آكلو اللحوم الآدمية الطازجة شكلت السينما الهوليودية مرجعا لا يضاهى في تشكيل مرجعيتنا التخييلية حول آكلي لحوم البشر، سواء من خلال أفلام الرعب الكروتيسكية أو أفلام الفانطازيا التاريخية أو أفلام المغامرين البيض الذين كان يقودهم قدرهم المشؤوم للوقوع في شراك وكمائن القبائل البدائية «المتوحشة» من آكلي لحوم البشر. حيث ساهم هذا النوع الأخير من الأشرطة في تكريس النزعة الاستعمارية لحضارة الرجل الأبيض وتبرير حروب الإبادة الكانيبالية والاستئصالية التي مورست على الشعوب الأصلية باعتبارها شعوبا همجية، مما أدى إلى كنس ومسح حضارات وشعوب بأكملها، قبل أن تدفعهم «عقدة الذنب» في ما بعد إلى إعادة «إحياء» هذه الحضارات في مخطوطات الأنتروبولوجيين واستعراض «أشلائها» في كبريات المتاحف الغربية. غير أن هذا المعطى لا ينفي تواجد بعض الطقوس السحرية الغامضة لبعض القبائل البدائية آكلة لحوم البشر (كاستثناءات وليس كقاعدة)، كما هو الحال بالنسبة لقبائل «الكاراييب» التي يقال بأنها المصدر اللغوي لمصطلح «كانيباليزم» وشعب «الأزتيك» بالمكسيك الذين كان محاربوه يقدمون أسرى حروبهم كقرابين بشرية فيما كان يعرف بأكل الغرباء والأعداء. بالإضافة إلى بعض قبائل سكان أستراليا الأصليين الذين كانوا يلتهمون جثث أقاربهم كوسيلة للسماح لأرواحهم بالاستمرار في البقاء. غير أن هذه الطقوس البدائية والسحرية لم تكن دائما الدافع الوحيد لالتهام لحوم البشر، فقد كانت هناك دوافع أخرى، كحافز الانتقام من الأعداء أو التشفي في قاتلي الأقارب وأفراد القبيلة أو انتشار المجاعة كما هو الشأن بالنسبة لبعض عشائر «الإسكيمو» الذين كانوا يلجؤون مضطرين في سنوات المجاعة إلى أكل لحوم الموتى والأحياء. كما دفع انتشار القحط والمجاعة أيضا سكان الحواضر في القرون الوسطى إلى التزود باللحم البشري إذعانا لغريزة البقاء، كما هو الحال بالنسبة لأوربا الشمالية في بداية القرن الرابع عشر الميلادي خصوصا ما بين 1315 و1322 حيث ساد القحط والمجاعة وتفشى الإجرام والأمراض والأوبئة والموت الجماعي ووأد البنات وأكل لحوم البشر. وهو المصير الذي عاشته مصر أيضا في عهد خامس الخلفاء الفاطميين المنتصر بالله، بعد ابتلاء أهلها بالمجاعة، حيث يصفها «المقريزي» في كتابه «إغاثة الأمة بكشف الغمة» بقوله: «سادت المجاعة البلاد نحو سبع سنين عجاف، فأكل الناس القطط والكلاب والجيفة. وبيع لحم الإنسان عند الجزارين». الحرب العالمية الثانية وفي العصر الحديث تم توثيق العديد من وقائع أكل لحوم البشر خلال الحرب العالمية الثانية كما هو الشأن بالنسبة لمدينة «لينينجراد» التي ظلت محاصرة على مدى 872 يوما ما بين عامي 1941 و1942، حيث عمد السكان والجنود في البداية إلى أكل الطيور والحيوانات الأليفة، وبعد نفاذها لجؤوا إلى أكل لحوم الآدميين، مما دفع رجال الأمن بالمدينة إلى إنشاء شرطة لمكافحة آكلي لحوم البشر. وفي فبراير 1943 وبأمر من ستالين تم نقل ما يقرب من 100 ألف جندي ألماني كأسرى حرب إلى معتقلات سيبريا وآسيا