تدفق مئات المهاجرين الى المانيا اليوم الاحد وسط هتافات ولافتات ترحيب، لينضموا الى الآلاف الذين وصلوا في اليوم السابق، في حين دعت النمسا الى عقد قمة طارئة للاتحاد الاوروبي لبحث أسوأ ازمة هجرة تواجهها القارة منذ الحرب العالمية الثانية. واكد المستشار النمساوي، فيرنر فايمان، ان قبول بلاده لالاف اللاجئين الآتين من المجر هو اجراء "مؤقت"، داعيا الدول ال 28 الاعضاء في الاتحاد الاوروبي الى التعامل بصورة جماعية مع هذه الاعداد القياسية. وقام عدد هائل من السوريين والعراقيين وغيرهم الذين اجبرتهم الحرب والبؤس في بلادهم على الهروب، بالدخول من المجر عبر النمسا الى المانيا، التي تتوقع استقبال 800 الف لاجئ العام الحالي، ما يحتم عليها كلفة بقيمة عشرة مليارات يورو. ونزل اللاجئون الجدد من القطارات في ميونيخ وفرانكفورت واماكن اخرى، وسط هتافات من المرحبين الذين حملوا بالونات والتقطوا صورا وقدموا لهم الماء والغذاء. وقال محمد، وهو سوري يبلغ من العمر 32 عاما من بلدة القصير المدمرة، ان "الناس هنا يعاملوننا بشكل جيد، يعاملوننا كبشر حقيقيين، وليس كما في سوريا". وفيما ينقسم الاتحاد الاوروبي بشأن كيفية التعامل مع الاعداد الهائلة للاجئين، دعا البابا فرنسيس كل رعية كاثوليكية الى استقبال عائلة لاجئة. واعلن متحدث باسم شرطة ميونيخ بعد ظهر اليوم الاحد ان حوالي ثلاثة الاف طالب لجوء وصلوا اليوم الاحد من المجر عبر النمسا الى بافاريا جنوبالمانيا. ويظهر هذا الرقم، الذي سجل عند نقطة الدخول الرئيسية للاجئين في المانيا، انخفاضا في العدد نسبة الى ثمانية آلاف وصلوا الى البلاد امس السبت. وكانت الشرطة الاتحادية قالت لوكالة (فرانس برس) ان ثمانية آلاف مهاجر عبروا الحدود الالمانية يوم السبت فقط. وبعد نزول اللاجئين من القطارات، وجهتهم الشرطة الى حافلات لتقلهم الى مراكز استقبال مؤقتة اقيمت داخل مبان عامة وفنادق وثكنات للجيش في جميع انحاء البلاد. ورددت الحشود المتجمعة ليلا لاستقبال اللاجئين في محطة القطارات في فرانكفورت "قلها بصوت عال، قلها بوضوح، اللاجئون مرحب بهم هنا". ورغم ما شهدته المانيا من تظاهرات واعتداءات تنم عن معاداة للاجانب، شهدت ايضا دعما وتبرعات وموجة تطوع لمساعدة اللاجئين. ومع ذلك، اعرب سياسيون المان واوروبيون عن قلق متزايد من الاعداد القياسية للوافدين، محذرين من ان هذا التدفق سيؤدي الى مشاكل سياسية ولوجستية على حد سواء. وفي النمسا، قال فايمان ان المساعدة التي قدمتها فيينا هي بادرة مؤقتة نابعة عن "حسن النية" النمساوية في مواجهة حالة انسانية طارئة. واضاف "ليس هناك بديلا عن حل اوروبي مشترك"، داعيا الى عقد قمة لقادة الاتحاد الاوروبي "مباشرة بعد" اجتماع وزراء الداخلية في 14 ايلول (سبتمبر) الجاري، حسب ما ذكرت وكالة انباء (ايه بي ايه). وتحادثت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل هاتفيا السبت مع رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان، الذي اعتبر موجة اللجوء "مشكلة المانية" ناجمة عن اعلان برلين انها ستستقبل السوريين. وقال المتحدث باسم ميركل، جورج سترايتر، ان "الجانبين اتفقا على انه ينبغي على