نكتة : }طلب موظف حكومي كثير الارتشاء من ابنيه نتيجة الامتحان النهائية ،فقال لأكبرهما بعد اطلاعه على نتيجته الكارثية : أغرب عن وجهي الآن واحرص على أن تنال نتيجة أحسن السنة المقبلة ، ونادى الأصغر – الذي كانت نتيجته أحسن بكثير من أخيه الأكبر – فأنزل به عقابا شديدا وأنذره وتوعده ، فسأل الإبن الأصغر أخاه الأكبر عن السر في عدم تعرضه للعقاب ، فأجابه : لقد وضعت في الظرف – إلى جانب النتيجة – خمسين درهما .{ في تعريف النكتة : نُكتة: ( اسم ) والجمع : نُكُتات و نُكْتات و نِكات و نُكَت النُّكْتَةُ : الأَثَرُ الحاصلُ من نَكْتِ الأَرض النُّكْتَةُ : النُّقْطَةُ في الشيء تخالف لَوْنَه النُّكْتَةُ : العلامةُ الخفيَّة النُّكْتَةُ : الفكرةُ اللطيفة المؤثِّرَة في النفس النُّكْتَةُ : المسأَلةُ العلميَّةُ الدَّقيقةُ يُتَوصَّلُ إِليها بدقَّة وإِنعامِ فِكْر النُّكْتَةُ : شِبْهُ وسَخٍ في المِرآة أَو السَّيف النُّكْتَةُ : شِبْهُ وَقْرَةٍ في قَرْنيَّةِ العين ، يسميها العامة : نقطة مليح النُّكتة : يرسل النُّكتة من بديهة حاضرة (المعجم الوسيط) وقد عرفها ابن تيمية بقوله :" إنه شيء من قول أو فعل يقصد به غالبا الضحك وإدخال السرور على النفس، وينظر في حكمها إلى القصد منها وإلى أسلوبها، فإن كان المقصود بها استهزاء أو تحقير مثلا، كانت ممنوعة، وإلا فلا، وهي تلتقي مع المزاح في المعنى، وقد كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يمزح ولا يقول إلا حقا، ومن حوادثه أن رجلا "قال له: احملني على بعير، فقال: "بل نحملك على ابن البعير، فقال: ما أصنع به؟ إنه لا يحملني، فقال (صلى الله عليه وسلم): ما من بعير إلا وهو ابن بعير"، رواه أبو داود والترمذي وصححه. كما عرفه الفيلسوف الفرنسي "هنري برجسون" بقوله: لا مضحك إلا ما هو إنساني، والنكتة هي محاولة قهر القهر.. وهتاف الصامتين.. إنها نزهة في المقهور والمكبوت والمسكوت عنه." ،وعرفها عَالِم النَّفس الشَّهير «فرويد» بما يلي: (إنَّ النُّكتَة هي ضَرب مِن القَصد الشُّعوري والعمَلي، يَلجأ إليهِ المَرء في المُجتَمَع؛ ليعفِي نَفسه مِن أعبَاء الوَاجِبَات الثَّقيلة، ويَتحلّل مِن الحَرَج الذي يُوقعه فِيهِ الجدّ، ومُتطلّبات العَمَل...). أما رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي فيقول : "من يريد النكتة في العالم العربي فعليه ألا ينظر إلى الكاريكاتير، بل إلى الواقع السياسي العربي". يمكن اعتبار النكتة مظهرا من مظاهر الأدب الشعبي ، ولونا من ألوان القصة القصيرة جدا، فهي مجموعة من الكلمات المتسلسلة التي قد لا تتجاوز الجملة الواحدة معتمدة أسلوب التكثيف الشديد ، متضمنة بداية ونهاية تجمع بينهما حبكة حكائية قد تكون منطقية وقد تكون غير ذلك ، حاملة فكرة عميقة مؤدية معنى واضحا ،وقادرة على النفاذ إلى الأفئدة وخصوصا إلى الأفهام ، وموجبة للضحك والانشراح وتفريج الهموم وإن بصورة مؤقتة ،لما تتضمنه من عناصر المفارقة والمفاجأة والغرابة التي تسبب شعورا بالاندهاش المقترن بالمتعة والارتياح والذي يعبر عنه بالضحك ، الذي يخلق لدى صاحبه شحنة