الوسطى، ومع تفشي المجاعة التهم السكان والجنود الروس الأسرى الألمان، حتى لم يتبقى منهم سوى خمسة آلاف فقط نجوا من الموت بفضل أمراضهم المعدية التي كانت سببا في وفاتهم لاحقا. نفس الحل لجأ إليه الجنود اليابانيون الجياع في أجزاء كثيرة من منطقة شرق آسيا الكبرى عندما ازدردوا لحم أسرى الحلفاء حسب المؤرخ «يوكي تاناكا». أما أشهر قصة أكل لحوم الآدميين من أجل البقاء والتي تحولت إلى فيلم سينمائي شهير، فهي قصة سقوط الرحلة 571 التابعة لطيران الأوروغواي في جبال الأنديز على ارتفاع 3600 متر عن سطح البحر، حيث اضطر الناجون لأكل لحم المتوفين المحفوظة جثثهم من التحلل بفضل الثلج والجليد. نماذج فردية شاذة وإذا كانت النماذج التي سبق ذكرها قد تعاطت مع ظاهرت أكل لحوم البشر في سياق الإكراه الطقسي القبلي الجماعي، أو الإكراه الغريزي من أجل البقاء، فإن القفزة الحضارية والتكنولوجية التي عرفتها البشرية في العقود الأخيرة قد أفرزت لنا نماذج فردية شاذة من آكلي لحوم البشر برزت كفيروسات داخل ظواهر اجتماعية وعائلية متفسخة، أنتجتها بعض الصرعات «المابعد حداثية» المتعفنة، كما هو الحال بالنسبة لأحد نجوم أفلام البورنو الأمريكيين، الذي لم يكتف بأداء مشاهد التعذيب الجنسي السادي التي كان يمثلها في أفلامه الإباحية، بل دفعه هوسه الجنسي الشاذ إلى استدراج أربعة بغايا إلى منزله وتقييدهن بالسلاسل في طابق تحت أرضي قبل المرور إلى اغتصابهن وتعذيبهن إلى أن ماتت إحداهن فالتهم لحمها وأطعم الأخريات قطعا منه بعد صعقهن بالتيار الكهربائي. ليتم إعدامه سنة 1999 بعد اكتشاف أمره والقبض عليه. كما أن ظاهرة «عبدة الشيطان» كان لها نصيبها الأوفر في إنتاج بعض العينات الشاذة من الذين يمارسون طقوس التعذيب والاغتصاب ومص الدماء وافتراس اللحم الآدمي النيئ، كما هو الشأن بالنسبة للشاب «دامين إيكولز» البالغ من العمر 19 سنة والذي قام بمعية زميلين له يشاركانه عبادة الشيطان، بممارسة طقوس الاغتصاب والتعذيب الشيطانية على ثلاثة أطفال من ولاية تكساس قبل أن يعمدوا إلى قتلهم والتهام أجزاء من لحومهم. أما الفرنسي «نيكولا كلوكس» أحد المتبتلين والمخلصين لطقوس عبادة الشيطان والبالغ من العمر 22 سنة، فقد ساعدته مهنته كحانوتي في المشرحة في الاستمتاع بشرب دماء الجثث وأكل لحمها مع الانتشاء بتعاطي المخدرات وسماع الموسيقى الصاخبة، وبعد القبض عليه عثرت الشرطة الفرنسية في شقته على بقايا أجساد بشرية وأكياس دم وأوعية، ليعترف «نيكول» بعد ذلك أمام قاضي التحقيق بأنه كان يتقرب إلى الشيطان بالتهامه لشرائح من جثث الموتى المحفوظة في مشرحة المستشفى. أما البيدوفيلي الروسي الشاذ «أندري شيكاتيلو» فقد استغل وظيفته كمدرس للمرحلة الابتدائية لكي يتخصص في الاعتداء الجنسي على الأطفال قبل أن يعمد إلى قتلهم. وقد بلغ عدد ضحاياه ما بين طفل وفتاة وامرأة ما يزيد عن 53 ضحية. حيث كان يستدرجهم إلى الغابات المحيطة بمدينة «روستوف» ويعتدي عليهم جنسيا قبل أن يقتلهم ويقوم بقطع أجزاء معينة من