لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    توقيف سائقي سيارتي أجرة بمدينة طنجة بسبب القيادة بشكل متهور قرب المطار    *بعيدا عن المنطق الاقتصادي: الأسرة تآلف بين القلوب لا تخاصم بين الجيوب    وزارة النقل تؤجل تطبيق معيار "يورو6" على بعض أصناف السيارات    بوطوالة: الأزمة السورية تكشف عن سيناريوهات مأساوية ودور إسرائيل في الفوضى    الحوثيون يعلنون مسؤوليتهم عن هجمات جديدة ضد إسرائيل واستهداف مطار تل أبيب    وليد كبير: الرئيس الموريتاني يستبق مناورات النظام الجزائري ويجري تغييرات في قيادات الجيش والمخابرات    أمريكا: روسيا وراء إسقاط طائرة أذربيجانية    خطة استبقاية قبل ليلة رأس السنة تُمكن من توقيف 55 مرشحاً للهجرة السرية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية مرتقبة بعدة مناطق في المغرب من السبت إلى الإثنين    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    الحكومة ترفع الحد الأدنى للأجر في النشاطات الفلاحية وغير الفلاحية    تراجع كمية مفرغات الصيد البحري بميناء المضيق    استعدادا لرحيل أمانديس.. مجلس مجموعة الجماعات الترابية طنجة-تطوان-الحسيمة للتوزيع يعقد دورة استثنائية    وفاة الرئيس التاريخي لمجموعة "سوزوكي" أوسامو سوزوكي    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    الجولة 16 من الدوري الاحترافي الأول .. الرجاء يرحل إلى بركان بحثا عن مسكن لآلامه والجيش الملكي ينتظر الهدية    نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته ضد الرجاء    منظة تكشف عدد وفيات المهاجرين بين طنجة وإسبانيا خلال 2024    بقنبلة زُرعت في وسادته.. إسرائيل تكشف تفصيل عملية اغتيال إسماعيل هنية    الرئيس الألماني يعلن حل البرلمان ويحدد موعدا لإجراء انتخابات مبكرة    رفض دفوع الناصري وبعيوي يثير غضب المحامين والهيئة تستمع للمتهمين    صديقة خديجة الصديقي تعلن العثور على والد هشام    هل يُجدد لقاء لمجرد بهاني شاكر التعاون بينهما؟    بلغ 4082 طنا.. جمعية تشيد بزيادة إنتاج القنب الهندي المقنن    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الحكمة المغربية بشرى كربوبي تحتل الرتبة الخامسة عالميا والأولى إفريقيا    فوج جديد من المجندين يؤدي القسم    حضور وازن في المهرجان الدولي للسينما و التراث بميدلت    فنانات مغربيات تتفاعلن مع جديد مدونة الأسرة    ما حقيقة اعتزال عامر خان الفن؟    اختتام ناجح للدورة الخامسة لصالون الإلهام الدولي للفن التشكيلي بتارودانت    دوري أبطال افريقيا: تحكيم بوروندي لمباراة الجيش الملكي ومانييما أنيون الكونغولي    الصين تجهز روبوت لاستكشاف القمر    الوداد البيضاوي يعلن تعيين طلال ناطقا رسميا للفريق    لقاء تواصلي حول وضعية الفنان والحقوق المجاورة بالناظور    المصادقة على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الجولة 16.. قمة بين نهضة بركان والرجاء والجيش يطمح لتقليص الفارق مع المتصدر    غوارديولا يتحدث عن إمكانية عقد صفقات جديدة في يناير    بايتاس: إعداد مدونة الأسرة الجديدة مبني على التوجيهات الملكية والنقاش مستمر في مشروع قانون الإضراب    تراجع أسعار الذهب وسط ترقب المستثمرين للاقتصاد الأمريكي    نواب كوريا الجنوبية يعزلون رئيس البلاد المؤقت    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    ارتفاع ليالي المبيت بمؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالرباط ب 4 في المائة عند متم أكتوبر    التحكيم المغربي يحقق إنجازًا عالميًا.. بشرى الكربوبي بين أفضل 5 حكمات في العالم    طعن مسؤول أمني تونسي خلال عملية إيقاف مطلوب للعدالة بتهم الإرهاب    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    علماء: تغير المناخ يزيد الحرارة الخطيرة ب 41 يومًا في 2024    "ما لم يُروَ في تغطية الصحفيين لزلزال الحوز".. قصصٌ توثيقية تهتم بالإنسان    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بني ملال :ندوة بمدرسة الاقتباس عن الأستاذ الراحل الحاج محمد ياسين
نشر في بني ملال أون لاين يوم 27 - 01 - 2016

في جو احتفالي كبير، تقاطرت على مدرسة الاقتباس الخاصة بحي الأطلس ببني ملال أفواج من الأستاذات والأساتذة العاملين بمؤسسات الاقتباس، م عبد الله كنون، م القادري، م أبي القاسم الصومعي، م ابن عربي، م الرائد، م الفضل (2)، محمولين بواسطة سيارات المؤسسات التابعين لها بناء على طلب سابق من نيابة بني ملال تحت إشراف المؤطر التربوي السيد محمد صالح حسينة.
وقد أبى السيد المفتش إلا أن يطلق على هذا اللقاء ندوة "الراحل الحاج محمد ياسين" المدير المؤسس لمجموعة مدارس أبي القاسم الصومعي الخاصة وأحد الوجوه التي أضفت على المشهد السياسي ببني ملال حيوية ونشاطا وتنافسا خلال نهاية السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
وقد ثمن الأستاذ محمد الناصري الفقيه الشهير وإمام مسجد الأطلس هذه الخطوة، وأشاد بمناقب الراحل ياسين الذي يعد موته خسارة للتعليم الخاص، ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر.
وقد ترحم الجميع على الراحل "ياسين محمد الحاج"... وبعد قراءة الفاتحة أعطى السيد الحاج الناصري الانطلاقة الرسمية لهذه الندوة.
لقد نجح الأستاذ محمد صالح حسينة المفتش الممتاز و المتميز بنيابة وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني بني ملال في تحطيم ارقامه القياسية السابقة في ميدان التربية و التكوين مصاحبة و معالجة و تصحيحا و مواكبة ... و أهدافه كانت واضحة و لا غبار عليها إذ انه يسعى الى تحفيز الأساتذة و هذا هو ديدن فلسفته الروحية ، دون نسيان المقصد الرئيس و هو يتمثل في رؤية الفكرة التربوية التي طالما دافع عنها أستاذنا تمشي على الأرض حية ترزق و هي : " كل متعلم قادر على التعلم اذا أتيحت له شروط التعلم الجيد ". أجل يريدها فكرة تزرع في أرض خصبة ذات تربة اعتادت الانتاج الوفير.
لقد امن السيد المفتش و امنا معه بالفكرة الصينية القديمة التي اعتاد الناس سماعها دون الاستماع اليها : " لا تعطني سمكة كل يوم ، و لكن علمني كيف اصطاد السمك " و التي ترجمت من طرف منظمة اليونسكو الى مبدأ تربوي هام و هو : أن يتعلم المتعلم كيف يتعلم .
فالمعرفة التي يتشبث بها البعض اصبحت متجاوزة في ضوء وجود الشبكة العنكبوتية العالمية و الهواتف النقالة و الفضائيات التي تزودك في أي بقعة من بقاع العالم بالخبر اليقين صورة و صوتا و بكيفية مباشرة ... و لهذا يضطر استاذنا الكريم الى تذكير الاستاذات و الاساتذة في القطاعين العام و الخاص ببعض المبادئ الديداكتيكية و الاساليب التربوية و الأسس التعليمية التي يتجاهلها قليل ممن يعرفها حق المعرفة ... في حين لا يشك احد في انها تشكل رأس حربة قوية ليس فقط لاختراقه عالم التربية و التكوين و لكنه كذلك للنجاح في المهمات التي ينيطها هذا القطاع الحيوي لرجل و امرأة التعليم.
