«أصدرنا حكمنا المطاع غير القابل للنقض والنقاش، أن تطعم ستين شخصا طعاما كاملا يليق بمقامنا وفي حال الامتناع عن القيام بذلك يطبق عليك الحصار والمقاطعة التامة، ومن تجرأ وخرق المقاطعة سيخضع بدوره لمنطوق حكم جديد بالإطعام أو المقاطعة». إنه منطوق حكم غريب لأمغار، وهو شيخ القبيلة بمدينة القصيبة بإقليم بني ملال، حاكم بأمر نفسه طبقا لعرف تم تحريفه عن المبدأ الأصلي الذي بني عليه في الأصل ، أحكام خلفت حالة من الاحتقان بالمنطقة المتربعة على جبال الأطلس، حيث «الأمغار» هو الآمر الناهي بين الناس في ظل صمت مطبق للسلطة المحلية التي لم تحركها احتجاجات المواطنين ضد تأويل خاطئ لهذا الشيخ للعرف الساري منذ عقود من الزمن هنا بالاقليم، تأويل أفرز لنا مجموعة من «الزرايدية» الذين لاشغل لهم سوى التصفيق لقرارات الشيخ المطاعة و«الإغارة» على منازل من صدرت أحكام الاطعام في حقهم ! جريدة «الاتحاد الاشتراكي» تسللت بين الحاضرين وتابعت أطوار محاكمة وأوامر الإطعام أو المقاطعة، وهي تحاول نقل حقيقة مايقع هناك ومحاولة كشف المستور في وضع يعتبره البعض بمثابة «القنبلة الموقوتة» التي قد تنفجر في أية لحظة. خيمة «فتان العهد الجديد»! الساعة تشير الى حوالي الحادية عشرة والنصف من نهار أول أمس الأحد، توجهنا الى مدينة القصيبة عبر قصبة تادلة، الجو ظاهره بارد لكنه في الحقيقة يخفي حالة غليان وتذمر بين السكان، فلا أحد يكترث للوضعية المزرية التي تتخبط فيها المنطقة، بل يتحدث الجميع عن أحكام غريبة صادرة عن شيخ القبيلة أمغار الذي يلقبه البعض هنا ب«فتان العهد الجديد»، والذي أشعل الفتنة بين أفراد القبيلة وأنهك ميزانية الأسر بعد أن فرض عليها إطعام من ستين الى مائة نفر من حوارييه ، وهو مايكلف العائلة الواحدة حوالي 5000 درهم للوجبة الواحدة، توجهنا إلى السوق الاسبوعي حيث تتوسطه خيمة الأمغار الحاكم بأمر البطون ، والتي تخرج منها أحكام الإطعام ، الخيمة التي ليست سوى جزء من مقهى شعبي تتنقل بين الأسواق ويقدم بها الشاي والاسفنج احتلها حواريوه أو مايطلق عليهم باللكنة المحلية «ايمور»، ويتكون في الأصل من عنصر واحد من كل دوار يساعدونه في مهامه. وقفنا بباب الخيمة كانت مملوءة على آخرها ، ولعل هذا مالم يثر انتباه الحضور بتواجدنا في البداية. كان يتوسط الجمع ثلاثة شيوخ ، واحد منهم هو الذي يتحدث ولم نستطع فهم مايجري، لأن الحديث هنا كان بالأمازيغية، وفجأة انطلقت التصفيقات وبدأ البعض يغادر الخيمة في حين ساد المكان نوع من الصمت ، فأخبرني مرافقي أنه تم الحكم على أحدهم بإطعام ستين نفرا وأن تصفيق مجموعة «الايمور» إيذان منهم بمباركة الحكم. أحد أبناء المنطقة من الشباب الذين خبروا أساليب هؤلاء المتلاعبين بشؤون الساكنة، سبق أن صرح بالقول بأن الدليل على أن السلطات تغض الطرف عن هؤلاء ، مهرجاناتهم الاسبوعية في إحدى الخيام بسوق القصيبة ، فكل يوم أحد تغص الخيمة بالمدعين و المدعى عليهم و الفضوليين و «الجياع» ، فيتم البت في القضايا وسط هرج و مرج ولمز وهمز و أماني الفوز