يحكى ان ذئبا يدعى "علي ", معروف بذكائه وحنكته في التعامل مع باقي الحيوانات الاخرى , وخاصة الاصغر منه حجما و اقل فطنة , استطاع وبطرق غير شرعية امتلاك ارض شاسعة , غرس بها كل انواع اشجار الفواكه الشهية , ولما نضجت هذه ألفواكه , لاحظ انها تقتطف وتسرق وبطرق ذكية مثل ما يسرق المال العام بوطننا الغالي , فأقام الليل ليس مصليا , بل مراقبا وحارسا اشجار ضيعته , فلما اتعبته الحراسة بدون امساك اللص الجاني , عاد الى جحره لينام بعض الليالي , بعد ان اضناه السهر , بغية استرجاع لذة النوم والكرى , لكنه يفاجأ في الايام التي استراح فيها , الى سرقة ما تبقى من الفواكه الناضجة .الشيء الذي اثار قمة الغضب والحنق في نفسه , لسببين رئيسين : اولا : لكون منتوج ضيعته يسرق ويستغل , وثانيا : لعدم قدرته القبض على المجرم مرتكب الكبيرة اي السرقة الموصوفة .فقرر استعمال كل قواه العقلية الفكرية : مثل ما يفعل بعض حكامنا اليوم اصحاب القرار والتدبير المتواصل , حين يكبر الخطب ويهول الامر - وسهر الليالي باحثا عن انجع السبل لإسقاط المجرم في فخ من فخاخه التي تنطق بها ألسن كل الامازيغ والعرب والأعراب وحتى العجم من الغرب الى بلاد ساسان ... ولقد ذكرني السيد اشن (الذئب بالامازيغة ) بحكومتنا الراهنة حين تبحث عن المفسدين في المال العام , الكبار الحقيقين , والموظفين الاشباح الذين يخاف منهم اقتصادنا الوطني الذي نسمع جميعا بكاءه وعويله عندما يقتربون منهم لقطفه وامتصاصه ... فان اشن "علي" الذي نتحدث عنه الان , ليس كباقي اشان (ذئاب )المغرب الموجودين في جل ترابه , ولكنه قرر ان يبني كمينا رائعا , يجد الجاني فيه حيا يرزق , في حالة تلبس واقعية لا غبار عليها , وإذاك سيحاكمه طبقا لفصول دولة الحق والقانون والدستور والديمقراطية ... وضع السيد اشن "علي" بالقرب من باب ضيعته بعض الفواكه اللذيذة متتابعة على شكل خط مستقيم يصل الى بركة ماء عين عذب داخل ضيعته . ومن جهة اخرى اوجد نفس الفواكه متراصة تنتهي بفخ حديدي صلب , فوقه كمة او كمتين من التبن الاصفر اللامع , تجعل الزائر يفضل النوم فوقها بعد ان ملأ بطنه بالطعام الشهي . وفي الصباح الموالي لعملية نصب الفخ الحديدي , زار ذئبنا "علي " ضيعته , وبالقرب من بابها لاحظ بقايا بعض الفواكه والنمل فوقها يقتات منها , وتابع مسيره باحثا عن مرتكب الكبيرة , ليجد فوق التبن المبعثر في كل جانب ذئبا اخر , بين الحياة والموت , وقد مزق الفخ الحديدي امعاءه ومعدته , وهو يئن انينا مؤلما , اقترب منه زميله علي , واخذ يتحدث معه وينصحه قائلا : يا اشن باسو , لما وجدت الفواكه موضوعة واحدة بجانب الاخرى من باب الضيعة الى العين الجارية , ومن العين الجارية الى مكان التبن المريح , كان عليك ان تتساءل : من وضع هذه الفواكه بهذه الطريقة وبهذه الحيلة ؟ سكت المجرم برهة ثم نطق بصعوبة قائلا : من فضلك من وضعها بهذا الشكل يا سي "علي" ؟ وضعها اشن اخر اسمه " علي"اسي باسو !!! . وحبذا لو استطاع الذئب " علي" الموجود الان في حكومتنا القبض على الذئب باسو المفسد سارق المال العام ,وعلى الذئب الشبح الذي ينهش الوظيفة العمومية , لوجد شبابنا وظائف مريحة , ولكف المعطلون عن الاعتصام والوقوف امام مقرات الوزارات وأماكن القرار والتسيير والتدبير والتبذير ايضا , الم ير اصحاب الكعك والشكولاطة الباهظة الثمن والتي تقدم في اهم دواليب الوظيفة العمومية , ان هناك اطفالا يموتون من الجوع و البرد في انفكو , وايت سخمان وايت عطا , وايت مصاد وايت اعتاب ... وفي الشمال والجنوب والشرق والغرب يمشون عراة حفاة الى مدارس الية للسقوط , يلجؤون - وخاصة الاناث منهم - الى خلف بعض اشجار البلوط التي اصبحت كمراحيض مؤقتة بعيدا عن رؤية استاذهم المنفي هو ايضا في هذا الواقع المزري المخيف . الى متى سنتعفف ؟ , ونرى كبار الحكام في بلدنا يتنازلون عن جزء من رواتبهم الكبيرة الى الضعفاء والمحتاجين واليتامى والأرامل ...فمثل هؤلاء كبروا وترعرعوا بين احضان الفكر الامبريالي البيروقراطي الرجعي , الذي لا يهمه سوى جمع المال وتكديسه , واستغلال الانسان البسيط الساذج , ولا يعرف اي شيء عن السيرة النبوية و سير السلف الصالح امثال : ابي بكر الصديق , والفاروق عمر بن الخطاب , وعثمان وعلي بن ابي طالب كرم الله وجه , وعمر بن عبد العزيز... فاغلب هؤلاء الحكام المسيرون ندامى مدمنين علي النبيذ الغالي في الليالي الحمراء , ينفقون المال الحرام في اشباع شهواتهم وغرائزهم الحيوانية , على اجساد فتيات فقيرات لا حول لهن ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ... فأصبحنا اليوم نرى مهرجانات الرقص وتلويك المؤخرة وتحريك الصدر فرادى او جماعات واقفين او واقفات ,بلباس مختلط , وتبرج سافر حتى اصبحت لا تميز بين الفتى والفتات , في اعتقاد خاطئ : اننا نساير الركب الحضاري المعاصر , بينما الحقيقة عكس ذلك , نحن في حاجة ماسة الى ثورة فكرية تطهرنا من : بقايا الفكر الاستعماري الاستلابي , الذي يسعى كل حين الى طمس هويتنا المغربية ,وتفكيك اصالتنا العريقة , واخذ الحذر من الغزو التكنولوجي الهدام المشجع الى التعاطي للأفلام الجنسية الخليعة المكبوتة عن طريق استعمال الانترنيت ذات الابعاد السلبية , والى تشجيع الحرية الفردية المفردة المؤدية الى الزواج الشاذ الذي غزى كثيرا من الدول , التي تدعي انها قطعت اشواطا مهمة في الحريات والتمدن والتحضر ... اتمنى ان يدرك اشن "علي" المعاصر مواطن الضعف الذي يتخبط فيه اشن "باسو" .حتى نتفهم ونعي الهاوية الي تنتظرنا في العقود من السنوات المقبلة . محمد همشة . اكادير في : 28/04/2013.