1) مبدأ الانصاف : فإذا كان الأستاذ يعتقد أنه عادل و يمارس المساواة و يبتعد عن مزالق الشبهات ما أمكنه ذلك فإن الانصاف كما يقول السيد محمد صالح حسينة فيه كلام، خاصة و أن الناس تعودوا في مجتمعنا المغربي العربي مسايرة القطيع، و معانقة التقليد و التطبيع مع العادة ، و الاستاذ ليس سوى نتاج أبوي، و هو ابن بيئته تتسرب الى ذهنه لا شعوريا سلبيات محيطه و مجتمعه، ويلتقط شعوريا بعض الممارسات الهدامة دون أن يتعاطف معها أو يتقبلها ... فالإنصاف يقتضي الإيمان بتكافؤ الفرص و الحرص عليها و ألا ننطلق من مسلمة الفشل و هي : " جل التلاميذ غير قادرين على المسايرة " و أنهم " لا يمتلكون القدرات الكافية المؤهلة للنجاح في المدرسة " بل من مسلمة الأمل و التفاؤل :
1. الانسان خير بطبعه.
2. تفاءلوا بالخير تجدوه.
3. كل متعلم يملك طاقات كامنة تنتظر التفجير و الاستثمار.
4. الاعتقاد بأن الطفل إيجابي و قادر على إيجاد الحلول الخاصة بمشكلاته الخاصة. فالصبر على المتعلم حتى يتفتح يتطلب تدرجا منهجيا مخططا له بعناية فائقة.
5. فإذا كان عقلي و عقلك مثل مصباح لص لايضيء الا نقطة واحدة في غرفة مظلمة و يركز عليها قبل الانتقال الى أخرى، في حين تبقى بقية الأجزاء مظلمة.
6. عقلي و عقلك مثل مظلة لا يعمل الا اذا انفتح.
7. لا يوجد قسم متجانس بطبعه فكل الفصول الدراسية غير متجانسة لأنها تضم بين ثناياها شخصيات متفاوتة الى حد التناقض في السن/الانتماء ، الطبقي / المستوى الثقافي / الاشباع الغذائي و النفسي...
8. كل طريقة تحمل بين جنباتها سلبيات و ايجابيات و معناه ان التركيز المبالغ فيه على طريقة بعينيها – ولو كانت نشيطة – يصب في مصلحة أطفال و يشكل عائقا لأطفال اخرين.
9. من الواجب أن تكون الطرائق و المناهج هي التي تحوم حول الطفل الا ان يكون الطفل هو الذي يحوم حول برنامج قد ضبط بمعزل عنه... و هذا رأي كلاباريدكما جاء على لسان مفتشنا الجليل.
فإنه من السابق لأوانه اصدار أحكام مسبقة على متعلم ووضعه بدون سند قانوني أو تربوي في خانة المغضوب عليهم و الضالين الذين لا أمل في عودتهم الى جادة الصواب ... فالجاهزية في الأحكام تدين صاحبها قبل أي كان لأنها تنم عن تعصب و جمود و أنانية و ربما قد تكشف عن اسقاط لاشعوري لدى مرسلها الذي أصدرها، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته... و كذلك المتعلم بريء من بعض الإتهامات التي تحاول توريطه فيما لم يرتكبه أبدا.