بمقعد في إحدى الولائم التي ينتشي من خلالها « أمغار» بالحكم على المخالفين لأوامره و العاقين، بتعداد الضيوف الذين لا يقلون عن الثلاثين! لكم الاختيار.. الإام أو الحصار الشيخ مسكور ميمون بن الحسين، والذي التقيناه ، أكد لنا بأن مايقع هنا هي السيبة بعينها وبأن الرشوة هنا اتخذت وجها جديدا ولبست لبوس الزرود، وبأن مايصدره هذا الشيخ من أحكام هو مقدمة فتنة، ليس بعدها فتنة، يقول هذا الشيخ : تصورو معي أن عدد ايمور أو مايمكن أن نسميهم صراحة «أتباع الأمغار» ، تضاعف لأكثر من الضعف بفعل الزرود ، إنه الحمق بعينه ، فالزرود بشكل شبه يومي مابين غداء وعشاء وكل من لم يمتثل يفرض عليه حصار صارم . تخيلو كم ينفق هنا على هذه الزرود مليون سنتيم يوميا مابين غداء وعشاء، فلنقم بحساب التكلفة :ثلاثون مليون سنتيم شهريا، أي 360 مليون سنتيم سنويا قد تزيد ولن تنقص! لقد فرق بين المرء وأخيه وبين الأهل والأصدقاء والجيران وحكم على الفلاحين بالافلاس، أليست هذه هي أم الفتن بعينها؟». إنه شكل جديد من «محاكم التفتيش» هنا ، فأتباع الأمغار يتكفلون بالتربص بمن يخرق الحصار وتتم الوشاية به ليخضع هو أيضا لمحاكمة تفضي إلى التخيير بين الإطعام أو الحصار لتستمر الوتيرة على هذا المنوال . هذه الأحكام العرفية للشيخ أمغار تقضي بإطعام 60 أو 100 شخص من طرف الشخص المحكوم عليه، وتتنوع التهم هنا بتنوع المصالح ، وعندما يرفض المدان الحكم ، يحكم عليه الأمغار بالحصار الكلي أو ما يسمى بالأمازيغية «بتاغوني» على جميع ممتلكاته العقارية ويمنع من الحرث أو الحصاد، وذلك بقطع جميع الطرق المؤدية لأرضه ، ويمنع جميع سكان الدواوير من التحدث معه ومن التحية ، ويمنع البقال من التعامل التجاري معه ، بحيث أن المحكوم عليه يصبح منبوذا في القبيلة، محروما من أي شكل من أشكال التعامل الاجتماعي أو الاقتصادي أو التجاري معه و مع أسرته ، ويبقى الحال على هذا المنوال الى أن يرضخ المدان فيتم الإطعام أو يصدر الامغار عفوه عليه. جالسنا مجموعة من المواطنين ، مجموعة تجاوز العدد الذي صرح به البعض بأنه معني بالحصار العشرات من أرباب الأسر يطالهم الحصار لرفضهم هذا الشكل من الابتزاز، خاصة وأنهم يعلنون بأن الأمغار ليس محايدا وبأنه أضحى مجرد زعيم «جوقة الزرايدية» لاأقل ولا أكثر ، لكل واحد منهم حكاية أو بالأحرى «تهمة» استوجبت في نظر الأمغار الاطعام الذي تحول بعد رفضهم الامتثال الى حصار شامل، حكايات تحمل بين تفاصيلها معاناة يومية مع مخلفات حكم جائر صادر من البطن، وبين المخبرين الذين يترصدون هنا من سيخرق الحصار لتنتصب «محاكم تفتيش» جديدة للنظر في أمره! تعددت التهم والحكم واحد ميمون العيساوي مستشار جماعي بدير القصيبة، يكشف لنا الخبايا الحقيقية لغزوة الزرايدية أتباع أمغار القبيلة، فقد أصدر هذا الأخير حكمه عليه بإطعام 60 شخصا، وقرر محاصرته في القبيلة، وحرمانه من التعامل مع الناس والمشاركة في الحياة اليومية بتهمة معارضة مصالح المواطنين في قبيلة أيت ويرة في مجال التعمير، والشكايات التي وجهها للسلطات