نجح المغرب والسويد، في تجاوز أزمة أرخت بظلالها على العلاقات بين البلدين أثارها مشروع حاولت بعض الأوساط الترويج له في هذا البلد الاسكندنافي بغية إضفاء الشرعية على انفصاليي البوليساريو وقد طويت هذه الصفحة عقب توضيحات من ستوكهولم بأن موقفها من قضية الصحراء لم يطرأ عليه أي تغيير، ما فسح المجال للانفراج مع التزام الطرفين بالدفع بديناميكية الحوار والتعاون. وأطلق المغرب حملة دبلوماسية تجاه مختلف مكونات الطيف السياسي والحزبي والأكاديمي في السويد للتصدي للمقترحات المضادة للوحدة الترابية للمملكة حتى لا تنزلق العلاقات الثنائية نحو الأسوأ. وجاء رد فعل جميع مكونات الشعب المغربي بحجم الإيمان العميق بشرعية وعدالة القضية الوطنية، والحرص على الحفاظ على العلاقات التي تجمع المملكتين منذ أكثر من 250 عاما. تأثير الأطروحة الجزائرية واضحا من خلال شنها لحملات ضد منتجات الأقاليم الجنوبية ولا يعود انحياز بعض الأوساط اليسارية في هذا البلد الاسكندنافي إلى تاريخ قريب، فقد كان تأثير الأطروحة الجزائرية واضحا من خلال شنها لحملات ضد منتجات الأقاليم الجنوبية ولمقاطعة الشركات المغربية والأجنبية التي تعمل في هذا الجزء من التراب المغربي، وهي ممارسات أضحت متكررة. غير أن المساعي المتسرعة نحو الاعتراف بما يسمى الجمهورية الصحراوية الوهمية، شكلت إيذانا بمنعطف خطير يحمل في طياته تهديدا كبيرا للسلام والأمن الإقليميين على مشارف أوروبا. ويرى الملاحظون أن السويد، التي تفتخر بتعزيز مبادئ الممارسة الديمقراطية، كانت على وشك وضع نفسها في دائرة خطر التناقض مع القانون الدولي من خلال الاعتراف بكيان لا يتمتع بأي من مقومات السيادة، والتدخل الفاضح في المسار الذي خطته الأممالمتحدة المكلفة بحل هذا النزاع المفتعل. السويد تتبنى تصورا سطحيا حول قضية مركزية في التوازنات الجيو-استراتيجية في شمال أفريقيا وفي ما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة، فإن هذا البلد تبنى تصورا أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سطحي حول قضية مركزية في التوازنات الجيو-استراتيجية في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، التي تواجه بالفعل تحديات أمنية خطيرة. وفي مواجهة هذا الخطر كان رد فعل المغرب قويا ومعززا بالإجماع الكبير لكافة مكونات الشعب المغربي حول الوحدة الترابية التي تعد قضية مقدسة في المملكة. وفي نيويورك، التقى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، ولعدة مرات مع نظيرته السويدية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ شكلت فرصة ليؤكد لها "إدانة المغرب الحازمة وقلقه العميق بشأن التطورات الخطيرة في السياسة والموقف السويدي السلبي تجاه قضية الصحراء المغربية". الإدانة الشديدة نفسها عبر عنها زعماء الأحزاب السياسية سواء في المعارضة أو الأغلبية، التي أرسلت وفودها إلى ستوكهولم للالتقاء بالقادة السياسيين والبرلمانيين السويديين لثنيهم عن اتخاذ موقف يعاكس الدينامية التي يعرفها هذا الملف في إطار الأممالمتحدة لفائدة مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب وتمت الإشادة به كأساس من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي ومقبول من الأطراف. نزاع الصحراء فرض على المغرب من قبل الجزائر لعرقلة التنمية وذكروا خلال لقاءاتهم مع نظرائهم السويديين بأن نزاع الصحراء فرض على المغرب من قبل الجزائر لعرقلة التنمية والديمقراطية بدل أن يشارك الجميع في بناء المغرب العربي القوي والموحد. وطوال هذه اللقاءات الموسعة مع ممثلي مراكز التفكير ووسائل الإعلام، أشارت الوفود المغربية إلى أن المملكة، القوية بموقفها، وإصلاحاتها وخياراتها، اختارت سياسات توجت، بعد مراجعة الدستور، بإطلاق ورش الجهوية المتقدمة وتنظيم مختلف الاستحقاقات الانتخابية الضرورية لإرساء الهيئات التمثيلية. وأوضحوا لمخاطبيهم أن من شأن المجازفة بانحراف دبلوماسي من خلال الاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية" الوهمية، أن يضرب في الصميم معاناة المحتجزين في مخيمات تندوف فوق التراب الجزائري، وكذا إلحاق الضرر بالاستقرار الإقليمي. وكما هو الحال دائما، حينما يكون ملف الصحراء على المحك، فإن المجتمع المدني المغربي سواء داخل المملكة أو خارجها يتعبأ ولا يتوقف عن أخذ المبادرة من أجل صد مثل هذه المناورات. الوحدة الترابية، محط إجماع المغاربة بكل مكوناتهم وفي هذا الإطار، تم تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية ولقاءات تحسيسية من أجل التذكير بأن الوحدة الترابية، وهي محط إجماع المغاربة بكل مكوناتهم، خط أحمر لا يمكن تجاوزه. وقد أكد المغاربة المقيمون بهذا البلد الاسكندنافي خلال وقفتين احتجاجيتين بستوكهولم، ومن خلال الملتمسات التي وجهوها باعتبارهم مواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم في هذه الدول إلى ممثليهم في البرلمانات، أن أي موقف عدائي من السويد سيعرض العلاقات بين البلدين للخطر. وإذا كان هذا البلد الاسكندنافي قد ضاعف طوال هذه المرحلة من تطميناته لنزع فتيل التوتر، فإن هناك إجماعا على أهمية إبقاء قنوات الحوار على جميع المستويات وتجنب العداء تجاه شريك هام لا غنى عنه اليوم في جنوب أوروبا، تفاديا لأي توتر قد يعصف بعلاقات ترسخت بمعاهدة الصداقة التاريخية التي تجمع المملكتين منذ أكثر من 250 عاما.