أجسادهم، كالأعضاء التناسلية والأثداء والوجنتين ليلتهمها التهاما. وقد تم إعدام «أندري شيكاتيلو» بعد القبض عليه سنة 1994. من الملاحظ أن أغلب العينات الهمجية الشاذة من آكلي لحوم البشر التي سنتعرض لها في هذا الملف أنتجتها الصرعات الحداثية المجوفة روحيا، والنزعات الشاذة المنحلة أخلاقيا، الأمر الذي يدفعنا بكل تأكيد إلى التسلح بالحيطة والحذر من التطرف الحداثي الذي يوازي التطرف الظلامي في سعيهما معا لنسف الوسطية والاعتدال لحداثتنا كما لديننا.
أشهر رسالة لأشهر آكلي لحوم الأطفال كان «ألبرت فيش» يتمتع بقسمات جرمانية أرستقراطية جذابة وملامح تشي بالرزانة والطيبوبة، لكنه كان يخفي وراء هذه الملامح البريئة ذئبا بشريا شرسا، وقاتلا محترفا، وهاتكا للأعراض، ومصاصا للدماء يتلذذ بتقطيع أجزاء ضحاياه والتهام لحومهم. بعد إلقاء القبض عليه اعترف بالتحرش بأكثر من 400 طفل وقتلهم بعد تعذيبهم. تاريخ مَرضي ولد ألبرت فيش بواشنطن وسط عائلة لها تاريخ طويل مع المرض العقلي والنفسي، حيث عاش أخوه في مستشفى للأمراض العقلية، وكان عمه يعاني من الهوس الروحي، ومعظم العائلة كانوا يعانون من الهلوسة، لذلك تم إرساله إلى دار للأيتام، حيث لم تتمكن ذاكرته من محو ما كان يتعرض له من ضرب وتأنيب وتعذيب، وعلى الرغم من أن «فيش» كان غير متعلم إلا أنه قام بمجهود جبار لكي يلقن نفسه القراءة والكتابة. قامت والدته بعد سنوات قليلة باستعادته من دار الأيتام، لكن يبدو أن الأم استعادت ابنها بعد فوات الأوان، فبمجرد بلوغ «فيش» 12 سنة من عمره بدأت تظهر عليه سلوكيات غريبة تثير الاشمئزاز، كذهابه المكثف إلى الحمام العمومي لمراقبة عورات الرجال، وشربه البول في بعض الأحيان بشكل مقزز. وبعد انتقاله إلى مدينة نيويورك بدأ مسلسله الإجرامي الفظيع ضد الأطفال، حيث كان فيش يقوم بإبعاد الأطفال عن منازلهم ليمارس عليهم مختلف أنواع التعذيب الوحشي والهمجي بتوظيفه للمسامير والسكاكين والأدوات الحادة، ليعمد بعد ذلك إلى اغتصابهم وقتلهم وأكل لحومهم. تزوج «ألبرت فيش» سنة 1898 وأنجب ستة أطفال، وكنتيجة لسوء معاملته وسلوكه الشاذ هربت زوجته مع رجل آخر، ليزداد غضبه وحنقه مما أدخله في أزمات نفسية حادة أثرت على حالته الصحية والمزاجية، فصار يمارس جرائمه أمام أولاده، بل ويدفعهم دفعا للمشاركة فيها، قبل أن ينتقل إلى تعذيب أولاده أيضا، مما دفعهم للهروب من جحيم والدهم وتركه وحيدا مع شياطينه. رسائل «فيش» وبعد دخول «فيش» في حالة فراغ بعد رحيل زوجته وأبنائه، اتجه إلى كتابة رسائل إلى الصحف والمجلات يشرح فيها الممارسات الجنسية الشاذة التي كان يرغب أن تشاركه النساء فيها، حيث كان يتفنن في وصف تلك الممارسات بكل تفاصيلها بأسلوب فج ووقح للغاية، لذلك لم تحظ أية رسالة من رسائله بالنشر في أية صحيفة أو مجلة، غير أن رسائله هاته اعتمدت بعد القبض عليه كأدلة ضده. في عام 1928 حاول «فيش» تحت اسم مستعار التقرب من عائلة تدعى «إدوارد بود» بدواعي العمل لتحسين ظروفه المالية، ليصبح «فيش» في