اليوم كثير من الشباب ابتعدوا عن المنهج القويم و الطريق المستقيم، و تقاذفتهم رياح الدنيا الفانية وفتحت لهم ابوابها على مصرعيها، حتى اصبحنا نرى ان الدنيا هي همهم الوحيد و شغلهم الشاغل، و صاروا لايشغل بالهم الضيق الا المال و جمعه باية و سيلة كانت ، فنضبت المياه ، ، وأجدبت الأرض ، لأن كثيراً منهم ابتعدوا عن طريق الهداية والصواب .فكيف السبيل لارسال القطر و نزول الغيث؟ يقول الله تعالى في محكم تنزيله:« وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ» [ النحل112 ] ، وقال عزوجل: «لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ » سبأ15 . هذا دليل أن غفلة الإنسان المسلم عن أهمية الغيث ،واستمراره في غيه، وعدم مبالاته بالاعمال التي يقوم بها، له عواقب وخيمة على الانسان كانسان، و كذا على الثروة الحيوانية و النباتية، و المحاصل الزراعية. كما ان هناك علاقة بين امساك القطر و الظلم بكل انواعه اذا ساد في الارض و هذا مالا ترضاه السماء. فيغير الله سبحانه و تعالى النعم نقما ،والخيرات إلى حسرة وضيق،والعزة إلى ذل ،و هذا ما تعاني منه بلادنا هذه الايام فقد ظهر الفساد في البر و البحر بما اقترفته ايدي الناس، و لان الوضع على هذا الحال، فان أكثر الناس لا يقدرون هذا الوضع ويصرون، و كانهم لايفعلون شيء في هذه الحياة،مع ان المدينة و البادية في حاجة ماسة لنزول الغيث ، ففي المدينة له علاقة وطيدة مع ارتفاع اسعار المنتوجات بجميع اشكالها والحركة الاجتماعية. في حين تعاني البادية الجفاف دبول النباتات تراجع المحاصيل الزراعية وارتفاع تسعرة علف المواشي....الخ. ولعدم تعاون وتآزر المدينة و البادية، اذ نجد فرق كبير بين هذين القطرين في مجال التعامل مع ظاهرة امساك القطر، و نتيجته عدم مشاركة البعض للبعض الاخر في مصائبهم وعدم مبالاتهم، وهذا يعد من مقدمات امساك الله تعالى للقطر،كما ان هذا قد يدفع الى عدم اجتماع كلمة الامة، والى تفرقها وعدم التئام شتاتها ، فهذه ليست الغاية التي لاجلها خلقت ، وليست كما أراد منها نبيها صلى الله عليه وسلم، اذ يقول عليه ازكى الصلاة و التسليم : " مثل المؤمنين في توادهم وتلراحمهم كمثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ". و الجدير بالاشارة ان بلدنا الان تفوح منه روائح العناد والاصرار على عداوة الله سبحانه، اذ نجده يتعامل بالربا ليل نهار وهذه محاربة لله ، بالاضافة الى تفشي الرشوة و المحسوبية، كما ان هناك اكل مال الناس بالباطل ظلما وعدوانا. و الحالة هذه يتبادر الى الذهن سؤال، هل سيفلح الانسان الذي اعلن الحرب مع خالقه ورازقه و الذي يرسل عليه السماء مدرارا؟ وختاما لما سبق ذكره فما اعظم الانسان اذ يعترف بذنبه و معصيته بينه و بين نفسه، ويكثر من الاستغفار لاننا احوج ما نكون في هذه الاوقات الى ان نستغفر ربنا و نطلب منه الغيث، لكي تعود البسمة على الوجوه و الحياة الى القلوب ،وتعود بدورها الى الحيوان و النبات. اذن فما اجل و اعظم الاستغفار و ازكى اثاره. و خير ما نختم به كلامنا، هو قوله عز وجل عن نوح عليه السلام « فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً » [ نوح 10- 12.