كل من المانيا والمجر ان تفيا بالتزاماتهما الاوروبية بموجب اتفاق دبلن". وينص اتفاق دبلن على معالجة طلبات اللجوء في اول دولة يصل اليها اللاجئ. وقال سترايتر ان اوربان وميركل اتفقا على ان تدفق المهاجرين في نهاية الاسبوع كان استثنائيا، نظرا الى حالة الطوارئ في بودابست. وتواجه ميركل ايضا ضغوطا سياسية في الداخل، حيث وجه حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي انتقادات لها، معتبرا ان تسهيل اجراءات السفر "قرار خاطئ"، وفقا لسكرتير الحزب اندرياس شوير. وحذر اعضاء الحزب من ان هذا الامر خلق "عامل جذب اضافيا" بصرف النظر عن العوامل الدافعة الى الهجرة كالحرب والفقر والقمع في بلاد المهاجرين. ومن المفترض ان تجتمع ميركل مع شركائها في الائتلاف في وقت متأخر اليوم لبحث ازمة اللاجئين. وتعيش اوروبا انقساما عميقا ازاء كيفية التعامل مع اكبر ازمة لجوء في القارة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. والسبت، اقترح رئيس الوزراء الفنلندي يوها سيبيلا ان يستقبل لاجئين في منزله الريفي. ووسط اشتداد الضغط عليه من الداخل والخارج، ذكرت صحيفة (صنداي تايمز) ان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون سيوافق على استقبال 15 الف لاجئ من سوريا. من جهته، دعا البابا فرنسيس "كل رعية، وكل جماعة دينية، وكل دير، وكل مكان مقدس في اوروبا ان يستقبل عائلة" من اللاجئين. بدوره، قال الرئيس الايراني حسن روحاني اليوم الاحد ان على الدول الاوروبية "واجب انساني وتاريخي" لبذل جهود اكبر لاستقبال اللاجئين الذين يصلون الى حدودها. وقالت مفوضية اللاجئين في الاممالمتحدة امس السبت ان 366402 مهاجر عبروا المتوسط منذ كانون الثاني (يناير) الماضي ، فيما قضى 2800 مهاجر في البحر. وفي وقت سابق اليوم، اعلنت السلطات القبرصية انها انقذت اكثر من مئة لاجئ سوري من مياه المتوسط بعدما تعطل مركبهم قبالة الساحل الجنوبي لقبرص. وتريد المفوضية بلورة الية دائمة للتوزيع لكن ازاء الوضع الملح خصوصا في المجر وايطاليا واليونان، سيطلب رئيس المفوضية جان كلود يونكر من الدول الاعضاء "توزيع 120 الف لاجئ اضافي بشكل عاجل داخل الاتحاد الاوروبي". وفي السياق ذاته، طالب رئيس وزراء السويد، ستيفان لوفن، اليوم الأحد، دول الاتحاد الأوروبي باستيعاب المزيد من طالبي اللجوء. وقال إن تقاسم هذا العبء هو الطريقة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الاتحاد الاوروبي التعامل مع أسوأ أزمة لاجئين منذ قيام الحرب العالمية الثانية. وقال لوفن في اجتماع عام لدعم اللاجئين في ستوكهولم "إن هذا غير كاف. يجب على كل دول أوروبا فعل المزيد". وأضاف "هناك حاجة لإنشاء نظام إجباري ودائم لتوزيع العبء بحيث تستقبل كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأشخاص الذين يهربون من أجل النجاة بأرواحهم". وتابع "لا يمكن لألمانيا والسويد وقليل من الدول الأخرى القيام بهذا وحدها، يجب على كل دول الاتحاد الأوروبي مد يد العون". وذكر لوفن أنه يعتزم مناقشة هذا الشأن بعد غد الثلاثاء عندما يسافر إلى برلين ليلتقي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.