ما بعد مصدر ثقة كبيرة للعائلة المذكورة، وبحلول إحدى المناسبات استغل «فيش» هذه الثقة وطلب من العائلة اصطحاب طفلتهم الصغيرة معه للاحتفال، وطبعا كانت آخر مرة ترى فيها هذه العائلة ابنتها الصغيرة، حيث دام اختفاؤها ست سنوات لم يفلح خلالها المحققون في العثور على أي دليل أو معلومة تؤدي إلى اكتشاف مكان الطفلة المختفية. «ابنتكم ماتت عذراء» في 11 نونبر 1934 تلقت عائلة الفتاة رسالة تصف وقائع وتفاصيل قتل طفلتهم، بل وأوضح مرسل الرسالة بكونه استمتع بقتل الطفلة، واستمتع أكثر بتناول لحمها على وجبة الغداء، موضحا أنه قام بطهي لحم الطفلة والتهامه، واصفا لحم ابنتهم بكونه من أشهى ما تناوله في حياته، وفي ختام الرسالة قال فيش للعائلة: «لا تحزنوا على طفلتكم لقد تناولت لحمها فقط، اطمئنوا ابنتكم ماتت عذراء». انهار أفراد الأسرة وهم يقرؤون تفاصيل عملية قتل وافتراس ابنتهم الصغيرة في أبشع صورة يمكن أن يتخيلها بشر على الإطلاق. كانت هذه الرسالة هي نهاية أسطورة هذا الوحش، فبسببها تم تتبع الخيوط المؤدية إلى «فيش»، حيث ألقت الشرطة القبض عليه دون أن يبدي أية مقاومة تذكر، معترفا بقتله والتهامه للطفلة «جريس» ومئات من الأطفال الآخرين الذين لم تتوصل الشرطة إلى معرفة هوية قاتلهم. ورغم تأكيد الأطباء النفسيين أن «فيش» يعاني من الجنون، حكمت عليه المحكمة في 11 مارس 1935 بالإعدام على الكرسي الكهربائي ليتم تنفيذ الحكم في 16 يناير 1936.
تحقيق دام 130 سنة في قضية أحد آكلي لحوم البشر في ولاية «بينسلفانيا» الأمريكية أطلق «ألفريد باكر» صرخته الأولى، حيث عاش طفولة هادئة ومراهقة أكثر هدوءا، إلى أن تم استدعاؤه للتجنيد في الحرب الأهلية الأمريكية وهو لم يتم بعد ربيعه التاسع عشر، ليقضي «ألفريد» خمس سنوات من شبابه وسط جحيم الحرب والدمار والحرائق والجثث، لدرجة أنه أصيب بنوبات صرع عنيفة كانت سببا في تسريحه من الخدمة العسكرية، ليخرج من هذه الحرب مدمرا مهزوزا وفاقدا لبوصلة المستقبل، ولم يجد «ألفريد» في نهاية المطاف من وسيلة للخروج من حالة الضياع سوى الانخراط في حمى البحث عن الذهب التي اجتاحت أمريكا والأمريكيين خلال هذه الفترة. وهكذا قرر «ألفريد باكر» السفر إلى «كولورادو» بحثا عن الذهب الذي تزخر به مناجمها بمعية خمسة من المغامرين الأمريكيين الذين شكلوا فريقا واختاروا عبور الجبال اختصارا للمسافة غير مبالين بتحذيرات أحد خبراء المسالك والطرق من الهنود الحمر، الذي حذرهم من العواصف الثلجية العنيفة التي تضرب الجبال والمرتفعات في مثل هذا الفصل من السنة. وهو الأمر الذي حدث فعلا، حيث واجه المغامرون الستة إحدى أعنف وأخطر العواصف الثلجية على الإطلاق، مما أدى إلى اختفائهم وانقطاع أخبارهم نهائيا عن أقاربهم وعن العالم لعدة شهور، وساد اعتقاد شبه مؤكد بأنهم راحوا ضحية العواصف الثلجية الهوجاء، وفجأة ظهر «ألفريد باكر» بمفرده، حيث استقبله الناس وهم غير مصدقين نجاته من تلك العواصف التي لم يحدث أن نجا منها كائن بشري قط، ثم سارعوا للاحتفاء به