قد يقف كل متتبع لمختلف الجلسات الثلاث لمجلس جماعة القصيبة برسم دورة أكتوبر 2015، ليخلص بكل بساطة إلى أن تلك الدورة الموصوفة بالعادية قانونيا لا يمكن وصفها إجرائيا وتدبيريا إلا بغير العادية، لا لكونها جاءت كدورة افتتاح الولاية الجماعية الجديدة في سياق مرحلة انتقالية التي من مقتضياتها العمل بالقواعد والمراسيم التنظيمية الجاري بها العمل في انتظار إصدار الجديدة منها طبقا لما ينص عليه القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات المحلية، ولكن بما اتسمت به من اختلالات بليغة، فوتت عن المجلس خلالها أهم عناصر ومقومات العمل الجماعي وأبرز آليات تقويته من أجل بلوغ وتحقيق أحسن أداء لفائدة الجماعة وسكانها، وفي مقدمة ذلك عنصر التوافق على قواعد الحكامة الأساسية المشتركة للعمل ، كعنصر معبر عن أسمى مظاهر ومعاني الديمقراطية تبعا لما تفرزه من أغلبية ومعارضة، إنه التوافق الذي غاب في اعتماد النظام الداخلي للمجلس، والذي اعتراه نقص صارخ بعدم تنصيصه على ما تقتضيه المادة 215 من القانون التنظيمي حول تشكيل لجان التقصي، كآلية عمل لترسيخ الشفافية وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما تشوبه اختلالات ونواقض من قبيل جعل الحد الأدنى القانوني لعدد أعضاء كل لجنة دائمة هو السقف والحد الأقصى، مما جعل عدد من أعضاء المجلس بدون عضوية في أية لجنة من اللجان، كما أضيفت شؤون الثقافة والرياضة للجنة حصر القانون التنظيمي اسمها تحديدا بلجنة المرافق العمومية والخدمات ( المادة 25 من القانون التنظيمي). وتأتي جلسة مناقشة الميزانية، كأهم نقطة في جدول أعمالها، لتكتمل صورة عدم عادية الدورة، حيث كان من المنتظر أن يعد مشروع الميزانية لسنة 2016 بناء على رؤية واقعية واضحة المعالم، يتم من خلالها رصد كامل إمكانيات الجماعة ومواردها الحقيقية بهدف تطويرها وتنميتها وترشيدها من أجل التلبية والاستجابة لحاجات المدينة وسكانها، مع ضرورة استحضار أفق بلورة برنامج عمل الجماعة لتحقيق أولى انتظارات وتطلعات السكان في مختلف مجالات الحياة. إلا أن المفاجأة لا تكمن فقط في غياب تلك الرؤية، بل جاءت ورقة مشروع الميزانية طاعنة في أول مبدأ أساسي من المبادئ المحددة لصياغة مشروع الميزانية، وهو صدقية ودقة الحسابات المالية للجماعة، حيث تم تسجيل عدم مطابقة عدد من الأرقام المالية لسنة 2014 الواردة في ورقة مشروع الميزانية مع حصيلة السنة المالية لنفس السنة والمحصورة كاملة بحسابها الإداري. الأمر الذي فرض موقف المطالبة بإعادة إعداد مشروع الميزانية من الأصل، لأنه لا يستقيم مناقشة الورقة المقدمة، وهي قد بنيت على أرقام ومعطيات خاطئة، وبالتالي خطأ تقديراتها، باعتبار أن صدقية ودقة المعطيات هي أساس عملية التقدير التي هي شرط التصرف السليم، لكونها تحول دون التصرف الارتجالي، الذي زاد ظهور أول بوادره للأسف الشديد في هذه الجلسة، خاصة عند الغياب والغموض الذي اعترى الجزء الثاني من الميزانية، والذي يتعلق بمجال التجهيز. هذا وقد اختتمت الدورة على تلك الإيقاعات للأسف الشديد، وذلك بالرغم كل الملاحظات المقدمة وكل التنبيهات الموجهة بشأن كل الاختلالات المذكورة وغيرها. وأمام هذا الوضع، فإنه لا مناص من وقفة تأمل وتصحيح في اتجاه خلق جو التعاون وتضافر الجهود، قوامه تناصح الحقيقة والصراحة من أجل تحقيق وإنجاز إضافة ذات قيمة نوعية للجماعة، والتي لازالت ضمن صدارة الأولويات المنتظرة من طرف سكان المدينة الأحرار الأخيار. وهي أولويات يمكن تحديد إجمالها فيما يلي: v تأهيل الموارد البشرية للجماعة وتحفيزها من أجل تجويد الخدمات المقدمة للسكان. v إحداث ملحقة إدارية للجماعة وسط المدينة لتقريب خدمات الحصول على وثائق نسخ عقود الازدياد والمصادقة وتصحيح الإمضاءات طيلة أيام الأسبوع، بما فيها يومي السبت والأحد. v تعزيز وصيانة التجهيزات والبنيات الأساسية، وتفعيل مقررات إنشاء مرافق ومؤسسات عمومية، وإحداث جديدة في إطار شراكات تكون في مستوى الاستجابة لحاجات وتطلعات سكان الجماعة. v النهوض الفعال بمجالات الثقافة والتربية والفن والرياضة، من خلال الشراكة ودعم وتشجيع العمل الجمعوي الجاد، بتوفير الإمكانات والمرافق الضرورية لذلك، من قبيل إحداث خزانة وسائطية والنادي الرياضي للقصيبة كإطار ومدرسة لمختلف أهم الرياضات، وفي مقدمتها كرة القدم من خلال إحياء وتنشيط دوري بطولة وكأس فرق الأحياء بالمدينة . v العناية بالبيئة وبالمساحات الخضراء وإنشاء فضاءات تتوفر على متنفسات القرب للأطفال، واستكمال ورش تبليط الأزقة ليشمل جميع الأحياء على مستوى المدينة بجودة الأشغال، وتأهيل مصطاف تاغبلوت لجعله قطب جذب سياحي متميز. v تجويد خدمات التنظيم والأمن والإنارة والنظافة وحفظ الصحة، من أجل مدينة منظمة آمنة مضيئة ونظيفة. لذا، وبمقتضى المسؤولية وفي إطار الاحترام التام للقانون، لا بد من مواصلة التواصل العمومي الجاد والإيجابي والمثمر للرقي بمستوى التتبع والاهتمام الحقيقي بتدبير شؤون الجماعة في مختلف اختصاصاتها، وذلك كله على أساس: الاحترام قائم وقول الحق بالعمل واجب دائم.