هل تصدق أن تسراولين وهي منطقة خارج التاريخ في قمة الجبل، تبعد عن ميدلت بأكثر من ثلاث ساعات لا وجود للقضاء بها إذر لا يعترف سكانها بالمحاكم الابتدائية والاستئنافية. فقط المحاكم العرفية من تفك نزاعات هذه القرية المنسية فوق جبل. هي حسب جريدة الاخبار محكمة عرفية تحكم في قضايا مختلفة، تصدر عقوبات شديدة أضعفها ذبح خروف وإطعام 12 فردا، وأقصاها عزل المتهم من القبيلة وإجبار أهل القرية على مقاطعته وعدم تمكينه من أبسط حقوقه الإنسانية. المحكمة تضم 12 قاضيا ورئيسها يسمى «أمغار»، يتكلف بمباركة الحكم وإدخال المتهمين وإخراجهم من قاعة المحكمة المؤسسة بمكان تعود ملكيته للجماعة التي تتبع لها القبيلة. فماهي أجواء المحاكمة؟ وما هي القضايا التي تبت فيها؟ وكيف يتم اختيار القضاة؟ ولماذا لا يمانع المخزن في بقاء المحاكم العرفية بالقبائل الأمازيغية بالأطلس المتوسط؟ كل يوم جمعة من كل أسبوعين تفتح المحكمة العرفية أبوابها أمام المتهمين والضحايا من أهل القبيلة، والذين وضعوا سابقا شكايات لدى العاملين بالمحكمة، يشتكون فيها من أشخاص اعتدوا عليهم أو استولوا على حقوقهم. بعد صلاة العصر مباشرة يتوافد الضحايا والمتهمون على مكان المحكمة ويصطفون في طوابير طويلة. القضاة المتكونون من 12 فردا يتوافدون هم الآخرون على قاعة المحكمة. غرفة مربعة وضعت وسطها طاولة طويلة جلس فيها القضاة، في حين بقي «أمغار» رئيس الجلسة، أمام باب المحكمة ينادي على المتهمين والضحايا الذين حان دورهم. «باسم الله افتتحت الجلسة»، هكذا يقول أحد القضاة مناديا على المتهم الأول المدان في قضية السكر العلني والعربدة، سائلا المتهم باللهجة الأمازيغية عن الأسباب التي جعلته يتعاطى الكحول ويقذف جاره ويسبه علنا بكلام فاحش أمام الناس، ليجيب المتهم نافيا عنه كل التهم، مؤكدا أنه لم يسب أحدا وأنه لم يلتق بجاره أمس أبدا، وأنه لم يكن في القبيلة في الوقت الذي اتهمه فيه جاره بسبه والتهجم عليه. استمع القضاة إلى كلام المتهم فقرروا المناداة على الشهود الذين حضروا بدورهم إلى المحكمة وأكدوا فيها الواقعة، فثبتت بعد ذلك التهم في حق المتهم وتم الحكم عليه بعد المداولة بعقوبة ذبح خروف وإطعام 12 فردا يعينهم القضاة ويختارونهم من القبيلة