في إحدى حانات البلدة حيث انخرط «ألفريد» يحكي بفخر للمتحلقين حوله عن مغامرته الفريدة ورحلته العجيبة وصراعه المرير والمستميت لطرد شبح الموت الذي كان يحوم حوله لاصطياده كما اصطاد رفاقه من قبله. اعترافات «ألفريد باكر» بعد احتسائه للعديد من القنينات دارت الخمرة في رأسه، فاعترف «ألفريد» أمام الجمع متفاخرا بأن التهامه لرفاقه الخمسة هو سبب نجاته. ألقي القبض فورا على «ألفريد» الذي صرح بعد مواجهته بالتهم المنسوبة إليه بكونه اضطر إلى قتل رفاقه دفاعا عن نفسه بعد محاولتهم التخلص منه، وهي القصة التي لم تنطل على أحد، خصوصا بعد رحلة المحققين للبحث عن الجثث والتي انتهت نتائجها بمفاجأة رهيبة بعد أن تم العثور على بقايا جثث الرجال الخمسة مأكولة بعد تقطيع أجزاء من لحمها بانتقاء وعناية بالغة بواسطة آلة حادة والتي لم تكن سوى سكين ألفريد، هذا الأخير وجهت إليه تهمتي القتل العمد وأكل لحوم البشر، وعند محاكمته لم ينكر «ألفريد» أكله لجثث رفاقه إنقاذا لحياته من الجوع، لكنه أصر على كونه لم يقتلهم إلا دفاعا عن نفسه. وهي المبررات التي لم يأخذ بها القضاء الذي حكم على آكل لحوم البشر «ألفريد باكر» بالإعدام عام 1874 وتم سجنه إلى حين تنفيذ الحكم. لكن هذا الأخير استطاع الهروب من سجنه والاختفاء عن الأنظار قبل أن يتم العثور عليه وإعادته إلى زنزانته التي قضى فيها مدة سجنه في انضباط والتزام بعد إسقاط حكم الإعدام عنه، ليستقر بعد إطلاق سراحه المشروط بإحدى بلدات كولورادو متمتعا بسمعة طيبة بين أهلها، قبل أن يتوفاه الأجل سنة 1907 ويدفن بمقبرة المدينة ومعه دفن ملف من أغرب الملفات المدونة في سجلات القضاء بالولاياتالمتحدةالأمريكية. الخوف من الموت جوعا بعد مرور 115 سنة على صدور حكم الإعدام الذي تحول إلى المؤبد على «ألفريد باكر»، قام الطبيب الشرعي الأمريكي «جيمس ستارز» سنة 1989 بإعادة فحص الجثث والأدلة التي ظلت محفوظة منذ تاريخ الجريمة، ليخلص إلى أن «ألفريد باكر» أكل فعلا جثث رفاقه بدافع الخوف من الموت جوعا، لكنه لم يقم بقتلهم، هذه الخلاصة التي توصل إليها هذا الطبيب الشرعي الأمريكي لم تدعم بقرائن دامغة إلا بعد مرور 15 سنة أخرى، حين قام «دفيد بيلي» سنة 1994 أحد أوصياء متحف التاريخ بكولورادو بإجراء تحقيق علمي موسع حول هذه القضية المثيرة، ليؤكد بالحجج والبراهين العلمية بأن أحد رفاق «ألفريد» المدعو «شانون بيل» هو الذي أجهز على أربعة من رفاقه بواسطة فأس قبل أن يزدرد لحمهم مع ألفريد، وبعد نفاذ مخزون الجثث التي ساعد تهاطل الثلج على صيانتها، حاول «شانون بيل» قتل ألفريد، لكن هذا الأخير عالجه برصاصة من بندقيته، ليقتله دفاعا عن نفسه كما سبق أن صرح أمام المحكمة، مؤكدا بأن ألفريد لم يكن كاذبا عندما كان يردد دائما بأنه أكل لحوم رفاقه خوفا من الهلاك جوعا لكنه لم يرتكب جرائم قتل عمدا. أسطورة «ألفريد باكر» وشهرته المتفردة دفعت أحد المغامرين إلى السعي للحصول على جمجمته بوسائله «الخاصة»، والاحتفاظ بها لسنوات عديدة قبل أن يبيعها إلى متحف في ولاية «نيوأورليانز»، حيث لا تزال تعرض إلى يومنا هذا جمجمة «ألفريد باكر» أحد أشهر آكلي لحوم البشر في الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي ألهمت قصته العديد من صناع السينما في هوليود.
