في بيت من الطين، آيل للسقوط ،تقطن امرأة معاقة في السابعة والثلاثين من عمرها رفقة أبنائها الخمسة .هذه السيدة المعاقة على مستوى بصرها اسمها عائشة نيرو.أواني متسخة ،وعلى الأرض حصير،وأفرشة، أغطية جد رتة ومتسخة ،مبعثرة ،تنام عليها امرأة شديدة البياض قصيرة بعينين جاحظتين وبجانبها صغارها الخمسة ثلاثة أطفال وطفلتان معاقتان مثلها . الزوج كان يشتغل في إحدى الغابات بجبل بونحاس بأغبالة ويقطن هناك ببراكة،وأخذ معه زوجته عائشة ، و أنجب منها طفلين سويين وبنت معاقة على مستوى بصرها هي الكبرى لأمها وعمرها الآن حوالي أربعةعشر أو خمسة عشرة سنة. بعدما كبر الزوج ولم يعد قادرا على العمل، احترف التسول لتوفير القوت لأسرته إلى أن توفي في الغابة، وعادت عائشة مع أطفالها الثلاثة -الذين لايتوفرون على أية وثيقة تحدد هويتهم كما لاتتوفر هي الأخرى على أية وثيقة لتحديد هويتها بمافيها البطاقة الوطنية- لأغبالة واستقرت في منزل قريب من الانهيار تنعدم فيه أبسط الشروط، وبدأت تتسول بأطفالها أمام المسجد . بيد أن حالة الضعف التي توجد عليها وانعدام الأمن بأغبالة ،جعلت المتسكعين والسكارى بالمنطقة ،يجدون فيها فريسة لإرواء نزواتهم مستغلين إعاقتها وصغر أبنائها؛ فبما أن البيت لايتوفر على سقف،والأبواب شبه منعدمة ففي كل مساء،تؤكد عائشة وبعض جيرانها وربيباتها. يقفز المتسكعون بعدما يتأكدوا أن الأطفال ناموا،ويهجمون عليها داخل الغرفة ويغتصبونها ما أدى إلى حملها وإنجابها لطفل غير شرعي،فتوجهت للدرك وعوض أن ينصفها ،تؤكد ربيبتها،فقد نهرهاأحد أفراد الدرك قائلا" واش باقيا عزبا ،واش باقيا صغيرة سير تق.." فقدم أحد جيرانها شكاية إلى الوكيل دون أن يتم إنصافها. اعتقدت عائشة أنها بعد إنجابها سوف لن يعود المتسكعون للهجوم عليها ، لكن ظنها خاب إذ سرعان ماعادوا لعادتهم يقفزون من السطح ويغتصبونها ويفرون، والكارثة أنها حملت مرة ثانية وأنجبت بنت أخرى معاقة.ولم تجد مرة أخرى من ينصفها ، ولازال المتسكعون بأغبالة والسكارى يقفزون من حائطها المهدد بالسقوط،ويفرون، ولازالت معرضة للحمل وإنجاب معاقين. حفيظة ربيبتها وشقيقة أبنائها وهي مطلقة بطفل ولاتتلقى عنه أي واجبات وتقطن في بيت للكراء ،صرحت للجريدة أنها "ذهبت في رمضان الأخير عند قائد أغبالة واستعطفته وترجته أن يمنح الإعانات الرمضانية لأشقائها من أبيها لأنهم يستحقونها، فلم تمنح لهم إلا بمشقة النفس في الوقت الذي توزع بالمحسوبية والزبونية على آخرين،بل الأكثر من ذلك عندما بدأت المنازل الطينية بأغبالة تنهار ،تضيف حفيظة، بدأ القائد يطوف بالأزقة على قاطنيها ويأمرهم بالإفراغ وبناء خيام من البلاستيك ،علما أن مستوى علو الثلج هنا بأغبالة بلغ حوالي متر ،وقد أمر زوجة أبي وأبنائها الخمسة بالإفراغ فرفضت الخروج لأنهم لايتوفرون على مكان آخر يذهبون إليه إلا الله ". ورغم أن أطفال عائشة تجاوزوا سن دخول المدرسة، فلم يلتحقوا لأنهم لايتوفرون على أي وثيقة وعلى مصاريف وهم الآن يدرسون محو الأمية منذ رمضان الأخير لدى جمعية للمعاقين رغم أنهم ليسوا كلهم معاقين .