تعتبر الشفافية خاصية من خصائص الحكامة، وعنصرا من العناصر التي يجب أن يتأسس عليها التدبير الجيد للشأن العام المحلي. وتشتق الشفافية من فعل شف أي شيء جد رقيق يرى ما خلفه و لا يحجب ما وراءه وإذا كان المفهوم الغربي لمبدأ الشفافية في الإدارات العمومية هو اعتبارها بمثابة "صناديق من زجاج"، تتيح للمواطنين التتبع بوضوح لطريقة تسيير الشأن العام من قبل المسؤولين وأصحاب القرار والفاعلين ومن ثمة مراقبتهم وتقييمهم فيما بعد والوصول إلى نتائج معينة يمكن الوقوف عليها في المحطات الانتخابية اللاحقة. هذا المفهومغائب في الثقافة التدبيرية المغربية، حيث أن المواطن مازال خاضع للسلطة العمومية وللمنتخب الذي يتحكم فيه وفي قدرته المعيشية ووضعيته الاجتماعية، في حين أن الصواب والمنطق يؤكد أن تكون الإدارة والمنتخب هي الخاضعة لسلطة المواطن ومتأثرة بتطلعاته. والشفافية ترتبط وجودا وعدما بالمساءلة، لذا فبغياب الشفافية تغيب المساءلة ويترعرع وينمو الفساد الإداري والمالي بشتى صوره وأشكاله. فالإدارة المحلية ببلادنا مازالت تعاني من بعضأشكال السرية وعدم الوضوح ابتداء من الحملات الانتخابية مرورا بالتسيير الإداري والمالي وغيرها من الأمور التي يمكن أن تمر دون رقابة. فالشفافية المرجوة تساهم بشكل جلي في تعزيز الديمقراطية المحلية وترسيخ المفهوم الجديد للسلطة والحكامة المنشودة. ومبادئ الحكامة الجيدة تفرض وجود تواصل متبادلبين المسؤولين عن الشأن المحلي وبين المواطنين وذلك سيرسخ لثقافة جديدة سمتها الأساسية الثقة وتكريس الديمقراطية المحلية. وفي هذا الإطار يتوفر المسؤولين على عدة طرق للتواصل مع المواطنين إما بشكل غير مباشر، عبر الإذاعة والتلفزة والجرائد والمجلات والدوريات والوسائل الالكترونية وغيرها، أو بطريقة مباشرة بالاتصال المباشر بالسكان المحليين خصوصا المناطق المهمشة، وذلك بتنظيم لقاءات دورية منتظمة لتدارس مشاكل السكان وإكراهاتهم والصعوبات التي يجدونها لولوج مرافق الجماعة، وكذا التعرف على طموحاتهم وتطلعاتهم ومحاولة برمجتها وإخراجها إلى حيز الوجود لأن وجود هؤلاء المنتخبين جاء بتصويت من المواطنين. وما نتطلع إليه اليوم هو تمكين المواطنين منسحب العضوية من المنتخب في حال لم يقم بدوره الفعال الذي من أجله صوتوا عليه،لان الذي يجمع بينالناخبوالمنتخب هو بمثابة عقد جماعي كامل الأركان (و وعود انتخابية) على هذا الأخير احترامه وإلا فيحق فسخه، وهذا الإجراء لاشك أنه يعتبر شكلا من أشكال الديمقراطية المباشرة التي ستجعل المنتخبين يعملون بجد على طول سنوات انتخابهم وليس فقط في فترة ما قبل نهاية ولايتهم ليضمنوا تصويت المواطنين مجددا.