تميزت سنة 2009 بمحاكمة عدد من المنابر الإعلامية المكتوبة، إذ شهدت محكمتي الجنح بالبيضاء والرباط، والمحكمة الإدارية بالرباط، وفي الفترة ذاتها تقريبا، محاكمة مدراء وصحافيين بيوميات الجريدة الأولى وأخبار اليوم والمساء، وأسبوعية المشعل، بتهم "نشر الأخبار الزائفة"بالإضافة إلى "إهانة العلم الوطني"، و"الإخلال بالاحترام الواجب للأمير"، و"نشر ونقل نبأ زائف"، لتكون المرة الأولى التي تشهد فيها المحاكم المغربية متابعة عدد من الصحافيين، في الوقت ذاته. يومية "الجريدة الأولى"، قضي في حق مديرها علي أنوزلا وبوشرى الضوو، صحافية بالجريدة نفسها، ابتدائيا واستئنافيا من طرف الغرفة الجنحية الابتدائية والاستئنافية بالمحكمة الابتدائية بالرباط، بسنة موقوفة التنفيذ، وغرامة قدرها عشرة آلاف درهم في حق علي أنوزلا، وبثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة مالية بخمسة آلاف درهم، في حق بوشرى الضوو. وتوبع علي أنوزلا وبوشرى الضوو من أجل جنحة "نشر نبأ زائف بسوء نية وادعاءات ووقائع غير صحيحة والمشاركة"، طبقا للفصلين 42 و68 من قانون الصحافة . وكانت صحيفة "الجريدة الأولى" نشرت في عددها الصادر بتاريخ 27 غشت 2009 (عدد 394)، مقالا من توقيع الصحافية بوشرى الضوو، حول مرض صاحب الجلالة. أما جريدة "أخبار اليوم"، فتوبعت من خلال ملفين أمام المحكمة الابتدائية في الدارالبيضاء، الأول متعلق ب"إهانة العلم الوطني"، والثاني يتعلق ب"الإخلال بالاحترام الواجب للأمير". إذ أدانت ابتدائية البيضاء، ابتدائيا واستئنافيا، في الملف الأول، توفيق بوعشرين، مدير نشر صحيفة "أخبار اليوم"، وخالد كدار، رسام الكاريكاتور بالصحيفة ذاتها، اللذين توبعا بتهمة "الإخلال بالاحترام الواجب للأمير"، بثلاث سنوات حبسا موقوفة التنفيذ لكل واحد منهما، وأداء غرامة مالية قدرها 50 ألف درهم. كما قضت المحكمة بأداء تعويض معنوي بثلاثة ملايين درهم تضامنا بينهما، ونشر منطوق الحكم بجريدتين بالعربية وجريدتين وطنيتين بالفرنسية على نفقة الظنينين، وتحميلهما صوائر الدعوة. وفي الملف الثاني، توبع توفيق بوعشرين بتهمة "المشاركة في إهانة العلم الوطني"، فيما توبع خالد كدار بتهمة "إهانة العلم الوطني"، وقضت في حقهما الغرفة الجنحية بابتدائية البيضاء بسنة حبسا موقوفة التنفيذ لكل منهما، وغرامة مالية ب 100 آلاف درهم، تضامنا بينهما، وإخلاء مقر اليومية نهائيا. وكانت وزارة الداخلية قررت متابعة صحيفة "أخبار اليوم" والقيام بحجزها، بسبب نشرها في عددها المؤرخ ب 26 و27 شتنبر الماضي، رسما كاريكاتوريا له علاقة باحتفال الأسرة الملكية بحدث له طابع خاص جدا، يتعلق بزفاف صاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل. وفي يوم 28 من دجنبر 2009، أعلن الأستاذ علي الكتاني، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، أن صاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، قرر التنازل عن الحكم الصادر لفائدته من لدن المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء في 30 أكتوبر الماضي، ضد توفيق بوعشرين وخالد كدار. وأوضح الأستاذ الكتاني أن قرار سمو الأمير التنازل عن الحكم الصادر لفائدته يأتي "اعتبارا منه للاعتذار المقدم من طرف السيدين توفيق بوعشرين وخالد كدار". أما جريدة "المساء"، فتوبع مديرها رشيد نيني، وسعيد لعجل، صحافي باليومية نفسها، بتهمة "نشر ونقل نبأ زائف والمشاركة"، وقضي في حق رشيد نيني بثلاثة أشهر حبسا نافذا، وبشهرين حبسا نافذا في حق سعيد لعجل، وأداء غرامة مالية قدرها خمسين ألف درهم بالنسبة لمدير النشر، وثلاثين ألف درهم بالنسبة للصحافي. وتعود أطوار هذا الملف الذي توبع فيه رشيد نيني وسعيد لعجل بمقتضى الفصل 42 من قانون الصحافة، إلى نشر يومية "المساء" مقالا حول ملف أحد مروجي المخدرات يلقب ب (اطريحة)، أشارت فيه إلى نية هذا الأخير الكشف عن اسم أحد المدراء المركزيين بوزارة العدل، له علاقة مع هذا المروج. وبالنسبة لأسبوعية "المشعل"، فتوبعت بدورها في ملفين منفصلين، الأول يتعلق بنشر الأخبار الزائفة، والثاني في ملف عرف ب "ملف جمعية أمحزون موحى أوحمو الزياني". وكانت ابتدائية الرباط واستئنافية سلا، قضتا ابتدائيا واستئنافيا، في حق مدير نشر أسبوعية "المشعل" ادريس شحتان، بسنة سجنا نافذا وغرامة 10 آلاف درهم، والصحافيين مصطفى حيران، ورشيد محاميد، بالأسبوعية نفسها، بثلاث أشهر حبسا نافذا، وغرامة حددت في خمسة ألاف درهم لكل واحد منهما، كما طبقت هيئة المحكمة بطلب من النيابة العامة، الفصل 392 من القانون الجنائي، الذي ينص على الاعتقال الفوري لإدريس شحتان، الذي يوجد رهن الاعتقال بسجن الزاكي سلا، منذ 15 أكتوبر الماضي. والملف الثاني، توبع فيه ادريس شحتان، مدير أسبوعية (المشعل)، إلى جانب مصطفى أعداري، رئيس فرع خنيفرة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وأدين الاثنان من طرف غرفة الجنح بابتدائية البيضاء، بثلاثة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ. كما حكمت المحكمة على المتهمين بأداء غرامة قدرها 5 آلاف درهم لكل واحد منهما، وأدائهما تعويضا مشتركا قيمته 500 ألف درهم. وقررت المحكمة أيضا تبرئة المتهمين من تهمة "السب العلني".