ياباني يأكل هولندية فاتنة لكي يصبح وسيما في الحادي عشر من يونيو 1981 قام مدرس الأدب الفرنسي الياباني الثري «أوجاساوا» البالغ من العمر 32 سنة والقاطن بفرنسا، بدعوة امرأة هولندية شقراء فاتنة اسمها «رينيه هارتيفيلت» لتناول العشاء في شقته بحجة المناقشة الأدبية بينهما. وبينما كانت تجلس الضيفة في مكتبه، غافلها وأطلق عليها الرصاص بواسطة بندقية فأرداها قتيلة، ولم يكتف بذلك بل شرع في تقطيع جسدها بالمنشار الكهربائي إلى أجزاء صغيرة، قبل أن يعمد إلى التهام شرائح من لحمها الأبيض الطري. قد يعتقد البعض بأن هذا الرجل ينتمي إلى فصيلة همجية من أكلة لحوم البشر، قام باستدراج فتاة هولندية شقراء إلى منزله لكي يحولها إلى وجبة شهية ترضي الأرواح الشريرة التي تسكنه، لكن الحقيقة غير ذلك تماما، لأن «أوجاساوا» العاشق للشعر والأدب العالمي وخصوصا الفرنسي كان شابا رومانسيا حالما، لكن قبحه وقصر قامته شكلا له عقدة نفسية تؤرقه في منامه ويقظته، لتزداد عقدته تضخما وتورما بعدما رفضته حبيبته التي ارتبطت بشخص أكثر جاذبية ووسامة، فقرر تطبيق وتنفيذ إحدى الأساطير اليابانية القديمة التي تزعم بأنه إذا ما أكل المرء شخصا أجمل وأطول منه، ستعمل روحه على امتصاص الطاقة البشرية الخفية للضحية ويتحول إلى شخص جذاب ووسيم، لذلك قام بانتقاء ضحيته بعناية فائقة كي تضيف إليه كل هذه السمات والصفات التي تنقصه. وقد اعترف «أوجاساوا» للمحققين بأنه بعد إطلاق النار على الفتاة الهولندية «هارتيفيلت» أغمي عليه من الرعب، لكنه بعد نصف ساعة استيقظ ولديه رغبة جامحة تدفعه لتناول الضحية وافتراسها، فبدأ بالفخذين والساقين حيث التهم لحمهما بعد أن قام بتقطيعهما بعناية، مبديا دهشته من كمية الشحوم الموجودة بجسم الإنسان والتي اعتبرها مختلفة تماما عن دهون الحيوانات. وظل «أوجاساوا» يتلذذ بتناول الأجزاء المختلفة من جسد الفتاة الهولندية الفاتنة لمدة يومين كاملين، واصفا لحمها بالناعم وعديم الرائحة وبكونه أشهى لحم تناوله في حياته. وبعد الانتهاء من ولائمه قرر رمي ما تبقى من جثة الفتاة في بحيرة نائية بعيدة عن أعين الناس، ولكن لسوء حظه شوهد من قبل أحد الأشخاص الذي أخطر السلطات الفرنسية ليتم إلقاء القبض عليه. البراءة بفضل خلل عقلي بعد احتجازه لمدة عامين دون محاكمة قام والد «أوجاساوا» المليونير بعدة تدخلات مشبوهة، ليتم الإفراج عن ابنه بعد إخضاعه لفحص طبي أثبت إصابته بخلل عقلي، تم على إثره نقله إلى مصحة عقلية للعلاج. ورغم اقتراف هذا الرجل لجريمة القتل العمد والتهامه لفتاة هولندية بشراسة وهمجية تتعارض مع الأعراف البشرية، إلا أن الحظ كان حليف «أوجاساوا» لأبعد الحدود، خصوصا بعد أن قام أحد الروائيين المؤثرين في الرأي العام الياباني بنشر عدة مقالات