حول انتشار التجزئات العشوائية، حلت على إثرها عدة لجن إقليمية ووطنية الى عين المكان وأنجزت تقاريرها التي أفضت الى وقف النزيف العمراني، الأمر الذي لم يعجب بارونات التعمير بالاقليم فتحركوا ضده شاهرين سيف عرف فسروه بما يتماشى مع أهوائهم. السيد ميمون وجه شكاية الى وكيل الملك لدى ابتدائية قصبة تادلة طالبه بالتدخل لوقف قرار محكمة «أمغار القبيلة»، وبفتح تحقيق في القرارات التي تصدر عن مجلس أمغار الذي ينعقد بالسوق الأسبوعي لدير القصيبة، واصفا إياها بالمحكمة العشوائية التي تتسبب في مشاكل كبيرة للمواطنين. فباسم من تصدر الاحكام النهائية هنا ، ولمصلحة من؟ سؤال تعددت الاجابات والاتهامات بشأنه ، لكنها تلتقي في خانة واحدة، وهي أن هناك أيادي خفية تحرك فصول هذه المسرحيات من وراء ستار، وإلا كيف يمكن تفسير عجز السلطات عن التدخل لإنصاف الساكنة؟ أحد الحاضرين أكد في تعليقه على الوضع أن أمغار القبيلة كان قد ترشح في انتخابات الغرفة الفلاحية ضد الرئيس الحالي للمجلس الجماعي قبل أن يتصالحا و يصبحا حليفين سياسيين في مشهد سياسي أصبحت فيه معارضة الرئيس تعني غضبة أمغار القبيلة ، مستغربا التزام السلطة المحلية بدور المتفرج إزاء شخص يمارس الوصاية على المستشارين الجماعيين و القضاء والسياسة دون أن يكون معينا بأي ظهير ، وبدون أي مستوى تعليمي يِؤهله لممارسة القضاء و التأطير السياسي. أحد الظرفاء و في تعليق ساخر له على محاصرة المستشار الجماعي قال :إذا كان أمغار القبيلة قد قضى بمحاصرة المستشار، فلماذا لا يبادر إلى الإعلان عن انتخابات جزئية في الدائرة التي يمثلها المستشار؟ علام ابراهيم رب أسرة أصدر أمغار القبيلة حكمه عليه بإطعام ستين نفرا لا لشيء إلا لكونه خرق الحصار المفروض على السيد العيساوي وصافحه وجالسه في المقهى لتبادل الحديث باعتبارهما صديقين ، فلمحتهما عيون «محاكم التفتيش» التي أصدرت حكمها النافذ بالاطعام، وبعد أن التحقت قوافل الزرود بباب منزله امتنع عن الامتثال لحكم اعتبره من وحي الخيال، فتم إلان حصاره على الملأ ومنع من التسوق، وإن تم ذلك فبشكل سري، مخافة أن يتعرض المتعامل معه للمتابعة بدوره ! السيد علام منع عنه الحرث وكل الأعمال المرتبطة بالنشاط الزراعي، الأمر الذي يهدد نتائج الموسم الفلاحي ويخلق له مشاكل مع دائنيه من الابناك التي يتعامل معها. السيد سعيد بنعمر عوقب بالاطعام أو الحصار، لالشيء الا لكونه لم يلجأ لأمغار القبيلة للنظر في قضية تقسيم أراض وضعت رهن إشارة المنفعة العامة، والتجأ الى القنوات القانونية للحفاظ على الرصيد العقاري للقبيلة لمنع تجزيئه ، وقبل أن تنظر المحكمة في القضية أصدر أمغار حكمه الغريب وتمت تجزئة الأرض الى 570 بقعة عشوائية وتمت محاصرته بعد أن رفض الإطعام ، حيث أغاروا على أرضه ومنعوا الرباع الذي يعمل عنده من مزاولة أشغاله! بل الأكثر من ذلك حولوا أرضه الى مرعي لقطعانهم وإن أراد متابعتهم قضائيا فلن يجرأ أحد على الادلاء بشهادته له مخافة سيف أحكام أمغار القبيلة! شكل آخر من القضايا التي بث