إيجابية . وبخصوص مصدر النكتة فهي مجهولة المؤلف ولا يمكن التحكم في مصادرها ولا في وثيرة رواجها ،وبالتالي فإنها تعبر عن موقف جماعي لفئة عريضة من الناس ،صيغ بلغة عامية ومفردات بسيطة ومكثفة لتصوير المفارقات التي يحبل بها المجتمع ،وهي سهلة الانتشار رغم أنها وثيقة غير مدونة تعوض إلى حد بعيد المقالات والخطب والتحليلات المتخصصة ، وتعبر عن آراء ومشاعر ومواقف أصحابها دون تحديد هوياتهم ومن ثمة عدم تعريضهم للمتابعة والإدانة . وتمثل النكتة على كل حال وسيلة من وسائل الهزل والضحك ووسيلة للترفيه عن النفس وتخليصها من همومها ، وآلية للإفصاح عن الأحاسيس والأفكار المحرمة والممنوعة والمكبوتة . ويشكل العامل السياسي أقوى الدوافع والحوافز وراء إبداع النكت وترويجها بسبب الظلم والاستبداد والقهر والتفاوت الطبقي الفاحش والقمع والعنف والمنع ومصادرة الحريات والتضييق على الرأي في الأنظمة الشمولية المستبدة ، وعليه تشكل النكتة السياسية أفتك سلاح تواجه به الأغلبية المستضعفة التي لا حول لها ولا طول الأقلية القوية المستعلية ، فقد تذبح النكتة دون أن تجرح لذلك يخشى العديد من السياسيين وأصحاب القرار النكتة ويحاولون تفاديها ، وعلى النقيض من ذلك قد تشكل النكتة بكاء ونحيبا مغلفا بالضحك على واقع نصبو إليه ولا قدرة لنا على تحقيقه ،فنعيد إنتاجه في صورة هزلية وتعبير كاريكاتوري ، وبذلك يتم تحويل العجز إلى قوة وتعال وسخرية من مصدر القوة والقهر والعنف المسلط على رقابنا ، ويكون التعبير عن ذلك لا بالجهر ولكن بما يخفى كالترميز والإشارة والإيحاء ،أو بتداولها في ما يشبه الدهاليز والأنفاق التي تستر مروجيها أو في الأماكن المغلقة والمغلفة بالحيطة والحذر والخوف والريبة والتوجس واقتناص ضحكة عابرة لا تغير من الواقع قيد فتيل . في وظيفة النكتة : النكتة السياسية كالعملة النقدية لها وجهان مختلفان ،بل وجهان متناقضان فقد تعبر النكتة عن غضب منضبط من الفساد والاستبداد ومقارعة سلمية له ، كما تعبر على النقيض من ذلك عن التطبيع مع الاستبداد و مساندته وإطالة حياته والتمكين له . فالنكتة السياسية في أحلك فترات الظلم والاستبداد تشكل مرآة صقيلة تعكس حالة الخمول العامة وتردي واقع الحرية وارتفاع منسوب القهر السياسي ،كما تشكل صورة سلمية لمواجهة الظلم بعد ضبط الغضب والتحكم في السخط ،ومحاولة إظهار الرفض والتخلص من التقوقع والسلبية والعدمية والانكفاء ،كما تعبر النكتة عن وعي شعبي بفساد النخبة السياسية الحاكمة ،وضرورة تغيير الأوضاع الرديئة التي يكتوي بلظاها العامة ،فوظيفة النكتة في البدء كانت بث رسائل الاحتجاج ، وبعدها إضحاك الناس والتواطؤ معهم لسرقة لحظات بهجة وحبور قصيرة .ومما يزيد خطورة النكتة السياسية قدرتها "الخارقة" على اختراق الفئات الشعبية ،وتعرية الواقع الموبوء أمامها وكشف وجهه القبيح وروحه الشريرة ،فتغدو مجهرا فاضحا للسوء مبينا حقيقة الأمور ومواطن الانحراف والخلل، ويلاحظ زيادة حضور النكتة السياسية بقدر غياب حرية التعبير وتزيد بالتبعية درجة السخرية في النكتة وقتامتها ،وقد تجلى ذلك خلال سنوات الجمر والرصاص.