2) مبدأ التفتح : " التربية هي تحفيز شعلة الفضول أو ايقاظها إذا خمدت " EDGAR MORIN
أشار " كاجان " (1973) في خلاصات دراسته حول أطفال " غواتيمالا " إلى أن النمو المعرفي لا يتوقف في مرحلة الطفولة، و معنى ذلك أن الطفل يتفتح بالتدرج فإذا كانت البيئة (الأسرة – المدرسة – مؤسسات التنشيط – وسائل الاتصال...) ثرية و فعالة و استطاعت ايقاظ شعلة الفضول، فإن التفتح يأتي مبكرا و ينمو الذكاء بكيفية يرضى عنها أساتذة و اباء المتعلمين.... و لكن هذا التفتح قد يأتي متأخرا فننعت الطفل بما ليس فيه حيث يوصف بالفاشل مثلا ....و معلوم أن السقوط لا يعني الفشل و لكن الفشل هو أن تبقى حيث سقطت ... و قد ينعت المربي بالكسول و الكسل ليس صفة لصيقة بالشخصية فلكل جواد كبوة، و لكنه مجرد عرض من الأعراض في رأي " جورج موكو " و علينا الانكباب بتعمق و تركيز على المصادر و الأسباب و ليس على الأعراض يقول الأستاذ المفتش.
3) مبدأ التدرج : حيث وجه الأستاذ المفتش السيدات الأستاذات و السادة الأساتذة الى أن المفهوم لا يقدم دفعة واحدة و إنما على مراحل : البناء ، الترييض ثم الاستثمار و التقويم فالامتدادات ... و عليه فالمفهوم يظهر أثناء تحقيق الهدف (لحظة تحقيق التعلم الأولي) و الهدف = قدرة × محتوى ، أي أن الهدف التعلمي هو قدرة تمارس على محتوى أي أن
المحتوى = هدف / قدرة... لاختبار التحكم في الهدف من خلال التوظيف الأمثل للقدرة (و القدرة نشاط ذهني ثابت )... كما يتضح مدى تمكن المتمدرس من المفهوم لحظة حصول التعلم النهائي أي متى تحققت الكفاية.
وقد توقف السيد محمد صالح حسينة طويلا عند التدرج العمودي أي أن المفهوم يتسع و يكبر و ينمو بمرور السنين ، يأخذ حيزا ضيقا في البداية ثم يتسع و يتطور ليصل الى حجمه الحقيقي تبعا لنضج المتعلم و دافعيته و حركية مباشرة من حواسه و بيئته بشقيها الاجتماعي و الطبيعي... على أن التدرج الرأسي يهم تمدد المصطلح أو المفهوم داخل نفس المادة بالأساس ... و فلسفة هذا التدرج تكمن في الإبقاء على المفهوم حيا لا يطول النسيان بل يدخل في الكفاية الخاصة بالمتعلم سواء أكانت أساسية ام ممتدة.
أما التدرج الأفقي فيعني أن المواد المدرسة في مستوى معين تتكامل بينها و لا تتنافر و هذا هو المفهوم انما ينمو بقوة اذا وجد البيئة الحاضنة له مناسبة تتقبله و ترعاه و تتحاشى كل التناقضات كي يكبر المصطلح مخلصا لكل أوجه استعماله.
4) مبدأ الفهم أو التركيز على المعنى ، فالفهم شرط ضروري للتعلم و لا بد من ربط الدال بالمدلول، و الاستناد الى السياق لتطوير جودة المتعلم في الالتصاق بالموضوع و منحه قوة دافعة للاجتهاد داخل النص و مده ببعد النظر العلمي كي تكون الأفكار منسجمة غير متناقضة ... و هنا لم يجد السيد المؤطر التربوي بديلا عن التذكير بخصائص السوسيوبنائية و هي المدرسة التي تقترح على الأساتذة :
1. التأكيد على السياق فلكل مقام مقال و لكل حادث حديث.
2. تقديم المعارف في سياقات و وضعيات.
3. الحذر من الأفكار المطلقة و الأحكام الجاهزة ، فالفكرة نسبية و الجاهزية ممنوعة.
4. ممارسة النقد البناء و ليس النقد الهدام.
5. بناء المتعلم لمعارف و مواقف و مهارات عوض نقلها جاهزة.
ركز الأستاذ المفتش في مداخلاته على أن مهنة التربية و التكوين كمهنة التطبيب كلاهما يتطلبان صبرا و دراية ، فالصبر هو قيمة تعلو على العدل و تسمو فوق المساواة ، و الدراية هي الموارد و المهارات و المعارف و العلم ... مذكرا بالحديث النبوي الشريف " المؤمن هو الذي يخالط الناس و يصبر على اذاهم " ... و أشار إلى أن التواصل وهو لغة العصر ، أصبح كفاية من كفايات الأستاذ إضافة إلى التخطيط و التدبير و التقويم ...