فيها أمغار القبيلة، يتعلق الأمر هنا بحكم إفراغ مسكن أصدره ضد السيد ميمون عقاوي وعندما لم يمتثل للحكم أصدر حكمه الشهير بالاطعام و أوفد إليه خمسين نفرا من الزرايدية وعندما لم يقم بإطعامهم رفع سيف الحصار ودفع شريكته في التجارة إلى فض الشراكة معه بعد تهديدها بالحكم عليها بدورها! محمد عمران، أحد المتضررين من حكم «أمغار» صرح بأن امرأة رفضت فتح طريق جديد بأرض فلاحية محفظة في ملكيتها والكائنة بدوار بوقلال دير القصيبة، لغرض مرور أحد أعضاء مجلس أمغار إلى أرض بجوارها، وعلى إثر هذا المنع أصدر أمغار القبيلة الحكم عليها بالمقاطعة والحصار الدائم عليها من طرف جميع أفراد قبيلة ايت ويرة رجالا ونساء، حيث هدد كل من قام بالتعامل معها أو زيارتها حتى من أفراد العائلة والأصهار بنفس العقوبة، ما نتج عنه انهيار عصبي ونفسي لرب الأسرة أصابته بشلل نصفي وحرمان الجيران وأفراد الأسرة من زيارته. المثير أن الحكم بالمقاطعة يسري على كل أفراد العائلة من أصول وفروع، وكل من خرق هذا العرف يطاله حكم مماثل، ففي واقعة غريبة وإعانا في تشديد الخناق على أحد المحكوم عليهم بالحصار، تم منع الأطفال من متابعة الدراسة عند إحدى المعلمات بروض للأطفال بحجة أن المعلمة ابنة أخ المحكوم عليه! حكايات قد يعتبرها البعض من نسج الخيال، لكنها الحقيقة التي يعيشها سكان قبيلة ايت ويرة بالاطلس وفي القبيلة الأم التي يتفرع عنها عدد كبير من القبائل الفرعية وتضم ثلاث جماعات قروية. أصوات تنادي بإسقاط أمغار القبيلة بدأت الأصوات تتعالى منددة بهذا الاستغلال الخاطئ لعرف أصيل في حل النزاعات بين أبناء القبيلة، فبعد أن تحول العرف الى طريقة للزرود وإرهاق كاهل الأسر بمصاريف تغذية العشرات من الباحثين عن التخمة، وبعد أن أصبح العرف مجرد أداة في يد أمغار القبيلة لخدمة أجندة سياسية لم تعد تخفى على أحد من أبناء المنطقة، خاصة بعد أن أصبحت معارضة رئيس الجماعة جرما يستحق الإطعام أو الحصار، وبعد أن تقوى أمغار القبيلة لدرجة أن مجموعة من السياسيين أصبحوا يطلبون وده وبعد أن عجزت وزارة الداخلية في شخص ممثلها بالاقليم عن التحرك لوقف مثل هكذا سلوكات، تحركت الساكنة للتعبير عن احتجاجها على هذا الوضع الشاذ ، فقد وقعت مواجهات بين أنصار محكمة أمغار القبيلة و معارضيها و ضحايا أحكامها العرفية ،حيث تبادل الطرفان اللكمات و تقاذفا بالكؤوس وسط السوق الأسبوعي! فبعد أن قصد المتضررون من أحكام أمغار القبيلة الباشوية من أجل طلب تدخل ممثل السلطة المحلية لمنع هذه المحكمة العرفية المبنية على الزرود بالدرجة الأولى، فوجئوا بتحلل المسؤول بالباشوية من مسؤولياته ، حيث عادوا الى السوق،الأمر الذي استفز أنصار أمغار القبيلة فوقعت مواجهات بين الطرفين، لحسن الحظ أنها لم تتطور الى مالا تحمد عقباه، بالرغم من المناوشات و الإصابات الخفيفة بين الجانبين. بعد ذلك نظم عشرات المواطنين من جماعة دير القصيبة وقفة احتجاجية أمام مقر ولاية تادلة أزيلال صباح يوم الاثنين 25 مارس الماضي منددين بالأحكام العرفية التي