المتتبع لما يجري خلال الشهور الأخير بالمدينة يستنتج أن السلطة المحلية قد التزمت الحياد السلبي لكل مايجري حولها.وأن وظيفتها قد انحصرت في إعداد الوثائق الإدارية التي يحتاجها المواطنون دون العمل عوض السهر على أمن وسلامة المواطنين وتطبيق القوانين.و يمكن رصد ذلك من خلال مجموعة من المشاهد التي أبانت فيها السلطة المحلية عن ارتباك شديد في التعامل معها لأسباب لا يعلمها إلا الراسخون في المسائل الأمنية.وهذه المشاكل سبق لبعض المنابر الإعلامية أن أثارتها سواء المكتوبة أوالإلكترونية كبوابة بني ملال أونلاين. المشهد الأول: البناء العشوائي لازال مستمرا أمام أنظار الجميع لدرجة أن بعض المواطنين اعتبروه مكسبا نظرا لموقف السلطة السلبي من هذه الآفة التي ستؤثر حتما على مستقبل المدينة.فالمواطنون في أمس الحاجة ليدركواأن القوانين تحتاج إلى سلطة لحمايتها من المخربين و الخارجين عن القانون. وقد علمنا مؤخرا أن هناك بعض المحتالين بدأوا يتحركون للنصب على المتورطين في البناء العشوائي لإيهامهم بأن عليهم إنشاء جمعية لتنظيمهم قصد الاعتراف بهم و بالتالي تزويد مبانيهم بالماء والكهرباء وأن عليهم (المتورطين) أن يدفعوا مبالغ مالية كي يدافعوا عن مطالبهم المذكورة آنفا.ولا شك أن هذه مفارقة غريبة تحدث في هذه المدينة التي تراجع فيها تأطير المواطنين إلى حد خطير .فمتى كان الخارجون على القانون يؤسسون جمعيات لحماية "مصالحهم"؟ إضافة إلى ذلك كنا قد حذرنا من تبعات البناء العشوائي.وهاهي أولى النتائج قد بدأت في الظهور إذ تكررت السرقات بالأحياء المجاورة وخصوصا حي الرحمة الذي إصبح سكانه يعيشون في قلق دائم حيث يعمد اللصوص إلى الاختباء داخل الأبنية العشوائية كلما قاموا بعمليات السلب او السطو نظرا لأن رجال الأمن لا يصلون إلى هذه البنايات. المشهد الثاني: استمرار نهب ما تبقى من معمل إيكوزللغزل أمام مرأى الجميع,ناهيك عن الحرائق التي يضرمها المخربون غير مهتمين لثلويث الأحياء المجاورة وكأن أعوان السلطة فقدوا حاسة الشم والبصر معا علما أن ذلك يحدث على بعد أمتار من المقاطعة الأولى.فإذا كانت هناك جهات من مصلحتها الإجهاز على ماتبقى من أنقاض هذا المعمل ,فإن المطلوب من هذه الجهات أ ن تزود هؤلاء المخربين بتجهيزات خاصة للهدم والتخريب دون اللجوء ألى الحرائق و بالتالي تلويث الأجواء بالمدينة. المشهد الثالث: انتشار المخدرات وتزايد أعداد مروجيها أدى إلى تزايد عدد الجرائم الناتجة عن استهلاكها خاصة التي تجري بين المروجين وصلت إلى حد القتل.وآخر ضحايا هذه السلسلة من الجرائم ,هي القاصر التي عثر عليها بين الحياة والموت قبل أن تلفظ أنفاسها داخل المستشفى.ولحد كتابة هذه السطور لا زالت الأمن لم يتوصل إلى مرتكبي هذه الجريمة الشنعاء أمام استياء السكان وتقاعس جهاز الأمن بالمدينة.