤوس والحرق بحق "الأسرى" كما حدث مع الصحفيين اليابانيين والطيار الأردني معاذ الكساسبة، بما يعكس مدى همجية التنظيم، وسعيه لترهيب الناس بأي وسيلة. التدمير تشمل سياسة التدمير في تنظيم داعش، القضاء على كل ما يمثل إرثا حضاريا وتاريخا إنسانيا، ناهيك عن تدمير المرافق في المعارك والاشتباكات وزرع الألغام. ويبدو أن التنظيم أدرك ما يعنيه تدمير الآثار بالنسبة إلى العالم، ومقدار ما يلفت الانتباه إعلاميا، منذ أن قامت حركة طالبان بتدمير تمثالي بوذا في باميان بأفغانستان باستخدام الديناميت في مارس 2001. في البداية، وبعد سيطرته على الموصل ومحافظة نينوى، أقدم التنظيم على "أبشع جريمة" في التاريخ الحديث من خلال هدم أثار تعود إلى مختلف الحقب التاريخية لشتى الطوائف والملل، فدمروا التماثيل والكنائس والمساجد والمراقد في العراقوسوريا. فقد أقدم التنظيم كذلك على تفجير جزء من سور نينوى التاريخي، كما أحرق آلاف الكتب والمخطوطات، على غرار ما فعل المغول عندما غزو بغداد ودمروا مكتبتها. وقام التنظيم، في العام 2014، كذلك بتدمير "تمثال أبو تمام"، بعد أيام قليلة من سيطرته على الموصل، بالإضافة إلى تدمير "مرقد الأربعين" في تكريت، و"الكنيسة الخضراء" في تكريت بمحافظة صلاح الدين، و"مسجد السلطان ويس" وسط الموصل، بالإضافة إلى "مكتبة الموصل" مع اختيار كتب نوعية لتدميرها وتخريبها. ودمروا أيضا قلعة تلعفر، ومتحف الموصل بما فيه من آثار آشورية تاريخية، ومدينة الحضر الأثرية، ومدينة نمرود الأثرية ما دفع منظمة اليونسكو إلى اعتبار ما فعله التنظيم "جريمة حرب"، بالإضافة إلى إقدامهم على تدمير مرقد النبي يونس. وفي سوريا، وبعد سيطرته على مدينة تدمر، قاموا بتدمير وتخريب مسرح تدمر الروماني وتفجير عدد من الأضرحة الدينية مثل مزار محمد بن علي المتحدر من عائلة الصحابي علي بن أبي طالب، و مزار العلامة التدمري أبو بهاء الدين. كما دمروا دير "مار إليان الناسك" في مدينة القريتين بمحافظة حمص ومعبد بعل شمين في مدينة تدمر. وبالطبع فإنه وجراء المعارك بين القوات الحكومية والتنظيم في العراقوسوريا، فإن كل المدن التي سيطر عليها داعش تعرضت للدمار الشامل والجزئي، نتيجة القصف المتبادل وزرع الألغام والاشتباكات.