يصدرها، مطالبين والي الجهة و ووكيل الملك بقصبة تادلة بالتدخل من أجل وضع حد لهذه الممارسات والأحكام المجحفة في نظر هؤلاء المحتجين، كما طالبوا بإلغاء هذه المحكمة العرفية والاكتفاء بمحاكم الدولة القانونية، وسبق لمجموعة من نواب اغصان قبيلة ايت اويرة بالقصيبة أن وجهوا إلى والي جهة تادلة أزيلال و وكيل الملك بقصبة تادلة و رئيس دائرة القصيبة شكاية مرفقة بتوقيعاتهم ضد أمغارالقبيلة ، لكن دون أن تلقى آذانا صاغية ما دفعهم إلى تنفيذ وقفتهم الاحتجاجية بالرغم من كون الوالي وعدهم بحل المشكل بصفة نهائية الا أنه أخلف وعده لهم، حسب قولهم ، الأمر الذي جعلهم ينفذون وقفة احتجاجية بتاريخ التاسع من أبريل أمام المحكمة الابتدائية بقصبة تادلة، ومساء نفس اليوم وقفة احتجاجية أمام رئاسة الدائرة، حيث طلب منهم تسجيل شكاية استعجالية في الموضوع ، مع العلم يقول السكان، أنهم سجلوا مايزيد عن 21 شكاية لدى وكيل الملك لم تحرك لحد الآن! وبتاريخ 21 أبريل تجمع المتضررون من هذه الأحكام العرفية أمام باشوية القصيبة، حيث رفض الباشا استقبالهم ، مؤكدا أن الأمر لايعنيه ، ممازاد من تعقيد الأمور بعد أن خرج أنصار أمغار القبيلة بعد وليمة حضروها، في مسيرة من منطقة تيسي نايت ايكو في اتجاه القصيبة حيث تصدى لها الشباب بالشعارات ، كل هذه المواجهات أنجزت فيها محاضر لدى الضابطة القضائية عند الدرك الملكي، ولاتزال حال الاحتقان الى الآن. «مِؤسسة» أمغار بين العرف والتحريف من أين يستمد أمغار القبيلة قوته هاته؟ هو يستمدها من عرف موغل في التاريخ ، فمؤسسة أمغار تستمد قوتها من القبيلة مجتمعة ، وهي كانت تشكل ملاذا لأبناء القبيلة لفض نزاعاتهم من دون اللجوء الى دار المخزن، وكان أمغار القبيلة يساعده في ذلك طاقمه والمسمى ايمور ويتكون من عضو عن كل قبيلة فرعية، وهم يتكلفون بحل المشاكل المرتبطة بأمور الكلأ والمراعي وتوزيع مياه السقي والحدود الترابية وبعض النزاعات البسيطة، وينبني الحكم على مبدأ الصلح والتنبيه ، الا أن حال أمغار دير القصيبة يختلف عن ذلك العرف الأصيل، فقد شرع في البت في مجالات لا تدخل ضمن اختصاصه، ويعتبر أحكامه ملزمة للجميع ولا مجال لمناقشتها ، بل أصبح يتدخل في الخريطة السياسية باجتهاداته المشبوهة، والتي تساند هذه الجهة دون الأخرى. فهل يسمح الدستور الجديد بهذا الوضع الشاذ، ففي الوقت الذي نتحدث عن العدالة الاجتماعية والحق في المحاكمة العادلة، تطلق أيدي البعض لممارسة ساديتهم ف«أمغار» و من يدورون في فلكه يروجون لإشاعات مفادها أنه معين من طرف المسؤولين ، وأن كل من يخالف تعليماته سيحرر له محضر يتم توقيعه من طرف إيمور و عددهم 51 فردا ، ويقدم هذا المحضر أمام القضاء كحجة قوية ضدهم. و أخيرا ننقل صرخة ذلك الشاب الذي صرخ جهارا بالقول : «نناشد مرة أخرى المسؤولين للتحقيق في هذه المسرحية التي تجري معظم فصولها في تراب جماعة دير القصيبة، أما إذا ثبتت جدوى هذا « الأمغار» فليعلنوه بديلا للمحكمة و للسلطة المحلية ، حينها لن تكون هناك جدوى من المدرسة العليا للإدارة»!