بدأ العد العكسي للزمن الانتخابي،فصرنا على مشارف واجب اتخاذ الجميع لقرار الانخراط اللازم في فضاءات الحياة السياسية.فلامناص من هذا الواجب السياسي في ظل مقتضيات دستورنا الواعد على مختلف المستويات... الانخراط في الحياة السياسية يحصل بالاستفادة من التأطير داخل مؤسسات حزبية في إطار قوانينها الأساسية وأنظمتها الداخلية،أو من خلال التتبع للشأن المحلي والوطني عبر قنوات تواصلية متعددة، لينتهي الأمر بالتسجيل في اللوائح الانتخابية للانتخاب والتصويت أيام الاقتراع... التأطير في كنف المؤسسات الحزبية مهمة تقتضي ثنائية الإقناع والاقتناع، إلا أن الواقع الحزبي في بلادنا يكاد يفتقر لضوابط توظيف وفرة أساليب الإقناع بالأهمية المركزية لمزاولة العمل السياسي،فقنوات التواصل لدى أغلب الأحزاب بين الشخصيات السياسية والمواطن تظل شبه معطلة بينما لانفعل إلا خلال المواسم الانتخابية بل وبشكل محتشم. يعد تراكم رواسب التصرفات السياسية على مر العقود السالفة، ومحدودية تأثيرات الشخصية السياسية في الحياة اليومية للمواطن ، والانسحاب الاضطراري للنخب السياسية من الساحة السياسية من ضمن العوامل التي حالت وبشكل بليغ دون توصل الهيئات السياسية إلى إقناع مختلف الفئات بالمشاركة السياسية... التجارب الانتخابية الماضية ظلت تشهد ظواهر شاذة فيما يتعلق بالمعرفة والسلوك السياسيين ، ولم تكن تعالج في حينها بما يناسب القضاء عليها، مما أفرز قناعات زائفة كرست قيم الانتهازية والوصولية وخيار العزوف والحياد... إن الأحزاب السياسية ببلادنا مدعوة اليوم أكثر مما سبق لاستقطاب الشباب وتأطيرهم في أجواء ديمقراطية داخلية محفزة، لأن هذا كفيل بخلق شخصيات سياسية متمرسة في صنع القرارات والمثابرة من أجل التغيير وقادرة على استشراف المستقبل بناء على أسس التحدي العلمية والموضوعية... لإنجاح المجهود السياسي ينبغي نهج سياسات رسمية تستهدف القضاء نهائيا وبلا هوادة على مختلف الممارسات المسيئة للمفهوم السياسي وتجلياته،هذا التصرف قد يشجع الكل على العودة إلى رحاب السياسة والتصالح معها قصد الإبداع في فضاءاتها بتوظيف الخبرات والكفاءات والمهارات اللازمة لقيادة قطار التنمية...