تدافع عن «أوجاساوا» وتبرر جريمته بربطها بعوامل نفسية ومرضية، مما أدى إلى تعاطف اليابانيين مع قضيته، الأمر الذي ساهم في شهرة وشعبية «أوجاساوا» وشيوع قضيته، مما أجبر السلطات الفرنسية على تسليمه للسلطات اليابانية لاستكمال العلاج من طرف أطباء نفسانيين يابانيين. وعند عودته إلى اليابان تم نقله مباشرة إلى مستشفى «ماتسوزاوا» حيث وجد في استقباله جماعة من علماء النفس اليابانيين الذين أكدوا بعد فحصه ودراسة سلوكه بأنه رجل واع ويتمتع بكامل قواه العقلية، غير أنه تتملكه روح الشر. وبالرغم من ذلك وجدت السلطات اليابانية استحالة محاكمته من الناحية القانونية لأنها تفتقر إلى بعض الوثائق والأدلة المهمة التي لم تحصل عليها من القضاء الفرنسي، ليظل «أوجاساوا» حرا طليقا رغم التهامه لفتاة بريئة. بل زادت ثروته بفعل الاهتمام الإعلامي المنقطع النظير بحالته الفريدة. أخطر آكلي لحوم البشر في القرن العشرين عاش «جيفري داهمر» أحد أساطير آكلي لحوم البشر في ولاية «ويسكنسن» الأمريكية، حيث ذاع صيته وصار حديث الرأي العام عندما قتل 17 ضحية من الشواذ الذين كان يستدرجهم إلى شقته ويستمتع بأكل ونهش لحومهم. ولما اقتحمت الشرطة شقته عثرت على جماجم بشرية منزوعة الجلد والشعر مزدحمة في رفوف ثلاجة ضخمة. كما وجدت جسد إنسان في الحمام مقطوع الرأس ومشقوقا من الرقبة إلى الحوض. إضافة إلى وعائين كبيرين بهما بقايا جذوع بشرية متحللة. وقد حكم على «داهمر» بالإعدام سنة 1994، إلا أن نهايته كانت على يد قاتل محترف هشم رأسه بقضيب حديدي وهما في مصحة نفسية. وقد طالبت أم «داهمر» بالاحتفاظ بمخ ابنها لدراسته في المختبرات العلمية، كما طالب أقارب الضحايا ببيع معدات القتل التي كان يستخدمها آكل لحوم البشر الشهير في قتل وتقطيع أبنائهم في مزاد علني لصالح عوائل الضحايا، غير أن إحدى الجمعيات الأهلية الكبيرة بالمدينة سارعت إلى شراء المخلفات، وهي عبارة عن مطارق ومثاقيب ومناشير وثلاجة مقابل حوالي 400 ألف دولار، ثم عمدت إلى تدميرها حفاظا على سمعة مدينتهم من هذا العار التاريخي. أما أشرس ملتهم للنساء الشقراوات السفاح النيويوركي «آرتير شاوكروس» فقد اشتهر منذ صغره بالانحراف الجنسي سواء مع محارمه أو مع الحيوانات الأليفة، وفي شبابه انخرط مصاص الدماء في حرب الفيتنام ليشتهر بوحشيته وجرائمه الشاذة والتي تمثلت في قتله للنساء الفيتناميات قبل أن يشوي لحمهن ويعمد إلى أكله بشراهة. وبعد عودته إلى أمريكا سنة 1969 مارس هوايته هذه المرة في أبناء جلدته، فقتل طفلا في العاشرة من عمره سنة 1972 وأكل قلبه وأعضاءه التناسلية، ليتم القبض عليه والحكم عليه بالسجن المؤبد، غير أن اضطراباته النفسية فرضت ولوجه إلى المستشفى ليتم الإفراج عنه بعد ذلك. وبعد فترة كمون قصيرة عاد «آرتير» من جديد إلى ممارساته الوحشية حيث قتل خلال السنوات الثلاث التي أعقبت الإفراج عنهم ما يزيد عن 11 امرأة من البغايا الشقراوات اللائي كان يستدرجهن إلى منزله، ثم يقوم بتقطيع أعضائهن التناسلية ليلتهمها