وأشاد السيد المفتش بالأساتذة الذين يجمعون في نمط تدبيرهم بين الحرص على المردودية و التشبت بالعلاقات الإنسانية بعيدا عن كل تسلط قد يحول الفصل الى جحيم لا يطاق ، و ينقل الحجرة من فضاء يغرس قيم التعاون و التضامن و التعاطف بين جماعة القسم الى ثكنة عسكرية يسود فيها الغالب و تنتهك فيها كرامة الانسان، و تهدر قيمته الشخصية... ساحة للصراع و التحايل و التملق، فضاء تولد فيه الميكيافيلية و يستحوذ مبدؤها الشهير : الغاية تبرر الوسيلة ، و ينتصر فيها مبدأ النفعية و الأنانية " أنا و الطوفان من بعدي " .
المواقف الإيجابية في التواصل :
1. القبول بالاخر كما هو دون محاولة تغييره.
2. اعتبار الاخر مغايرا لك شخصيا ، وعليه فلا بد من احترام هذا الاختلاف.
3. اتخاذ موقف تفهمي مع تفادي اللجوء الى اسلوب التأديب أو اصلاح الاخلاق.
4. الاعتقاد بأن الاخر قادر على إيجاد الحلول الخاصة بمشكلته الشخصية.
وقد استشهد الأستاذ المفتش بقولة الامام الشافعي رحمه الله : " رأيي صواب يحتمل الخطأ و رأي غيري خطأ يحتمل الصواب " ، في هذا الصدد ، كما استحضر فكرة كارل روجرز " عندما أتقبل الاخرين على حقيقتهم يمكنهم أن يتغيروا ، وعندما أتقبل نفسي على حقيقتها يمكنني أن أتغير " .
وقد جاء السيد محمد صالح حسينة بهذين المثالين في سياق دعوته للأساتذة و الأستاذات الى التحلي بجوهر الحوار خاصة و أن المؤسسة التعليمية هي محطة اشعاع في وسطها تؤطر و تعالج و تصحح و تدعم و تقوم المعارف و لكن أيضا توجه و تغير الإتجاهات السلبية و السلوكات المعرقلة للنمو الفكري لدى الأطفال ومحاربة التصرفات المؤسسة للتعصب و الجمود ...نافيا أن يكون التواصل هو (التأسيس للعلاقات الانسانية و العمل على تطويرها) مرادفا للتملق و التساهل و غض الطرف عن الهفوات أو النفاق :( أربع من كن فيه منافقا خالصا : إذا حدث كذب ، و إذا اؤتمن خان ، و إذا عاهد غدر ، و إذا خاصم فجر) .
فالتواصل بمفهومه العلمي يعني الاتصال بين طرفين أو أكثر يدخلون في علاقة تأثير و تأثر ، تفضي في نهاية المطاف الى تفاعل يؤدي الى التماسك و الانسجام بين الأعضاء المتواصلين.
و لكي يمر تيار التواصل بشكل جيد بين المرسل و المرسل اليه (الاستاذ صاحب النص أو رئيس الجماعة) و المرسل اليه (المتعلم أو جماعة القسم) لا بد أن يتم ذلك بشكل تفاعلي مرسل ↔ مرسل اليه...
و لا بد من استحضار حديث المرسل و تمثل مقاصده و معانيه و ألا ينشغل المرسل اليه بإعداد ردود أفعال تجاه خطاب المرسل، و ألا يقرأ في ارساليته الرموز السلبية فقط، بل يقومه بإيجابياته و سلبياته دون الاكتفاء بنصف الكأس الفارغ فحسب ... فالأصل في سوء التواصل هو تواجد شاطئين متنافرين ،و شاطئ الفرد إنما يعني تمثلاته و معتقداته و عاداته و ثقافته.
