زميلنا علي أنوزلا في محنة. أمس اعتقل في الساعات الألى من الصباح في منزله بالرباط. ثم صدر بلاغ الوكيل العام للملك يقول إنه تم توقيف علي أنوزلا من أجل التحقيف معه "على إثر نشر الموقع الإلكتروني (لكم.كوم) شريطا منسوبا إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تضمن دعوة صريحة وتحريضا مباشرا على ارتكاب أفعال إرهابية بالمملكة". واجبنا المهني يقتضي منا التضامن مع زملاء المهنة، والدفاع عن حقهم في محاكمة عادلة وفق القانون وروحه، مثلهم مثل أي مواطن كيفما كانت مهنته، فلا أحد فوق القانون، ولا أحد تحت القانون. التحقيقات مع الزميل لم تنته بعد...ولم توجه ليه بعد أية تهمة، وأتمنى ألا يصب أحد الزيت فرق النار، وأن يتحلى الجميع بالحكمة والروية والاتزان، فاعتقال صحافي خبر سيء مهما كانت الأسباب والمسببات. الارهاب مدان، هذا لا نقاش فيه، وحاملو القلم هم أول من يدافع عن للحق في الحياة، وعن نبذ العنف ولكراهية والتحريض على القتل، لكن مع كل هذا بيان النيابة العامة، أي سلطة الاتهام، يحتاج إلى نقاش دقيق علمي وقانوني بعيدا عن حرارة الحادث وحساسية الملابسات التي تحيط بالملف، سألت يمينا ويسارا هل هناك مبررات أخرى غير معلنة وراء اعتقال الزميل، فقيل لي لا توجد هناك أية مبررات أخرى عدا ما هو منشور غي بلاغ الوكيل العام للملك. هل موقع لكم.كوم نشر شريطا منسوبا الى تنظيم القاعدة بنية الدعاية له ترويج مضامينه وتحريض الجمهور على ممارسة العنف؟ هذا سؤال دقيق وخطير في الآن نفسه. النشر الإلكتروني يا سيادة الوكيل العام للملك بالرباط يختلف كليا عن النشر الورقي تقنيا وتحريريا وقانونيا، ولهذا وجب الحذر من العتميم. الموقع المذكور لم ينشر فيديو القاعدة ولم يحمل مادته في "سيرفور الموقع" وكان ذلك متاحا له، على اعتبار أن الشريط كان متوفرا على قناة يوتوب قبل حذفه، بل إن موقع "لكم.كوم" نشر "رابطا" (un lien) مع خبر صدور الشريط، وهذا الرابط يحيل على مقال آخر للصحافي الإسباني في جريدة "ألباييس"، إغناسيو سامبريرو حول لموضوع، وهذا بدوره يحيل على رابط ثاني يقودك، إن ضغطت فوقه، الى فيديو القاعدة، ... هنا تقول القاعدة الجنائية، "إن الشك يفسر لصالح المتهم"، خصوصا إذا قال زميلنا، علي أنوزلا، أثناء التحقيق إن نيته كانت منصرفة إلى الإحالة على المقال، وليس على الفيديو... فالموقع معروف، وليس من خط تحريره الدفاع عن الإرهاب أو ترويج العنف، وحتى الذين يختلفون مع صاحب الموقع ومواقفه وآرائه لم يتهموه قط بترويج الإرهاب أو التحريض على العنف ... موقع الزميل علي أنوزلا لم ينشر فيديو في ملكيته أو من إعداده أو من تأليفه ... بل أحال على رابط لمقال آخر لجريدة... نعم، كان ضمن المقال الثاني للفيديو اللعين، لكن الإشارة إليه هنا كانت معلنة وليست محدثة. كاشفة وليست مؤسسة، وإذا أخذنا بحسن النية، ف"النشر" هنا قد يكون للتنبيه والتحذير وليس بالضرورة للإشادة والترويج. ثم إن فيديو القاعدة المتهافت موجود في مواقع التواصل الاجتماعي والذين اطلعوا عليه في هذه المواقع أضعاف أضعاف من روأوه على موقع "ألباييس" قادمين من موقع "لكم.كوم"، ثانيا هناك فراغ قانوني كبير في بلادنا وفي حال بلدان العالم في ما يخص "النشر الإلكتروني"، وهذا الفراغ يجب أن يضعه الوكيل العام للملك أمامه وهو يقوم بالملاءمة وتوجيه الاتهام...فالقاعدة أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، والنص هنا غائب والرجوع إلى ما سواه عملية معقدة وتحتاج إلى أدلة قوية وبراهين قاطعة. نشر أقوال وتهديدات العدو في وسائل الإعلام الوطنية، نقاش قديم في أوربا وأمريكا، اللتين سبتقتانا إلى الإعلام وإشكالاته.أيام كان هتلر يقصف لندن طيلة الليل التي كانت إذاعة "bbc" تذيع خطب الزعيم التازي، وكان البعض يلوم الإذاعة العريقة متهما إياها بمساعدة هتلر، هو يقصف الإنجليز بالليل، و"bbc" تقصفهم بالنهار، وكانت وجهة نظر إدارة تحريرها تقول:" الإنجليز أذكياء وناضجون، ونشر خطب هتلر من باب اعرف عدوك"، كما أن قناة "cnn" نشرت أكثر من مرة مقاطع لخطب زعيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي كان يعلن الحرب نهارا وجهارا على أمريكا دون تمييز بين مدني وعسكري... إننا في قرية إلكترونية متشابكة، ولهذا وجب على الجميع الحذر، استقرار البلد أمر غال على الجميع واحترام قانون الصحافة والنشر جزء من الخوف على استقرار البلد. الرحمة جوهر القانون، ولا يستخدم القانون بقسوة إلا غليظي القلب.