الملك المفترس...كتاب في أرقام "le Roi prédateur"هذا الكتاب صدر في مارس عام 2012،يترجم بصيغ مختلفة إلى اللغة العربية،منها الملك المفترس،الملك المستحوذ،الملك الملتهم...وفي كل الأحوال فإن المعنى يبقى واحدا،الكتاب من نشر مطابع le Seuil الفرنسية،ومن تأليف الصحافيان الفرنسيان Eric Laurentو Catherine Graciet ،وهو كتاب ممنوع تداوله في المغرب،عجيب فعلا أن تمنع إنسانا من قراءة كتاب ! نختص كلامنا بداية في الأنتربولوجيا والتاريخ،فنشير إلى أن الكتاب في منحاه التحليلي العميق يتبنى الطرح الانقسامي في مجال الساسية وعرض التشكيل السياسي للنظام في المغرب،تتأكد هذه الملاحظة من خلال كتابات كل من "جون واتربوري" و"ريمون ليفي" في كتابيهما "أمير المؤمنين والنخبة السياسية في المغرب"و "الفلاح المغربي مدافعا عن العرش" من المفيد مقارنة النص الفرنسي بالنص المترجم،ونستشهد على هذا التوجه من خلال الاقتباس الموجز التالي من كتاب "الملك المفترس"،يقول الكتاب: "في المغرب يحلم الشبان ذوو الطموح وعديمو الضمير أن يلجوا عالم المخزن...في عالم حيث جميع السلطات سواء كانت تنفيذية أو تشريعية أو قضائية لا تتجاوز دور التمثيلية سيختار كل طموح التقرب من سيدنا.إنه الحاكم المطلق،وإذا نجح واحد في التسلل إلى النظام،يمكنه بدوره أن يتحكم في شبكة من الأتباع ومن المتعاونين وبكل سلطوية.ومنهم سيكون الضحايا المحتملين لتعسف هذا الطامح الجديد عندما يريد الانتقام من الاهانة التي سيمارسها عليه الملك". وجهة نظر نبيهة سديدة فعلا،نصادف مثل هذا التحليل –وإن ليس بالامكان عده انقساميا- عند كل من عبد الله الحمودي في "الشيخ والمريد"،مترجم،وأطروحة المؤرخ المغربي المنشورة بالفرنسية والمعنونة ب "الأصول الثقافية والاجتماعية للوطنية المغربية"،وايضا مؤلف "سيكولوجية الانسان المقهور" لصاحبه مصطفى حجازي. نذكر هاهنا أن غرضنا ليس تحليل ما جاء في الكتاب من نصوص ولكن سنكتفي كما يشير إلى ذلك عنوان المقال بجرد الأرقام المتضمنة فية، وهي بقياسات مختلفة نقدا ومساحة ومعاملات ،بل وحتى في ميدان السلطة الرمزية والدينية، وقد رأينا أن نصنف العمل في بابين،كما يأتي: باب الأرقام - تخلف المغرب في التنمية البشرية من الرتبة 114 إلى الرتبة 118،ما بين عامي 2010 و 2011،ونفس التراجع عرفه في ميدان الديمقراطية وحرية الصحافة،والأمن من الخوف والجوع. - تستنزف ميزانية القصر 7 مليون درهم يوميا ،أي 700 مليون سنتيم - أغلب أموال صندوق المقاصة تلتهمها شركات الهولدينغ الملكي ،وصلت نفقات هذا الصندوق سنة 2011 إلى أكثر من 45 مليار درهم ،تدفع من أموال دافعي الضرائب - إلى حدود اليوم،يستفيد القطاع الفلاحي من الإعفاء الضريبي،طبعا ليس رأفة بالفلاحين ،خصوصا الصغار والمتوسطين منهم،بل لأن العاهل هو الفلاح الأول في المغرب. - سنة 2010،نشرت مجلة فوربس الأمريكية،أرقاما أشارت بموجبها إلى أن ثروة الملك،تقدر ب 2,5 مليار درهم،وهي ضعف ثروة أمير قطر،وتفوق ست مرات ثروة أمير الكويث،مع العلم بما لهذه البلدان من ثروات ضخمة جدا،بالموازاة مع استشراء الافتراس من طرف العائلات الحاكمة في الخليج العربي. - 5 ملايين مغربي يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم،أي تحت عتبة الفقر،وقد صدر تقرير دولي مؤخرا،يفيد أن مليوني مغربي مهدد بالجوع. - المديونية العامة للدولة تصل إلى 20% من الناتج الداخلي الخام - يتلقى الملك،بموجب ميزانية القصر المنصوص عليها في القائمة المدنية أجرا شهريا يصل إلى 40000 دولار،وهو ضعف راتب الرئيس الأمريكي وأيضا الرئيس الفرنسي،وهل يمكن المقارنة بين اقتصاد المغرب،واقتصاد هاتين الدولتين؟ - تتلقى أسرة العاهل المتكونة من الأمراء والأميرات والأقارب مبلغا سنويا يصل إلى 2,5 مليون أورو. - يتلقى الملك من ميزانية الدولة مبلغ 310 مليون درهم،منصوص عليه في القائمة المدنية للقصر،قصد توزيعها على شكل هبات ومنح،للمتملقين طبعا (ما يعرف بالملكيين)،ويكرس هذا سياسة ولي النعمة وثقافة الريع(الرخص نموذجا) - يبلغ عدد القصور السلطانية 12 قصرا،إضافة إلى 30 إقامة ما فتئ عددها يتزايد،يصل عدد العاملين فيها إلى 1200 شخص،يتلقون أجورا تصل إلى مليون دولار يوميا،من هذه القصور لا يتردد الملك إلا على ثلاثة منها أو أربعة.لو تحولت هذه القصور إلى جامعات ومعاهد لتجاوز المغرب الظروف المزرية الحالية للتعليم الجامعي(أنظر رسالة العدل والاحسان المعممة مؤخرا) - ملابس العاهل تكلف مليوني أورو سنويا،وتخصص حصة مليون دولار سنويا لرعاية حيوانات القصر. - وصلت تكاليف تنقلات الملك إلى خارج المغرب عام 2008 إلى 380 مليون دولار. - مزارع الملك تقدر رسميا ب 12000 هكتار،وهي من أجود أراضي المغرب. - إذا راكمنا ميزانية التجهيز والثقافة والسكنى والتعمير والشبيبة والرياضة،فإنها لا تصل إلى الرقم المخصص لميزانية القصر. - في سنة 2008 كلفت تنقلات الملك داخل البلد ميزانية وصلت إلى 380 مليون درهم قصد تدشين الخيريات ودور العجزة والمساجد. مع انطلاق الخوصصة في المغرب،اشترى الملك الشركات العمومية،عن طريق "أونا" التي اشتراها سنة 1980،وبواسطتها تم اقتناء شركات استراتيجية لعل أهمها "المركزية للحليب" "شركة لوسيور كريسطال" و "شركة السكر كوسومار". - بين 1980 و1985 تضاعف رقم معاملات "أونا" ست مرات. - هذه المجموعة تضم 43 شركة ،معظمها يستفيد من دعم الدولة حتى خارج صندوق المقاصة. - قطاع المتاجر الكبرى، يمثل 25% من حجم المبيعات الاجمالية، بالإضافة إلى كونها آلة لضخ السيولة تقدر ب 7 مليار درهم. - أنس الصفريوي مالك " شركة الضحى" المتخصصة بالقوة في السكن الاجتماعي،يقال إنه رجل عادي وضعه المخزن كواجهة لتحصيل أموال العقار،وعلى أي فثروة هذا الرجل العادي تصل إلى 2,3 مليار دولار. - شركة الضحى اقتنت حديقة الحيوانات بالرباط،بمبلغ 820 درهم للمتر،في الوقت الذي يصل فيه السعر الحقيقي إلى 20000 درهم،ناتج هذا الافتراس عن عدم فتح العروض كما هو معمول به في الدول الديمقراطية. - وصل رقم معاملات الشركة المستغلة لمنجم "إميضر" قرب تنغير إلى 654مليون درهم،منذ مدة وسكان المنطقة في انتفاضة متواصلة بفعل الاضرار الجسيمة الملحقة بهم. باب المختلفات - اعتمد الكتاب شهادات أربعين شاهدا،منهم من ذكر اسمه ومنهم من لم يذكر،منهم من داخل البلاد ومنهم من بخارجها،وهؤلاء على اطلاع جيد بقضايا الافتراس داخل المملكة الشريفة. - "الحبة والبارود من دار المخزن" مثل راسخ في الذاكرة الجماعية للمغاربة،ولعله يشير ببساطة إلى الاستبهام الذي يتعرض له المجتمع،خاصة من الناحية المادية،أنظر مثلا الأموال التي خصصت لتنظيم كأس العالم 2010،والأموال المخصصة لجمعية "12 قرنا على تأسيس مدينة فاس"،إن هي إلا أساطير الأولين،وليس إلى التاريخ في شيء. - رجال المخزن لهم مهمتان:الطاعة العمياء للأوامر،وإطلاق العنان لتلبية رغبات شخصية العاهل. - معظم مسيري شركات الهولدينغ الملكي،تلقوا تكوينا أكاديميا في المدارس العليا الفرنسية،خاصة منها "البولتكنيك"و "السنترال". - صندوق المقاصة بالامكان إصلاحه عن طريق آليات عدة:فمثلا وصلت مصاريف الصندوق إلى 45 مليار درهم،يقدر عدد السكان الفقراء بالمغرب ب "5ملايين شخص" الدعم المباشر سيكلف فقط 12 مليار درهم بمبلغ 1000 درهم للشخص شهريا،أي أن الصندوق سيحتفظ بمبلغ 33 مليار درهم،فرق كبير طبعا. المصطفى أيت يدير أستاذ التاريخ والجغرافيا [email protected]