وحذر السيد المؤطر التربوي الأساتذة من مغبة الخضوع للصوص الطاقة و مهادنة الانهزاميين و السلبيين ، وقد حدد لصوص الطاقة في :
1. الاكتئاب و سوء الهضم و القلق و الاجهاد ... و أن يؤمن المعلم الأستاذ أنه في كل مشكلة تواجهه لا ييأس و لا يقنط ولا يرضخ لحل وحيد .... و ليعلم الأساتذة و الأستاذات أن المفتاح الأخير في سلسلة المفاتيح هو غالبا الذي ينجح في فتح الباب، و استدل على ذلك باية من سورة يوسف : " حتى اذا استيأيححيخأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ".
كما ذكر الأستاذ الفاضل أن هناك مشكلات مستعصية على الحلول المتسرعة التي يتوخاها الشعب في مشرق و مغرب الوطن العربي الكبير و منها :
1. أن فلسفة التربية – في معظم بلداننا – تقوم على أساس أن التعليم في خدمة التنمية ، بمعنى أن يكون هناك ربط بين مخرجات التعليم و سد حاجات المجتمع من الموارد البشرية ، و بالتالي فالتركيز كان دائما يتجه نحو رصد أطر صالحة للمجتمع – وهو الغالب – بينما تم اهمال الربط بين التعليم و الثقافة و الفكر و متطلبات التغيير الاجتماعي .
2. التربية في العالم العربي – بما فيها التربية التعليمية – لا زالت بعيدة عن الوظائف الأساسية للتربية بمعناها النمائي التطوري للشخصية الانسانية . أي المساهمة بكيفية حاسمة في التغيير و التجديد النوعي و نشر قيم الديمقراطية و العدالة و الحرية و المساواة و التفكير في المستقبل ، و حرية الرأي....وهي تقترب أكثر (أي التربية العربية ) من النموذج المتمركز حول الطاعة المطلقة العمياء ، و المحافظة على النسق القائم مع قليل من التعديل و التكييف.
3. الاصلاح في الوطن العربي يعد مشكلة من المشاكل المزمنة لأنه لا ينبع من قناعات خاصة متفق عليها بالأغلبية، ولا يأتي نتيجة دراسات و أبحاث و تشخيصات دقيقة ، و انما بندرج في اطار ارضاء انتقادات سماسرة الشركات متعددة الجنسيات ، و اللوبيات المحتكرة للأسواق الاقتصادية ، وأنصار " عولمة العالم و نهاية التربية " ، و أرباب الاقتصاد و المال بما في ذلك صندوق النقد الدولي و البنك الدولي و منظمة التجارة العالمية .... كما يندرج الاصلاح في خانة جبر خاطر الليبراليين الجدد " ، و اللذين يحنون الى الاستعمار اللغوي و هم غارقون في استعمار فكري من الأذنين الى أخمص القدمين .
وقد ثمن مفتشنا الكريم خطوات وزارة التربية الوطنية و التكوين المهني ، و أشاد بخطة المجلس الأعلى للتعليم في رؤيتهما الاستراتيجيتين لانقاذ المدرسة المغربية من السكتة القلبية ، لكنه لا يطمئن الى قيادة التغيير مادامت العناصر المسؤولة عن سلسلة من الاخفاقات السابقة هي نفسها المستحوذة على فرض تصوراتها لحد الساعة .
و أكد السيد المفتش أنه يخاف أن تكون الأمور وسدت لغير أهلها ، و إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة ... والساعة هنا – حسب الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله – لا تعني القيادة الكبرى بل ساعة شعب ( أي نهايته و دماره ) .
و مع ذلك شدد المفتش حسينة على ضرورة انخراط الجميع في هذا الاصلاح و ممارسة التقويم و التصحيح من داخل النسق .... و حظوظ نجاح هذه التجربة الجديدة كبيرة اذا كانت المواكبة مسترسلة ، و تم تفادي ارتكاب نفس أخطا تنزيل الميثاق الوطني للتربية و التكوين (تغييب الموارد و استبعاد التحفيز ) أو البرنامج الاستعجالي (غياب الحكامة و النجاعة ).