نتمنى فك لغز هذه الجريمة ومعاقبةالجناة في أقرب الآجال. المشهد الرابع انتشار المشردين بكل أحياء المدينة ,بعضهم استقر به المقام في بعض الأحياء ,لكن على حساب راحة السكان وسلامتهم و لم تكلف السلطة المحلية نفسها في البحث عن الأساليب للتدخل لمساعدة هذه الفئة من المواطنين بالتعاون مع المجلس البلدي. و لعل حالة المشردة بحي الرحمة خير دليل على صحة ما نقول, إذلم تحرك السلطة ساكنا لترحيلها رغم كونها تمثل خطرا محدقا بالسكان و رغم الشكايات المتكررة حول هذا الموضوع. المشهد الخامس: احتلال الملك العام من طرف الباعة المتجولين و" الفراشة" في كل الأحياء مما يكشف عن فوضى عارمة بالمدينة وتعتبر أرصفة شارع 20غشت الأكثر حظا من هذه الفوضى حيث يحتل" الفراشة" الأرصفة في المساءات معرقلين حركة سير المواطنين الراجلين و الراكبين على حد سواء بعد أن تم تجميعهم داخل فضاء السوق الأسبوعي ولم يكتف هؤلاء باحتلال الأرصفة فحسب بل تمادوا لاحتلال الأماكن الخاصة بالسيارات على جانبي الشارع وذلك بوضع عرباتهم أو أي شيء حتى لا يمكن لاي كان أن يركن سيارته ,وأحيانا يتم تحذير أي سائق من طرف هؤلاء كي لا يترك سيارته في هذه الأماكن بدعوى أنه يضايقهم في أرزاقهم. المشهد السادس: لم تسلم المدينة القديمة من هذه الفوضى حيث ينتشر" الفراشة" وبائعو الخضر و الفواكه , والغريب في هذا المشهد هو وجود بعض بائعي الخردة الذين بعثروا متلاشياتهم إلى جانب بعض الخيام والتي يجهل طبيعة نشاط أصحابها هل هي مقاه أو محلات تجارية أو أوكار لبيع الممنوعات؟ كل هذه المناظر المتنافرة تتعايش إلى جانب حديقة بئر أنزران التي تم إصلاحها لتصبح في حلة جديدة,كما أن المواطنين- بحي الزرائب-يتضايقون من طرف بعض الحرفيين حدادين و نجارين وغيرهم.. الذين عمدوا إلى احتلال الطريق العام لممارسة أنشطتهم بسبب ضيق ورشاتهم الشيء الذي يعرقل حركة مرور المواطنين عبر هذه الطرق.إن السلطة المحلية مطالبة بالعمل على إعادة تأثيث فضاءات المدينة القديمة وذلك بإيجاد الحلول لكل هذه المشاكل تنزيلا لتوصيات صاحب الجلالة حيث ركز على أهمية العناية بالمدن العتيقة نظرا لما تحمله من دلالات تاريخية .ولعل إتمام ترميم الواجهة الجنوبية للقصبة الإسماعيلية يندرج في هذا الإطار. المشهد السابع: أصبحت أيام الإضرابات أكثر من أيام العمل بالنسبة لعمال و موظفي بلدية قصبة تادلة -علما أن هذا مشكل وطني-فبعد أن تعبت النقابات- ذات التمثيلية -من الإضرابات بعد اكتشافها أنها عديمة الجدوى,دخلت على الخط ما يسمى بالتنسيقيات لتستمر الإضرابات بشكل لا فت بسبب تنوع هذه التنسيقات,وأمام صمت الوزارة الوصية التي من المفروض أن تنكب على هذا الملف لمعالجته,ضاعت مصالح الموظفين و العمال كما ضاعت مصالح المواطنين وسط هذه المزايدات.إن المواطن لا يمكن أن يلقى هذه المعاملة كلما أراد الحصول على خدمة تخصه خصوصا في هذا الوقت من السنة حيث يتزايد الطلب على مصلحة المصادقة على الوثائق من طرف التلاميذ الذين يرغبون في إعداد ملفات قصد التسجيل في مؤسسات التعليم العالي المختلفة. خلاصة لا بد منها: إن التغلب على الاختلالات المذكورة آنفا ليست مسؤولية السلطة المحلية وحدها ,ولكنها مسؤولية مشتركة بين السلطة وكل ممثلي السكان سواء داخل المجلس البلدي أو مجلس النواب وكذا جمعيات المجتمع المدني.فهل تستطيع السلطة المحلية بصفتها المسؤول الأول, أن تبادر إلى الإشراف على تنطيم لقاء لكل هذه المكونات قصد تحديد المسؤوليات و بالتالي مباشرة التدخل لمعالجة هذه الملفات؟