شدد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية على أن الانفلات الأمنى فى أى دولة يخلق بيئة خصبة للجماعات المتطرفة، ويجعلها تتوغل فيها بدعوى الخلافة المزعومة، مستخدمة أساليب متنوعة فى القتل وقطع الرؤوس، وهذا ما حدث فى بعض المحافظات الليبية وآخرها أحداث القتل الدامية التى وقعت مؤخرًا فى منطقة سرت الليبية. وأضاف مرصد الإفتاء فى تقريره السابع والعشرين أن الاضطرابات التى تشهدها الساحة الليبية منذ العام 2011م قد أحدثت حالة من الفوضى، والتى وفرت موطئ قدم للجماعات الإرهابية مثل "داعش" وتنظيم "فجر ليبيا". وتابع المرصد أن القائم على أعمال القتل فى ليبيا بجانب داعش جماعة "فجر ليبيا" وهى تحالف مجموعة ميليشيات متطرفة متمركزة فى ليبيا، بدأت العمل الإرهابى فى 2014، وهى على خلاف فكرى مع تنظيم داعش الإرهابى، فكلاهما يُكفِّر الآخر؛ حيث تعتبر داعش فجرَ ليبيا من المرجئة المرتديين، فى الوقت الذى يتهم فيه تنظيم فجر ليبيا داعش بأنها من الجماعات المغالية التى تسىء تأويل النصوص الإسلامية. وأكد المرصد أن داعش بعد سيطرتها على منطقة سرت الليبية فى الأيام القليلة الماضية بعد معارك دامية مع مليشيات فجر ليبيا الإرهابية المسلحة، نفذت مذبحتين مروعتين فى داخل المدينة بصلب 12 شخصًا من سكان المدينة وقطع رؤوسهم، وقاموا بصلب هذه الرؤوس أمام أعين المارة على أعمدة الإنارة ليبثوا الرعب فى قلوب الآمنين. وأضاف المرصد أن هؤلاء المجرمين أقدموا على جريمة بشعة أخرى باقتحام مستشفى فى مدينة سرت الليبية، وأعدموا ما يقرب من 75 من الرجال والنساء بها؛ حيث أجهزوا عليهم وقتلوا حتى الجرحى منهم مخالفين المنهج النبوى وجمهور العلماء. وأكد المرصد أن هذه الأفعال الإجرامية تخالف ما جاء به الإسلام الذى نهى عن القتل وعن قتل النساء والأطفال خاصة، فعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: "أن امرأة وُجِدت فى بعض مغازى النبى صلى الله عليه وسلم مقتولة، فأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان". وتابع المرصد عن رباح بن الربيع رضى الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة، فرأى الناس مجتمعين على شىء فبعث رجلاً، فقال صلى الله عليه وسلم: "انظر علام اجتمع هؤلاء؟"، فجاء فقال: على امرأةٍ قتيلٍ. فقال: "ما كانت هذه لتقاتل"، قال: وعلى المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلاً فقال: "قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفًا". وأوضح المرصد أن هذا التنظيم الإرهابى افتقد مشاعر الإنسانية، فارتكب جرائم حرب يجرمها القانون الدولى، والذى ينص على عدم المساس بالجرحى وعدم الإجهاز عليهم، ولقد اهتمت الشريعة الإسلامية اهتمامًا بالغًا بجرحى الحروب من قبل، فأمرت بالإحسان إليهم، ومداواتهم، وحضت على إطعامهم، أما هذا التنظيم فلا يعمل بمبدأ مراعاة القواعد الإنسانية فى معاملة الأعداء، مما أظهر وجهه القبيح بمثل هذه الأفعال الإجرامية والتى تمثل قاعدتها "ويل للمغلوب" التى يأخذ بها ويطبقها، فى الوقت الذى قرر الإسلام قاعدة "رحمة وعفو عن المغلوب". ودعا المرصد أهالى سرت إلى نصرة إخوانهم فى هذه البلدة، وعدم إيواء أفراد التنظيم أو الانجرار خلف شعاراته المنحرفة دينيًّا، معتبرًا أن ما يتعرض له أهل سرت من أحداث دامية يعد ظلما ممن دعاهم "جنود دولة البغدادى" بفكرهم الضال الذى يستبيح أعراض المسلمين ودمائهم بالشبهة والهوى. وحذر المرصد التكفيرى بدوره من تنامى وتوسع هذا التنظيم فى ليبيا، منددا بارتكابه من قبل جريمة بشعة فى حق المصريين بأن أعدم 19 مصريًّا من أقباط مصر، مؤكدًا أن خطر تلك التنظيمات لا يقف عند حدود الدول بل هو كالسرطان الذى يتمدد فى الأمة بأكلمها.