4. ان مايشهده العالم من ثورات إعلامية علمية تقنية اقتصادية تكنولوجية ، و تغيرات متسارعة في شتى المجالات الاجتماعية و المعرفية جعلت العالم كله يمر بأوقات حرجة ، و مارست ضغطا شديدا على التعليم يدفع في اتجاه تغيير المجتمعات ، و ليعمل على مجاراة التطورات و يبدأ بنفسه ، و ذلك بتعديل أهدافه و نزع جلدته الخارجية التي لم تعد تروق لأحد.
5. الثورات التي انفجرت في عهد العولمة قد تكون أسبابا أو نتائج لهذه الظاهرة التي قال عنها الدكتور عبد الله عبد الدائم (شؤون عربية عدد 101) : ان العولمة تكاد تجمع جميع صفات العصر الحديث و ذلك في سياق حديثه عن التربية و هو يؤكد : إذا كانت العولمة تكاد تجمع جميع صفات العصر الحديث فإن المرونة تكاد تجمع جميع صفات التربية الحديثة. و قد لاحظ كثير من المختصين في شؤون التربية و التكوين عربيا و عالميا أن هذه الثورات طرحت مجموعة من التوترات فرضتها على الأنظمة التربوية في مطلع القرن الحادي و العشرين وهي:
v التوتر بين العالمي و المحلي
v التوتر بين الكلي و الخصوصي
v التوتر بين المدى الطويل و المدي القصير
v التوتر بين الحاجة الى التنافس و الحرص على تكافؤ الفرص
v التوتر بين التوسع الهائل للمعارف و قدرة الانسان على استيعابها.
6. الكتلة المثقفة في العالم العربي انسحبت من " سباق الاصلاح " بسبب عدم تجديد دمائها ، فالبعض قضى نحبه ، و البعض الاخر ينتظر ، وهناك فئة هرمت لم تعد قادرة على الانتاج الفكري ، أو رفع راية القيادة كما نجد مجموعة أخرى تمارس الاصلاح على مقاسها ، و هناك أطراف اخرى امتصت السلطة او الجاه كل طاقاتها فأصبحت تمارس " السلبية – العدوانية " في واضحة النهار ، و تقمصت أدوار " الإمعة – اللامبالية " ، و حتى اذا ساهمت فهي لن تفعل ذلك الا من زاوية الحفاظ على الكرسي و المصلحة و التميز العائلي و الشخصي ... ز كل ذلك أدى الى تفكك المجتمع و نجح " الاستعمار الفكري" في فرض رؤيته عندما أوهمنا انه لا تعاون بين الذئب و الشاة في توجيه جديد لمبدأ قديم " فرق تسد " ... كان ذلك في تحذيره للملوك العرب كي لا يتحدوا مع الرؤساء لأن مثل هذا الإتحاد سينتهي بانقلاب ...و اليوم تبقى نفس الفكرة سائدة و لكن بين الشعوب كي لا تتكتل ، و داخل كل دولة على حدة يسود التوجس و الخوف و الأوهام بين الطبقات و الناس عامة ، و ينتصر الانشقاق و الاختلاف ، فهذا اسلامي معتدل ، و ذاك سلفي متزمت ، و الاخر ارهابي متطرف ، ناهيك عن القومي / العروبي / العلماني / الأمازيغي / اللائكي / الاشتراكي ، الشيوعي .
و تناسلت الاحزاب و النقابات و الجمعيات التي لا رؤية لها و لا مشروع تحمله اللهم من ردود الافعال في بعض المناسبات ، و الاكتفاء بالدفاع عن المكتسبات و الخصوصيات و انتظار " الدعم الحكومي " ومحاربة الكفاءات و الطاقات التي لا تشاطرها قناعاتها و هي منظمات ينسحب عليها ما قاله المفكر السوري جورج ط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.